عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    نتنياهو: "إغتيال خامنئي سيُنهي الصراع".. #خبر_عاجل    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    حالة الطقس هذه الليلة    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    تظاهرة يوم الابواب المفتوحة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة .. فرصة للتعريف ببرنامج التكوين للسنة التكوينية المقبلة وبمجالات التشغيل    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    مصدر أمني إسرائيلي: إيران بدأت باستخدام صواريخ دقيقة يصعب التصدي لها    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاص : "الصباح نيوز" تنشر تقريرا مفصلا حول التيارات السلفية وتفريعاتها ومعاقلها في تونس...
نشر في الصباح نيوز يوم 23 - 05 - 2013

ادلى، المحلل السياسي المختص في الأحزاب السياسية والحركات الإسلامية، والمستشار السياسي و الإعلامي لوزير الشؤون الدينية ،علي عبد اللطيف اللّافي ، بحوار لل"الصباح نيوز" حول واقع التيارات السلفية في تونس ومصيرها.
وقدم علي اللافي تحليلا مفصلا للجماعات السلفية وانقساماتها في تونس في الحوار التالي:

-هل يمكن تحديد بداية نشوء وظهور التيار السلفي في تونس؟
عمليا لم يظهر التيار السلفي في تونس واقعيا قبل نهاية تسعينات القرن الماضي، رغم رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي أرسلها لعلماء تونس في القرن التاسع عشر والتي رفضوا مضمونها و ردّوا عليه في أكثر من مرة، وقد بدأ التيار السلفي في الظهور نتاج عوامل متعددة لعل أهمها عودة الذين درسوا وعملوا في الخليج بداية من سنة 1998 على غرار الشيخ الخطيب الإدريسي (تلميذ ابن باز) وعودة بعض مواطنينا بالخارج الذين تعرفوا على قيادات التيار السلفي في أوروبا، إضافة إلى فشل سياسة تجفيف منابع التدين في محاصرة الصحوة الإسلامية باعتبارها أمرا واقعا في البلدان العربية ونتاج التطورات الإقليمية والدولية (ترتّبات حرب الخليج الثانية - ظهور تنظيم القاعدة و بداية الخلاف الفكري والمنهجي بين المدرسة السلفية والمدرسة الإخوانية.....).
-هل يمكن الحديث عن تيّار سلفي موحد في تونس، وإذا لم يكن كذلك فما هي أهم مُكوناته؟
الحديث عن السلفيين بمختلف مُكوّناتهم التنظيمية مسالة معقدة منهجيا وعلميا نظرا لطبيعة التطور الفكري والتنظيمي باعتبار أن مكونات التيّار هيتشكيلات متطورة ومتداخلة والحديث عن تنظيمات متناسقة ومهيكلة التكوين مُجانب للحقيقة ، اذ لابد من التأكيد هنا أنّ السلفيين يتطور وجودهم وفقا لتطورات الأحداث وطبيعة النظام السياسي القائم.
لنبدأ بالتيار السلفي الجهادي، هل هو تنظيم واحد مُوحّد أم أن ّله عديد المكونات وما الفرق بينها؟
يؤمن هذا التيار بأفكار تنظيم "القاعدة" و يتبنى أطروحاتها وفتاوي زعمائها(بن لادن– الظواهري – الزرقاوي- أبو مصعب عبد الودود) ومنظريها (المقدسي – ابو قتادة...) وكل ذلك يتم بغض النظر عن طبيعة العلاقة التنظيمية بها وبقيادتها التاريخية والقريبين منها إقليميا ( تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي) ، وتنحدر معظم عناصرهم من الأحياء الشعبية بالعاصمة (دوار هيشر – واد الليل - التضامن – المروج - الكرم) وولايات بنزرت وسيدي بوزيد ومدنين وجندوبة ويتشكل أنصار التيار في أربع مجموعات.

ما هي هذه المجموعات أو التيّارات الأربع المشكلة للتيار الجهادي في تونس حسب ما أكدتم؟
التيّارات الأربع تشكلت واقعيا مع تطورت الأحداث قبل وبعد الثورة وهي عمليا:
-تيار رئيسي وأغلبي عدديا من حيث ولاء أغلب السلفيين الجهاديين له مقارنة ببقية المجموعات، يقوده سيف الله بن حسين (أبو عيّاض) وله تواصل تشاوري وأبوي مع بعض شيوخ السلفية في تونس على غرار خطيب الإدريسي وتنشط بعض عناصرهم من خلال "أنصار الشريعة" كواجهة إعلامية وقد عقدوا باسمه مؤتمرين في كل من سكرة سنة 2011 والقيروان سنة 2012 بينما حدث الاشكال مع الحكومة الحالية في المؤتمر الثالث والذي كان مزمع انعقاده في القيروان، وهو تيّار له عديد الارتباطات في الداخل والخارج ومعقد التكوين تنظيميا ويُناور في تبني مقولة "تونس أرض دعوة وليس أرض جهاد".
-تيار أبو أيوب (سليم الفندري) وهو مُنشقّ عن التيّار الأوّل و له أنصار في العاصمة وبعض الولايات، ولكنّه انحسر تنظيميا بعد الثورة وشقته خلافات عديدة واتهمت بعض عناصره بالولاء والارتباط بقوى خارجية وأجهزة مخابرات داخلية وخارجية وقد حكم على زعيمه في الفترة الماضية نتاج أحداث العبدلية بعد اتهامه بممارسة العنف والدعوة إليه ويتهم زعيمه بالولاء لقوى خارجية من طرف خصومه السلفيين وبسوء التصرف المالي من طرف البعض الآخر.
-مجموعة أبو إسحاق وهي مجموعة صغيرة تبنّت بعد الثورة مباشرة مقولة "تونس أرض دعوة وليست أرض جهاد"، و أصبحت اقرب للتيّار السلفي العلمي من حيث مقولاتها ونشاطها وهي مغيبة إعلاميا منذ مارس 2012.
-تيّار رابع مُتشدد دينيا وعُنقودي التكوين ولا يظهر إعلاميا، له علاقات لوجستية بالجماعات المتشددة في الجزائر و تقف عناصره وراء أحداث "الروحية"(ماي 2011) و"بئر علي بن خليفة" (فيفري 2012) و فرنانة (ديسمبر 2012) وهي المتورطة عمليا في أحداث الشعانبي وهي عبارة عن مجموعات ذات ارتباطات مع عصابات التهريب ولها قدرة على التوظيف والمناورة والتخفي ولكنها عمليا قابلة للاختراق والتوظيف في كل الاتجاهات كما أنه متشابك تنظيميا مع المجموعتين الأولى( أبو عيّاض) والثانية(أبو أيّوب) من حيث العلاقة التاريخية بين العناصر المكوّنة للمجموعات الثلاث.
بعيدا عن التقسيم التنظيمي، هل يمكن تقسيم التيار الجهادي إلى تقسيم منهجي أقرب للواقعية يسهّل على القارئ التونسي فهم طبيعة هذا التيار؟
أرى شخصيا أن السلفية الجهادية في تونس وبحكم التداخل بينها والتواجد الميداني يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام بغض النظر عن التقسيم التنظيمي:
- سلفيّة جهاديّة معتدلة تنأى بنفسها عن العنف وتميل إلى التوازن في سلوكها ومجموعة أبي إسحاق أقرب إلى هذا التصنيف و مجال نشاطها بعض المساجد في رادس والمروج و بومهل وتميل إلى البعد الفكري والتثقيفي.
- سلفيّة جهاديّة متشدّدة يغلب عليها الحماس والغلوّ والغلظة وسوء التقدير، وهناك تفاوت بين أجنحة "أبو عياض" و "أبو أيوب" و "مجموعة الجزائريين" (القريبين من الجزائري أبو مصعب عبدالودود).
- سلفيّة جهاديّة زائفة مخترقة تحت الطلب صنعتها دوائر الفساد المالي والإجراميّ والأمني والمخابراتي، وهي عمليا ميّالة إلى التشدّد والغلوّ وليس لها من السلفيّة إلاّ المظهر المخادع وهو ما أثبتته التحقيقات الأخيرة في قضية مقتل السياسي شكري بلعيد وأحداث العبدلية وحتى أحداث الشعانبي، وأرى أن هذا الاتجاه من حيث علاقة عناصره بعناصر إجرامية وركوب موجته المُوجّهة إعلاميا في عديد المحطات.
وفي القسمين الأخيرين من "السلفيّة الجهاديّة" يكمن المشكل والخطر على أمن تونس و استقرارها، فهذان النوعان هما الأكثر استعدادا للانجرار إلى العنف والجريمة، الأوّل بغلوّه وتنطّعه وتعجّله وسذاجته وانعدام الحكمة لديه في فهم مصلحة تونس وشعبها، والثاني بطبيعته الإجراميّة أصلا وبزيف انتمائه إلى التيّار السلفي الجهادي وارتهانه لصانعيه الفاسدين المتآمرين والذين يتزعمون فعليا الثورة المضادة وهو ما أثبتته المحطات السياسية على مدى سنتين بعد ثورة 14 جانفي.
وما هي مكونات التيار السلفي غير الجهادي؟
إذا ما أردنا الحديث عن بقية مكونات التيار السلفي في تونس فانه مثله مثل بقية البلدان العربية وبحكم تطورات عرفتها المنطقة العربية منذ حرب الخليج الثانية، ينقسم هذا التيار الى تيار سلفي علمي وتيار سلفي إصلاحي وتيار سلفي مدخلي، وهنا لابد من التفريق النظري والواقعي بين هذه المكونات:
السلفية العلمية هي أحد فصائل التيار السلفي و فصيل سلمي يحمل أطروحة دعوية وعظية بالأساس ويركز دعاتها جهودهم على الجوانب الفقهية والعقائدية وطلب العلوم الشرعية وهم في ذلك متقيدون بالمراجع السلفية العلمية كمصدر وخاصة بالمؤسسة الدينية في السعودية، ظهر هذا التيار في تسعينات القرن الماضي واجتهدوا في تبليغ أفكار السلفية العلمية في صفوف الشباب وازداد انتشاره بفضل الفضائيات وشبكة الانترنت. وعمليا في تونس تعتبر السلفية العلمية هي التيار الغالب على بقية المكونات و تتواجد في سوسة والعاصمة أساسا، ومن أبرز الوجوه المعروفة الشيخ "البشير بلحسن".
الإصلاحيون أو السّروريون، و أصل التسمية الثانية "السروريون" تعود إلى مؤسس التيار "سرور زين العابدين"(داعية سوري عاش في السعودية ودرّس هناك)، و تم إطلاقها أثناء حرب الخليج الثانية و في تونس لهذا التيار بعض الأنصار (قابس - سوسةصفاقس -أريانة – الضاحية الشمالية للعاصمة)، و لكنّهم إجمالا عتاصر قليلة.
الجاميون أو المدخليون: و هم ينتسبون ل"الجامية"(نسبة للشيخ الارتري الأصل محمد أمان الله الجامي) أو "المدخلية" (نسبة لربيع المدخلي)، و تتكوّن في تونس أساسا من بعض العناصر الذين يرفضون الاشتغال بالسياسة، و عمليا ليس بين هذا التيار ارتباطات تنظيمية كما لا توجد له زعامة موحدة بل زعامات كثيرة متنوعة يتقارب بعضها ويجتمعون في بعض المسائل ويحصل بينهم افتراق واختلاف أحياناُ وقد يصل إلى حد القطيعة، وإنما يجمع هذا التيار تشابه المنهج في التعامل مع المخالف ومحاولة احتكار التسمية بالسنة والسلفية وتضليل بقية التيارات و لهذا التيار موقف متشدد من العمل السياسي والحزبية والانتخابات والتقارب مع الآخرين، كما أنه مغال في ما يسمى طاعة ولي الأمر، و في تونس تتواجد بعض عناصره في العاصمة (رادس – باب الجديد – المنيهلة ... ) و المنستير و القيروان .

وماذا عن الأحزاب السلفية المُقننة التي تقدمت بمطالب لأحزاب سياسية وتم الترخيص لها، وما هي طبيعتها الفكرية والسياسية؟

فعلا شكل بعض السلفيين أحزابا وحاولوا النشاط من خلالها و هذه الأحزاب هي:
حزب جبهة العمل و الإصلاح: هُو أوّل حزب سلفي في تونس، وهو تواصل لتجربة تنظيم "الجبهة الإسلامية" (بقيادة محمد علي الحراث) في تونس والتي ظهرت منتصف ثمانينات القرن الماضي، و قد شنّ نظام الجنرال المخلوع حملة اعتقالات عليها سنة 1989، يرأسه حاليا الجامعي محمد خوجة وللحزب أنصار في صفاقس والعاصمة (حي التضامن أساسا) وسليانة.
حزب الأصالة: تأسس سنة 2012، وهو حزب سلفي جديد و صغير الحجم ( من حيث عدد المنتمين عليه)، يرأسه علي المجاهد ( شخص عاش في فرنسا و أفغانستان وغريب الأطوار من حيث مساره التاريخي وعلاقته في فرنسا وبعض البلدان الأخرى) تتراوح مواقفه في الفترة الماضية بين الثناء على الحكومة وانتقادها ( تم منع أحد ضيوف الحزب من الخارج) وتتواجد عناصره في مدنين و تطاوين والعاصمة.
حزب الرحمة: تأسس في بداية أوت الماضي، وهو حزب جديد وغير معروف يقوده الإمام سعيد الجزيري و الذي كان مقيما في كندا، ينتقد زعيمه حركة النهضة ويُصرّ على توظيف المساجد في العمل السياسي ويعتقد أن ذلك ضرورة منهجية للعمل "الحزبي الإسلامي" واغلب عناصر الحزب من أحياء المروج.

وما مستقبل التيار السلفي الجهادي في تونس أو بالأحرى ما هو مستقبل الجهاديين في تونس؟
عمليا كان لسياسة الحصار والملاحقة الأمنية التي مارستها حكومة الجنرال والرئيس المخلوع تجاه التيارات الإسلامية وكل المتديّنين في تونس (خطة تجفيف منابع التدين المتوخاة منذ بداية التسعينات والتي أصبحت في 2002 خطة تلويث منابع التديّن)، أثر سلبي في تنامي الظاهرة الجهادية فانخرط بعض السلفيين في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي واتجه البعض الآخر للانضواء في خلايا مستقلة وبمجرد قيام ثورة الكرامة انبرى أنصار هذه الخلايا في عمل حركي و ميداني، و قد حاول "الجهاديون" في تونس، لأول مرة بعد الثورة ونتيجة غياب البعد الاستراتيجي لديهم، جمع صفوفهم فبدأوا ببعض التحركات الميدانية والإعلامية، كما عقدوا اجتماعا عاما في جويلية 2011 بسكرة تحت يافطة "أنصار الشريعة" ، واجتماع ثان في أفريل 2012 بالقيروان كما وقفت بعض عناصرهم وراء أحداث العبدلية وأحداث السفارة الأمريكية في 14 سبتمبر 2012.
وسيتوقف مستقبل الجهاديين على دور النخب سواء كانت في الحكم أو المعارضة وخاصة بعض العلماء والأساتذة الجامعيين، فالنخب المعتدلة في تونس اليوم تؤمن بأنه من المحبّذ عقلنة التيّارالسلفي وضرورة احتوائه و ذلك من خلال الحوار لأن المقاربة الأمنية ثبت فشلها إذا ما اعتمدت لوحدها خاصة أنّ البلد ونتيجة لطبيعة الوضع الانتقالي والثوري يحتاج لإصلاح سياسي واقتصادي شامل يقطع مع الاستبداد والفوارق الاجتماعية المُجحفة التي توظّفها الجهات المدعمة للتيار في الداخل والخارج، وتحتاج كذلك إلى إصلاح ديني شامل يقطع مع الفكر الشمولي المطلق.
ومن الضروري الإشارة إلى تحركات قوى الردة في النظام السابق التي كانت ولا تزال تستعمل الفزّاعة السلفية كما أنّ أطرافا وكما سبق ذكره أعلاه تخترق التيار السلفي الجهادي وتُوظّفه لصالحها عبر توظيف أحداث في الداخل (طبيعة خطاب النخب "الحداثية") والخارج ( التطوّرات لحروب الإقليمية) وقد تواترت الروايات منذ أشهر عن أشخاص مشبوهين حاملين للّحي الاصطناعية وقع الزجّ بهم في عمليات مواجهة تمت في عديد المحطات خلال السنة المنقضية.
ورغم أن تورّط بعض السلفيين في أحداث العنف هي وقائع على الأرض ووقائع ملموسة ميدانيا،وآخرها تُوضّح معالم مشاركة و تورّط عناصر "سلفية متشددة" في الجريمة النكراء التي اغتيل فيها السياسي شكري بلعيد (بغضّ النظر عن تفاصيل الملابسات وطبيعة الجهة المخططة والمساعدة على التنفيذ والتي قد تكون اخترقت بعض الخلايا السلفية الجهادية).
لكن المعروف أن غالبية السلفيين في تونس هم من صنف السلفية العلمية الذين لا يُشرّعون استعمال العنف وهو ما يؤكد أنّ الحل الأنسب اليوم وقبل غدا هو عمل السلطة والمجتمع المدني إلى دفع السلفيين إلى إصلاح منظومتهم الفكرية عن طريق الحوار المعمق لا دفعهم إلى متاهات الراديكالية خدمة لحسابات سياسية حزبية ضيقة تقف وراءها جهات لها مصلحة في مزيد من إحداث الإرباك في أطار الثورة المضادة، إضافة إلى ضرورة فتح حوار وطني حول أبرز القضايا والمسائل التي تهم حاضر ومستقبل المواطن، ويتم ذلك بين كل الفئات الفكرية والسياسية حتّى تلك التي تُوسم بالتطرف (أيّ استثناء فقط من يستثني نفسه من الحوار)، لأنه بالحوار يصبح تفكيك الألغام سهلا، و نُجنّب مجتمعنا مزيدا من التوتر و لانّ تونس الثورة ستكون قوية بكل أبنائها.
وكيف تقرأ مستقبل الأحداث في تونس في ظل تواجد هذا التيار وعدم وجود استراتيجيا فعلية وخطة وطنية شاملة للتعامل معه؟
بناء على ما أسلفت تأكيده من معطيات وضرورات واقعية في تحليل الظاهرة السلفية في تونس، فانني أؤكد جازما أنه مع تحسّن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية فإن ظاهرة الغلو الفكري والسياسي والديني ستكون في أدنى مستوياتها ولا يجب أن نخشى من التيارات الإسلامية الراديكالية لأنه إذا توفرت فرص الحوار و المُحاججة العلمية وحريّة التعبير فإن تلك التيارات ستلجأ إما إلى التعقل والتسامح والتعايش، شأن الغالبية العظمى من التونسيين عبر تاريخهم الطويل، أو أنها ستعزل نفسها وتتقلص قاعدتها الاجتماعية.
إن مقومات نجاح التجربة الديمقراطية التونسية عديدة لعل أبرزها التجانس العرقى واللغوي والديني، يضاف إليها مجتمع مدني يزداد قوة يوما بعد يوم وبالتالي وجب المحافظة على هذه الميزة ففي ذلك ضمانة لحماية تونس من كل تطرف.
في الأخير، و بحكم متابعتكم المُستمرّة لأنشطة التيّار السلفي، ماذا تستقرأ في أبعاد ملف السلفية الجهادية في تونس؟
يُمكن القول أنه لا مستقبل للجهاديين على المدى البعيد لطبيعة المجتمع التونسي وطبيعة تطوره التاريخي ومكاسبه الحضارية المتراكمة، على أن آفاقه ترتبط بفعل القاعدة على المستوى الإقليمي وخاصة في الجزائر ومالي وليبيا، و يمكن رفع التحدي الذي يمكن أن يُسببّه هذا التيار الجهادي عبر الممارسة الديمقراطية ونجاح الثورة التونسية في تحقيق أهدافها واستكمال مهامها والنجاح في الوصول إلى الانتخابات القادمة وفتح باب النقاش على مصراعيه عبر الندوات والأدبيات التقويمية للتجربة الإسلامية التونسية ومناقشة أطروحات الإسلاميين في كامل العالم العربي، بما فيها أطروحات السلفيين والقاعدة بالخصوص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.