يمثل العمل غير المهيكل في تونس عبئا ينضاف إلى كمّ الظواهر السلبية التي استشرت بعد الثورة والتي تثقل كاهل المجتمع والدولة على حدّ سواء.. ووفقا لآخر تقرير للبنك الدولي فإن قطاع العمل غير المهيكل في تونس يمثل نسبة 40 % من الناتج الداخلي الخام ويشغّل 53 % من اليد العاملة.. وهي أرقام مفزعة مقارنة بالمؤشرات العامة للاقتصاد التونسي وفي هذا السياق نظمت الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي بالتعاون مع وزارة التشغيل والتكوين ومنظمة المبادرة العالمية للإنصاف لقاء إعلاميا أمس، شاركت فيه منظمة الأعراف واتحاد الشغل ومكونات المجتمع المدني وخبراء في المجال تمّ خلاله استعراض أهم نتائج الدراسات المنجزة في هذا الاطار، والتأثيرات الخطيرة للعمل خارج إطار القانون على الاقتصاد التونسي.. ومحاولة توفير حلول كفيلة للتصدّي لهذه الظاهرة. وكشف تحقيق أنجزته الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي في 6 ولايات، خطورة وتنامي مؤشرات العمل العشوائي بين جميع طبقات المجتمع.. وتوجه فئة الشباب بمختلف مستوياتهم نحو هذا المجال. من جهته وصف وزير التشغيل نوفل الجمالي، هذه الظاهرة بالخطيرة خاصة وأنها تشمل عددا كبيرا من الطبقة النشيطة في البلاد، معتبرا أن العمل غير المهيكل لا يقل خطورة عن آفة التهريب.. فكلاهما ينخر جسم الاقتصاد التونسي.. إذ يساهم العمل العشوائي في إضعاف المؤسسات وإحداث حالة من الفوضى الاقتصادية في ظل انعدام الرقابة على المداخيل المتأتية من هذا القطاع والتي لا تخضع لاستغلال مباشر من طرف الدولة. مضيفا بأن خطورة هذه الظاهرة اجتماعيا: "تأتي من كونها لا تخضع للقوانين والإجراءات التي تضمن حقوق العمال.. وهو ما يفاقم أشكال التعسف والاضطهاد الاجتماعي والاقتصادي.. وبالتالي الالتجاء الى حلول اجتماعية عشوائية خارجة عن القانون تزيد في تعقيد الأمور وتساهم في تزايد نسبة الفقر في المجتمع، إضافة إلى ما يمثله ذلك من تهديد لمستقبل المواطن اجتماعيا واقتصاديا".. الوزير أشار إلى الصعوبات التي خلقتها ظاهرة العمل خارج الإطار القانوني، خاصة في عملية تحديد النسب الحقيقية للبطالة. واعتبر أنه من شبه المستحيل الوقوف على حقيقة هذه النسب في ظل انتشار العمل غير المنظم.. وهو ما من شأنه أن يعطل البرامج الموضوعة للتصدّي للبطالة. وقد أجمع المشاركون على ضرورة إيجاد حلول تحدّ من ظاهرة العمل غير المهيكل والسعي إلى توفير مواطن شغل قارة للعاملين في هذا المجال خاصة أن التجاءهم إلى ممارسة هذا النشاط هو نتيجة حتمية لتزايد نسبة البطالة والتهميش وعلى الحكومة العمل في هذا الاتجاه. اتفاقية تعاون وعلى هامش هذه التظاهرة، أبرمت وزارة التشغيل اتفاقية مع منظمة المبادرة العالمية للإنصاف يتم بموجبها وضع خارطة طريق تكون من أولوياتها وضع أسس لبناء اقتصاد شامل يزيد من حجم المداخيل العمومية ويوفر الأمن الاجتماعي ويخلق المزيد من فرص التشغيل للطبقات الفقيرة التي اختارت العمل العشوائي في ظل غياب الحلول المنظمة التي تحميهم وتحمي النسيج الاقتصادي والاجتماعي. ويذكر أن الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي كانت قد بادرت للدعوة إلى بعث إطار قانوني واقتصادي شامل بمشاركة مختلف الأطراف الحكومية واتحاد الشغل ومنظمة الأعراف والجمعيات المدنية لتشخيص وتقييم وضعية العملة غير المهيكلين..