8آلاف مريض جديد زاروا "الرازي" في سنة بينهم 5 آلاف امرأة بعد الثورة أصبح مستشفى الرازي للامراض النفسية والعقلية يكتشف أنواعا جديدة من المرض، اصطلح على تسميتها "بأمراض الثورة" وهي الحالات النفسية المرتبطة بأي تغيير، مثل أعراض "كرب ما بعد الثورة" وغيرها وقد أجرى المستشفى المذكور الذي يفتح أبوابه لجل الولايات خلال 2011 ما يفوق 138 ألف عيادة وقد تطور العدد في السنة الماضية الى 150 ألفا، فضلا عن أن معدل المرضى الجدد الوافدين في عام قد تجاوز 8 آلاف مريض الا أن الملاحظ في ذلك (ومن خلال دراسة أجراها قسم الدكتورة ريم غشام) هو تطور عدد النساء مقارنة بالرجال اي ان الاختلاف بين سنتي 2012 وكذلك السنة الحالية مقارنة بسنة 2011 وكذلك الاعوام التي سبقت الثورة هو ارتفاع عدد النساء المرضى اللاتي أصبحن يزرن المستشفى فمن مجموع 8 آلاف مريض جديد هناك 5 آلاف امرأة.. كما أن معدل الأعمار 43 سنة فضلا عن أن 27% من النساء يعانين الاكتئاب تغير المعطيات.. والأرقام وبالاضافة الى ان عددا هاما من النساء المرضى اعمارهن في حدود 35 سنة فإن جلهن موظفات حيث تقول الدكتورة ريم غشام: "قبل الثورة كانت النساء الوافدات على المستشفى جلهن من سيدات البيوت، لكن بعد الثورة تغير الوضع وأصبحت المرأة العاملة تمثل الرقم الاكبر وهذا له عدة انعكاسات وجب علينا اخذ الاحتياطات اللازمة تجاهها، لان انتشار الامراض بين النساء العاملات له تأثير على الانتاجية وايضا الصحة العمومية، والمطلوب تطوير وتثمين برنامج الصحة النفسية" أما تفسير الاختصاصيين لهذه الظاهرة فمرده الاحساس الدائم بالخوف لدى النساء وارتفاع نسبه حيث توضح الدكتورة غشام:" بعد الربيع العربي، اصبحنا نتحدث عن خريف نسائي، فالمرأة اصبحت تخشى على مستقبلها وعائلاتها وغير مطمئنة في الشارع وحتى في موقع العمل" وبالاضافة الى ان اختيار المرأة العاملة لعيادات مستشفى الرازي مرده تدهور المقدرة الشرائية للمواطن فإن هناك ايضا أسبابا ادارية منها ضرورة الحصول على شهادة طبية للتمتع بعطلة مرض طويل الامد وتسجل اكثر المطالب في التعليم والصحة وكذلك في صفوف رجال الأمن وحسب الدكتورة ريم غشام مطلوب مراجعة هذه المسائل أمام تسجيل نقص في الاطار العامل بالادارات والمستشفيات والمؤسسات التربوية ومن الحلول التي تقترحها محدثتنا توفير مختص في علم النفس وآخر في علم الاجتماع اضافة الى ضرورة استعادة الأب لدوره الأسري، فاستقالته ضاعفت من مهام الزوجة في البيت فضلا عن انها تقوم بنفس دور الرجل في العمل صعوبة التغيير في نمط العيش في مقابل ذلك ترى الدكتورة نوال غشام ان مظاهر عديدة دخلت على المجتمع ولدت هذا الاحساس بعدم الاطمئنان وتنامي عنصر الخوف خاصة عند المرأة اذ تقول: "هبة الدولة أصبحت في الميزان.. اضطرابات.. نقابة اساسية توقف العمل بمؤسسة كاملة.. والرؤساء في العمل والنخبة لم تعد لهم الهيبة الكافية لتسيير شؤون المؤسسة.. تلاميذ لا يخشون شيئا.. لخبطة على مستوى العائلة.. فوضى في كل مكان.. أسرة مشتتة والتلاميذ أصبحوا قوة ضاربة ضد المدرسين.. عنف واعتداءات في المؤسسات الصحية.. كلها عوامل أدت الى تنامي الاضطرابات النفسية وحالات الاكتئاب خاصة عند المرأة وتشير الاحصائيات الى ان اثنين من كل ثلاثة مرضى يعانيان من الضغط النفسي ومصابان بالاكتئاب وهذا أمر طبيعي لدى أطباء الصحة العقلية باعتبار أن كل ثورة او تغيير يؤدي الى ذلك إذ من غير السهل الانتقال من نمط عيش الى آخر جديد حسب تراكمات وأحداث طارئة.. كما بينت محدثتنا أن التطور في شتى المجالات مرتبط بتطور الصحة العقلية والنفسية إذ في توفرهما عادة ما تكون الانعكاسات إيجابية على النمو الاقتصادي والتماسك داخل المجتمع... الممرضات والمدرسات في الطليعة: 7908 رخص مرض طويل الأمد في عام منها 5526 للإناث خوفا على المرتب، جل المرضى يستأنفون العمل بعد عطلة 3 سنوات!! تلقت اللجنة الوطنية لإسناد رخص المرض طويل الامد خلال السنة المنقضية 11321 مطلبا منها 7887 مطلبا للنساء (أي بنسبة 69%) والبقية للرجال اي بنسبة 31% وتعود جل المطالب للعاملين في قطاعي التعليم والصحة العمومية.. وينظم عملية إسناد رخص المرض طويل الامد الامر عدد 239 لسنة 1959 حيث يمكن تمتيع الاعوان بعطل مرض لمدة أقصاها 5 سنوات ثلاث منها بمرتب كامل واثنتان بنصف المرتب وبيّن صلاح الدين الخليفي رئيس اللجنة أن الامراض العقلية تأتي في صدارة المطالب حيث بلغت 10513 مطلبا والسرطان 707 حالات والسل 26 حالة والشلل النخاعي 50 حالة وبالنسبة الى الاستجابة للمطالب تم خلال سنة 2012 الموافقة على 7908 مطالب للاعوان بينهم 5526 من النساء و2382 للرجال وتقدم الشهادات بين 3 و6 أشهر ثم يقع التمديد في عدد هام حسب الوضعية الصحية للمنتفع من جهة اخرى رفضت اللجنة 281 مطلبا كما طلبت المراقبة الطبية ل1675 مطلبا، اما من استأنفوا العمل بعد تقضية العطلة المرضية فهم 1457 عونا منهم 1055 من النساء و402 من الرجال وتتكون اللجنة الوطنية لاسناد رخص المرض طويل الأمد العائدة للوزارة الأولى من أطباء وممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية وآخر عن وزارة المالية، كما أن كل وزارة تسند رخص المرض طويل الأمد لمدة سنة وبعد ذلك تتم مركزة هذه الرخص لدى اللجنة الوطنية عندما يقع تجديدها وإذ تعترف اللجنة بأن الحالات التي تحصل على الموافقة تعاني المرض، وأن قرار الموافقة مرتبط أساسا بموقف الطبيب فإنها لا تخفي بعض الممارسات التي جلبت الانتباه من خلال التعامل مع هذه الملفات منها أن المديرين وأصحاب الرتب المتقدمة لا يحصلون على رخص مرض طويل الأمد ويعملون حتى وهم مرهقون خوفا على الامتيازات والمنح بينما يرتفع عدد المطالب في الصحة العمومية والتعليم لكن نسبة كبيرة من المتمتعين بهذه العطل يسجلون عودتهم واستئناف العمل بعد ثلاث سنوات من العطلة خوفا على الراتب لان التمديد بعد ذلك يحصل صاحبه على نصف الأجر وتعوز اللجنة الوطنية لاسناد رخص المرض طويل الامد الامكانيات رغم الدور الذي تقوم به.. النقص يسجل خاصة على مستوى الرصيد البشري والمنظومة الاعلامية وكذلك الأرشفة حيث بيّن صلاح الدين الخليفي أن اللجنة مدعوة أحيانا الى مواجهة ملفات تعود لفترة الثمانينات وخاصة منها المتعلقة بمن لم يستوف مدة 5 سنوات عبد الوهاب الحاج علي أمراض جديدة.. وأخرى اندثرت والقانون صادر في 1959! حصر قانون 1959 رخص المرض طويل الأمد في أربعة أمراض بعضها اندثر أو أصبح من الامراض النادرة على غرار الشلل والسل في المقابل هناك أمراض أخرى ظهرت مثل "الزهايمر" و"السيدا" وكذلك السكري، فمن يقع بتر ساقه لا يمكنه الحصول على رخصة مرض طويل الأمد.. وإذ تبقى الأمراض العقلية هي الطاغية في عدد المطالب فإن هناك مؤاخذات على هذا القانون سواء من اللجنة الوطنية لإسناد رخص المرض طويلة الأمد، تماما مثل الدكتورة ريم غشام عطية رئيس قسم بمستشفى الرازي التي بينت انه حتى الذين يعانون أمراضا اخرى غير الامراض العقلية والنفسية يضطرون للحصول على شهادة طبية من الرازي لتمكينهم من العطلة المستوجبة وذلك بسبب عدم تغير القانون منذ سنة 1959 مفيدة في الآن ذاته ان الامراض تغيرت وكذلك الادوية فالاكتئاب مثلا أصبح بالامكان معالجته خلال 6 أشهر قاوم الاستعمار ومات قبل الاستقلال الدكتور سالم الشاذلي أول طبيب نفسي عمل في الرازي! كرمت الجمعية التونسية للطب النفسي، ومستشفى الرازي أول أمس السبت أول طبيب نفسي في تونس وهو الدكتور سالم الشاذلي المولود في 24 فيفري 1896 بالمنستير وتوفي سنة 1954 كان المرحوم محبا لبلاده وهو أول تونسي في مستشفى الرازي وعانى الكثير من السلط الفرنسية التي حاولت إقصاءه لأنه رفض أن يكون المرضى التونسيون مخبر تجارب للأطباء الفرنسيين.. لفقوا له التهم ورفعوا ضده قضايا لكنه استمر في مقاومة الاستعمار وكانت أحداث زرمدين في جوان 1946 المنعرج في علاقة الدكتور سالم الشاذلي بالفرنسيين حيث أطلق المستعمر النار على أهالي زرمدين ومات عدد منهم وقد أكد الدكتور في تقريره وشهادته أن القتلة كانوا في حالة نفسية وعقلية طبيعية وحمّلهم مسؤولية ما حدث فانقلب عليه الاحتلال والأطباء الفرنسيين لكنه ظل ثابتا على مبادئه حتى وفاته عائلته احتفظت بالعديد من الوثائق وخاصة أبناءه إذ أعدّت إحدى بناته كتابا حول حياته وما عاشه خلال ممارسته للطب النفسي وكل ما عاناه من المستعمر الفرنسي، الكتاب يعجّ بالوثائق والأدلة وأرادت عائلة الفقيد من خلاله التأريخ لأول طبيب نفسي في تونس وقد أهدت الكتاب لمستشفى "الرازي" ولم تعدّه لغاية تجارية حيث لم ينزل للأسواق...