علمت "الصباح" من مصادر مطلعة ان عددا من القضاة الاداريين (رؤساء دوائر تعقيبية واستئنافية) اعلنوا مقاطعتهم لاجتماع المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية الذي سينعقد غدا. وتأتي مقاطعة القضاة على خلفية تردي وتدهور العمل داخل المحكمة الادارية اضافة الى صمت المجلس الوطني التاسيسي بخصوص إعادة هيكلة المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية. "الصباح" اتصلت بعدد من القضاة الاداريين لمعرفة تفاصيل الأسباب الرئيسية لمقاطعة بعض القضاة لاجتماعات المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية. أكد القاضي أحمد صواب رئيس دائرة تعقيبية بالمحكمة الإدارية ان الوضع متأزم وسيزداد تأزما في المحكمة الادارية محملا جزءا من المسؤولية الى المجلس الوطني التأسيسي الذي تنّكر -حسب تعبيره- للعديد من مطالب القضاة خاصة عندما أمسك عن تنفيذ ما التزم به بالنسبة للفصل 22 من الدستور الصغير المتعلق باعادة هيكلة المجلس الاعلى للمحكمة الادارية وقد نصّ الفصل المذكور بصريح العبارة ب"أن تمارس السلطة القضائية صلاحياتها باستقلالية تامة"، وبعد التشاور مع القضاة يصدر المجلس الوطني التأسيسي قانونا أساسيا ينشئ بموجبه هيئة وقتية ممثلة يحدد تركيبتها وصلاحياتها وآليات تكوينها للإشراف على القضاء العدلي تحل محل المجلس الأعلى للقضاء، يسن المجلس التأسيسي قوانين أساسية يتولى من خلالها إعادة تنظيم القضاء وإعادة هيكلة المجالس القضائية العليا العدلية والإدارية والمالية وضبط أسس إصلاح المنظومة القضائية طبق المعايير الدولية لاستقلال القضاء". وأضاف صواب قائلا" لم يقع الالتزام بما جاء في هذا الفصل من اعادة هيكلة المجالس القضائية العليا الادارية، ولو كانت هناك تقاليد نضالية لدى القضاة وروح التضحية لتحصلنا على حقوقنا كما هو الحال لاعوان الديوانة الذين فرضوا طلباتهم رغم عدم التزام المجلس التأسيسي المسبق. مسؤولية السبسي.. مقايضة سياسية وحمّل القاضي أحمد الصواب المسؤولية كذلك الى الوزير الاول السابق الباجي قائد السبسي والوزير المعتمد لديه ابان توليه رئاسة الحكومة في ما تشهده المحكمة الادارية بعد سنتين من الثورة معتبرا انهما نصّبا وعزلا في نطاق مقايضة سياسية مع طرف مهمين في السلطة. حسب تعبيره. سوء تسيير ومعاملة وفي نفس السياق حذّر القاضي وليد الهلالي من تردي الوضع داخل المحكمة الإدارية وامكانية غض الطرف عن إعادة تنظيم المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية. وطالب القاضي الهلالي بضرورة تفعيل المجلس التأسيسي للفصل 22 القانون المنظم للسلط العمومية والقانون عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بإعادة هيكلة المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية. وأضاف ان من بين الاسباب التى أدت الى مقاطعة عدد من القضاة اجتماع المجلس الاعلى للمحكمة الادارية سوء التسيير والمعاملة من رئاسة المحكمة للقضاة خاصة اتحاد القضاة الاداريين بالاضافة الى غياب رؤية استشرافية للاصلاح وعدم الاستشارة والتشاور مع لجان مختصة حول الانتدابات. وذكر القاضي عز الدين حمدان كاتب عام إتحاد القضاة الاداريين ان أسباب مقاطعة عدد من القضاة الاداريين هي نفسها الاسباب السابقة التى كانت وراء مقاطعة اجتماع المجلس الاعلى للمحكمة الادارية. اعادة هيكلة المحكمة الادارية واشار الى ان بعض القضاة الاداريين الذين قاطعوا اجتماع المجلس الاعلى للمحكمة الادارية سبق ان وجهت لهم استجوابات وتم اتهامهم بتعطيل سير عمل المحكمة الادارية مبينا ان جدول اعمال اجتماع المجلس الاعلى للمحكمة الادارية في دورتها 78 لم يتضمن تدارس وضع المحكمة الادارية في الدستور أو اشكاليات عمل المحكمة وطرق التسيير فيها. وبيّن حمدان ان الاشكال القائم يتعلق بتركيبة وهيكلة المحكمة الادارية حيث طالب بإعتماد الية الانتخاب في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء وفقا لقاعدة التمثيلية النسبية بالاضافة الى فك الارتباط بين السلطة التنفيذية والقضاء. وبخصوص علاقة اتحاد القضاة الاداريين برئاسة المحكمة الادارية اوضح محدثنا ان مطالب اتحاد القضاة حول اصلاح المحكمة الادارية تم رفضها بالاضافة الى عدم الاخذ بمشاغل القضاة وغياب اي علاقة تشاركية بين رئاسة المحكمة والهياكل المهنية الممثلة للقضاء الاداري. كما حمّل كاتب عام اتحاد القضاة الاداريين المسؤولية كاملة في عدم إعادة هيكلة المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية الى المجلس الوطني التأسيسي مضيفا ان التأسيسي في معزل تام عن الحراك الاجتماعي وقد تنصّل اعضاؤه من مسؤولياتهم تجاه القضاء الاداري بعد رفض تفعيل الفصل22 الذي ينص باعادة الهيكلة المجلس الاعلى للمحكمة الادارية. وقال" مشروع الدستور يكرس تبعية القضاء للسلطة التنفيذية من خلال التمثيلية المقترحة في هيكلة المجالس العليا للقضاء سواء في المجلس الاعلى للقضاء او المجالس القطاعية فضلا عن ان التبعية بدأت بشائرها بالاحكام الصادرة مؤخرا خاصة منها المتعلقة باطلاق سراح وزراء النظام السابق.