أعلن حمة الهمامي الناطق الرّسمي باسم الجبهة الشعبية مؤخرا عن إطلاق مبادرة تعرف بالائتلاف الوطني للإنقاذ تهدف إلى مساعدة البلاد من الخروج للزمة من الأمنية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. ويبدو ان هذه المبادرة ستلقى الرواج بالنظر إلى أن الناطق الرسمي لحزب المسار سمير الطيب أعلن عن استعداد حزبه للانخراط فيها هوما يؤشر لحصول اصطفافات أخرى قريبا. ولكن يبقى السؤال الجوهري في هذه المسالة : هل يقتضي الوضع الراهن "تشتيت" الجهود على حد تعبير البعض والانسياق وراء تثبيت مبادرات جديدة في حين كان يجدر العمل على تفعيل توافقات قصر الضيافة أو تلك المنبثقة عن الاتحاد العام التونسي للشغل. للخروج من عنق الزجاجة يرى عضو المجلس الوطني التأسيسي عن التحالف الديمقراطي محمود البارودي أن الوضع الراهن لا يستحق مثل هذه المبادرة إذ لابد من إيجاد آليات لتفعيل التوافقات النهائية المنبثقة عن الحوار الوطني سواء تلك التي تخص قصر الضيافة أو المنطوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل .وأضاف البارودي انه يخشى أن تقف وراء هذه المبادرات حملة انتخابية لان المبادرات موجودة مشيرا إلى أن تعدد المبادرات لا يجدي نفعا ويبقى الحل في تفعيل التوافقات الحاصلة مشيرا إلى أن هذه التوافقات لا بد أن تكون عبر الدستور لأنه الوحيد القادر على إنقاذ البلاد في هذه المرحلة. كما يعتبر هشام حسني عضو المجلس الوطني التأسيسي انه من الضروري تفعيل الحوار للوصول إلى توافقات بشان مقاومة العنف والإرهاب موضحا انه ضد هذه المبادرة استنادا إلى آن مصلحة البلاد تقتضي تفعيل الحوار الوطني وبلوغ التوافقات لجميع بنود البيان الختامي للحوار الوطني يوم 16 ماي. من جهة أخرى اعتبر المحلل السياسي اسكندر الفقيه أن هذه المبادرة ليست في محلها خاصة ان إطلاق أي مبادرة يستدعي الإعداد الجيد لها حتى يتسنى أن تكون فعالة وإلا فإنها ستكون مضيعة للوقت موضحا أن بعث "قناة" أخرى للحوار سيسهم في تشتيت الجهد وإضاعة الوقت. وقال الفقيه في هذا الشأن :"يستحسن أن نتشبث أكثر بالحوار الذي أتى أكله في عديد المسائل التي كانت عالقة في الدستور إذ ساهم هذا الحوار ولو نسبيا في تجاوز بعض الإشكاليات" . صراع الدّيكة والحسم الشعبيّ لئن يعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي طارق بلحاج محمد أن هنالك حاجة أكيدة لإحداث هذه المبادرة في ظل غياب رؤية اقتصادية وسياسية واجتماعية واضحة فضلا عن بروز انقسام داخل الطبقة السياسية والذي بدا كأنه انقسام أبدى على حد تعبيره, فانه أبدى بدوره تحفظا بشانها. وأوضح في هذا السياق أن المبادرات تتطلب شخصيات جامعة وقوية وتوافقية بمعنى ألا تكون لها مرجعيات إيديولوجية وهي شروط لا تتوفر في حمة الهمامي الذي ولئن يحترم لشرفه السياسي لكن لا يجمع عليه باعتباره شخصية لا تحظى بإجماع في الساحة السياسية. وأضاف بلحاج محمد أن الائتلاف الوطني للإنقاذ المزمع تكوينه هو قائم على مستوى الواقع الاجتماعي بمعنى أن طيفا واسعا من الرأي العام يتجه باستمرار في اتجاه الدفاع على تونس وعلى استحقاقات الثورة. و تساءل المتحدث في نفس الاتجاه : كيف ندعو إلى ائتلاف وطني للانقاذ بنفس الأدوات؟ مضيفا أن هذا الائتلاف الذي يراد بعثه موجود في المجتمع من خلال تحركات المجتمع المدني والجمعيات والنقابات ..مبينا ان تونس اليوم هي على صفيح ساخن ولا تحتمل المزيد من المناورات والمبادرات السياسية التي هي خاوية من كل محتوى جدي لاسيما ان ايقاع تحركات الطبقة السياسية لن يذهب بعيدا بما انهم فقدوا صلتهم بمن انتخبهم. وقال في هذا الإطار :"أصحاب السياسات والزعامات الصغيرة غير قادرين ان ينزعوا الفتيل القائم ,ليس كونهم تعوزهم النية أو الإرادة وإنما ما يحدث اكبر منهم ماداموا مستمرين بنفس السياسة". واعتبر المتحد ث ان الحل ليس بيد السياسيين لانهم عبروا منذ سنتين عن مستواهم اذ يبدو ان صراع الديكة أبديّ وإنما بيد المجتمع المدني والشعب الذي سيتحرك حتما لانقاذ وطنه. إنقاذ تونس في المقابل يعتبر زياد الأخضر الامين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أنه لا علاقة بين توافقات الحوار الوطني ومبادرة الإنقاذ لتي تقدمت بها الجبهة الشعبية موضحا أنها المبادرة جاءت من منطلق أن الوضع في تونس دقيق وخطير وقد يشهد منزلقا خطيرا موضحا ان الجبهة الشعبية من خلال قراءتها السياسية لخطورة الوضع الحالي اقترحت على مختلف الفئات ائتلافا وطنيا لحماية تونس وحددت 3 محاور أساسية سيقع تناولها وهي : العنف والإرهاب والمناخ السياسي العام ثم الوضع الاقتصادي والإجراءات الاقتصادية العاجلة وهي مبادرة مفتوحة لجميع القوى التي ترى نفسها قادرة على التفاعل. وأضاف الأخضر انه بهذا المعنى نتحدث عن إنقاذ تونس وبالتالي لا علاقة له بالتوافقات المنبثقة عن الحوار الوطني وإنما هي دعوة لتشكيل ائتلاف سياسي واسع يضمن تامين تونس من المخاطر التي تتهددها.