تونس-الصباح: أصبح توظيف وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة أمرا ضروريا في جميع المجالات من منطلق المساهمة في تحسين المردود والنهوض بجودة الخدمات وتيسير حياة المواطن والقضاء على العديد من المظاهر السلبية على غرار طول الاجراءات وتعقيدها لا سيما في مجال تبادل المعلومات بين المصالح المختلفة مما يكبد المواطن مشقة التنقل فضلا عن المتاعب المادية... واليوم وفي ظل الإصلاح المنشود في أكثر من قطاع يحتل موضوع حسن توظيف وسائل الاتصال الحديثة حيزا هاما في البرامج والاستراتيجيات الإصلاحية ومن بينها القطاع الصحي الذي يعد من القطاعات المحورية بالنظر إلى الحاجة الملحة اليوم إلى الإصلاح والتطوير والنهوض بآداء المنظومة الصحية والمؤسسات الاستشفائية التي تعاني من جملة من النقائص من بينها الاكتظاظ وعدم السرعة في تقديم الرعاية الصحية اللازمة ومشاكل المواعيد في المستشفيات ونقص طب الاختصاص في الجهات... إلخ. وتحتل في هذا السياق التكنولوجيات الحديثة أهمية من حيث الامكانيات التي تتيحها لإيجاد بعض الحلول للاشكاليات المطروحة في الخدمات الطبية من خلال استخدام المعلومات الطبية وتبادلها بين الأطباء في مختلف الاختصاصات من مواقع مختلفة أو نقل الملف الطبي للمريض من مقدم الرعاية الصحية الأولية إلى الاختصاص دون تكبد المريض عناء التنقل. هذا بالإضافة إلى المساعدة على تقديم الخدمات الطبية لمتساكني الجهات البعيدة عن المؤسسات الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الجهوية والتي تشكو عادة نقصا في أطباء الاختصاص. بامكان وسائل الاتصال الحديثة ايضا وفي سياق التطبيب عن بعد المساهمة في تأمين الرعاية الصحية والاستجابة لحاجيات المواطن في مجالات التشخيص والعلاج والتوعية الصحية. تجربة التطبيب عن بعد في تونس نشير استنادا إلى ما أفادنا به الدكتور رياض قويدر رئيس قسم بمستشفى الرازي وعضو بالجمعية التونسية للتطبيب عن بعد، أن التجربة التونسية في مجال التطبيب عن بعد انطلقت منذ 10 سنوات تقريبا وذلك في شكل تبادل للمعلومات الطبية بين المستشفيات الجامعية والجهوية وكذلك تجارب للتبادل مع الخارج. وشملت تجارب التطبيب عن بعد مجال الفحص عن بعد ومجال طب الأشعة عن بعد وكذلك التدريس عن بعد وذلك باستعمال الأجهزة الطرفية وشبكة الأنترنات... ورغم نجاح بعض هذه التجارب وتحقيقها لأهداف هامة إلا أن مجال التطبيب عن بعد يواجه جملة من التحديات تعيق تطوره في بلادنا وتحد من نجاعته. نقائص وتحديات تحدث في هذا السياق الدكتور قويدر على جملة من المعوقات التي تواجه التطبيب عن بعد وفي مقدمتها غياب الإطار القانوني الواضح الذي يضبط صيغ التعامل في مجال التطبيب عن بعد على غرار ضمان حقوق وواجبات جميع الأطراف (الطبيب والمريض) لا سيما في مجال دفع الأتعاب... يواجه التطبيب عن بعد كذلك مشاكل تقنية من حيث توفر الامكانيات التكنولوجية والظروف التقنية الملائمة لأن الأعطاب التي تطرأ على الربط التقني أثناء عملية التشخيص أو التدريس عن بعد قد تحد من النجاعة المطلوبة... وأكد الدكتور قويدر ان تحقيق الأهداف المنشودة في مجال التطبيب عن بعد يتطلب تنسيق الأدوار بين وزارة الصحة ووزارة تكنولوجيات الاتصال والجامعات والكليات إلى جانب المجتمع المدني لتطوير قطاع التطبيب عن بعد في بلادنا. تظاهرة حول الطب البعادي وفي سياق الحديث عن دور المجتمع المدني في تطوير مجال التطبيب عن بعد تجدر الإشارة إلى أن الجمعية التونسية للخدمات الكونية في الاتصالات تنظم يومي 5 و6 أفريل الجاري بعين دراهم ورشتي عمل حول التطبيب عن بعد والتجربة التونسية للطب البعادي: الواقع والآفاق. حبث يشارك في هذه التظاهرة خبراء في مجال الصحة وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات ونشطاء في المجتمع المدني. وتهدف التظاهرة إلى الخروج بتوصيات عملية لحسن توظيف تكنولوجيات الاتصال والمعلومات لفائدة المواطن التونسي عبر إيجاد آليات عملية لتأهيل قطاع الصحة العمومية خاصة عن طريق التحكم في تقنيات التطبيب عن بعد.