بعد انطلاق بث ونشاط إذاعتي "صوت ابن خلدون" الموجهة لضاحية أحياء التضامن وابن خلدون والانطلاقة و"راديو واب سيدي حسين السيجومي" من المنتظر أن يتعزز المشهد الإعلامي المحلي ببعث إذاعتين جديدتين خلال الفترة القادمة، الإذاعة المحلية الأولى ستكون ببني خلاد والثانية بالمروج. لتضطلع إذاعات القرب المحلية بدور هام في الأوساط الاجتماعية بالأحياء الشعبية على اعتبار أنها تعد وسيلة إعلامية تنموية تضطلع بدور هام في تفعيل التواصل بين المواطن والمجتمع من ناحية وفي رفع مستوى التعاون داخل المجتمع الواحد من ناحية أخرى لا سيّما في هذه المرحلة التي تعدّدت فيها الخطابات والمظاهر والظواهر الاجتماعية "الغريبة" على المجتمع التونسي. وتجدر الإشارة إلى أن تجربة إعلام القرب في تونس هي تجربة حديثة ولا تزال في مرحلة التأسيس. تأتي في إطار مشروع "أغورا حوار المدينة" الذي انطلق منذ شهر مارس الماضي ببادرة ودعم من المرصد الوطني للشباب وسفارة بريطانيا بتونس وتحت رعاية وزارة الثقافة ودعم منظمات دولية أخرى. وقد خضع عدد من الشبان والشابات من الناشطين في دور الشباب والثقافة بهذه الجهات إلى تربصات تكوينية في الغرض لتهيئتهم لهذه المهمة التنشيطية والإعلامية. "الصباح" جالست بعض المنشطين ممن خاضوا هذه التجارب فكشفوا عن عديد المسائل والخفايا الحافة بالإعلام المحلي خاصة أن هذه التجارب انطلقت في أوساط اجتماعية شعبية. فكانت المواقف والآراء متباينة. معاناة وصعوبات وصف أغلب المنشطين الشبان تجربتهم في الإعلام المحلي أو "المجتمعي" بأنها أقرب ما تكون إلى المغامرة الصعبة المحفوفة بكثير من العراقيل والصعوبات تصل أحيانا إلى حد المخاطر. مثلما أكد ذلك خالد بن محمد منشط ب"راديو واب سيدي حسين" في قوله:" لا أخفي أني واجهت شخصيا صعوبات كبيرة في بداية تجربتي بهذه المنطقة الشعبية خاصة من قبل المسؤولين الجهويين في مختلف المواقع. إذ لم يتقبلوا أن نتحدث عن تكدس الأوساخ مثلا بالجهة وكثرة الحفر بالطرقات وغيرها من القضايا والإشكاليات الأخرى التي تعاني منها جهة سيدي حسين السيجومي" وغيرها من القضايا المناسباتية أو في التعاطي مع الأحداث والمستجدات. كما أوضح أن المنشّطين الشبان بهذه الإذاعة المحلية يعملون جاهدا من أجل استقطاب شباب الجهة لمواقع الابداع من خلال البرامج المخصصة لهم عبر "راديو الواب" أو بفضاء المركب الشبابي والرياضي. وأضاف في ذات السياق أشرف اللواتي منشط بنفس الإذاعة أنه حريص على طرح قضايا ومشاكل شباب الجهة الذي يعاني من البطالة والفقر. ويعتبر هذه العوامل شكلت دافعا لجهات أخرى لتعمل على استقطاب هذه الفئة من الشباب مستغلة ما يعانيه من تهميش وبطالة وانتشار مظاهر الفساد والانحراف وغيرها. وأكد أن"الراديو" بدأ مؤخرا يتحيز مكانته بالجهة ليس فقط بتفاعل المستمعين ومشاركة أبناء الجهة في برامجه بل أيضا من قبل الجهات المحلية. التوعية والتثقيف من جهتها تقول حياة سمّاري منشطة بإذاعة "صوت ابن خلدون" بحي ان خلدون التي انطلقت في البث عبر "الواب" منذ ما يقارب ثلاثة أشهر:" لم أفوّت فرصة خوض هذه التجربة نظرا لأني خريجة جامعة ولم أجد عملا في اختصاصي، فوجدت ضالتي في القيام بدور في المجتمع والمحيط الشعبي خاصة أن هذه الإذاعة المحلية تغطي منطقة يسكنها أكثر من 120 ألف ساكن. لذلك خيرت تقديم مادة مخصصة للتثقيف والمساهمة في توعية أبناء الجهة خاصة بالنسبة للنساء والأطفال في المسائل الصحية والطبية من خلال استضافة أطباء في اختصاصات مختلفة. واعترفت أنها وجدت الترحاب والاستحسان من متساكني الجهة الذين تفاعلوا مع ما تقدمه بطلب النصح والاستفسار والتساؤل حول مسائل حياتية وصحية عديدة. ولعل هذا التجاوب والتفاعل الإيجابي السريع من الدوافع التي جعلت محدثتنا تطلب دعم السلط الجهوية والمحلية والجهات المعنية ليصبح "راديو واب ابن خلدون" على "آف آم ". كما أكد هيثم بن سعد من "راديوا واب بني خلاد" أنه يسعى ليكون هذا الوليد منارة إعلامية محلية يقدم الخبر وينقل المعلومة إلى مستمعيه من متساكني الجهة ويلبي طلباتهم ويستجيب لميولاتهم الفنية والثقافية والعلمية من خلال الاستضافات التي تتم في الغرض. خاصة أنه سبق أن خاض تجربة مشتبهة في دار الشباب بالجهة. كما اعتبر هذه الإذاعة بمثابة متنفسا للشباب في الجهة ليطلقوا العنان لمواهبهم في الغناء والموسيقى والمسرح والكتابة والاعلام والرسم وغيرها من مجالات الابداع. لأنه يعتبر أن ما تزخر به جهته من مواهب وطاقات يمكن أن يجعل من هذه الإذاعة عبر الواب منارة إبداع بالجهة الشعبية. أما مليكة سايحي فترى أن خوض تجربة إعلامية في إذاعة جهوية تختلف عن نظيرتها في الجهات والأحياء التي تنتمي للعاصمة. فهي تقول:" أنا اعمل بإذاعة "الشعانبي أف أم" وقد وجدنا صعوبات كبيرة في العمل هناك. فما بالك لو تم بعث إذاعات محلية عبر الواب فلا أعتقد أنها ستجد النفاذ والقبول مثلما هو الشأن داخل العاصمة. وأكدت في ذات السياق أن نجاح هذه التجربة يتطلب ضرورة أن يستند عمل الإذاعة المحلية على مبدأ الخدمة العامة والتركيز على الاهتمامات والانشغالات المجتمعية في رقعة محلية محدودة ما جعل من هذا النوع من الإذاعات يجذب اهتمام المعنيين بالتنمية الاجتماعية وتطوير المجتمع. الاستقلالية المطلوبة ويمكن القول أن راديو القرب أو الإذاعات المحلية أو المجتمعية التي تبث عبر الواب تتطلب ايجاد مساحة للتنافس بين محطاتها المتنامية في مختلف المناطق. تقوم على تغيير نمطها واستهداف فئات جديدة باعتماد التنوّع في تقديم البرامج والمواد التي تخصّ كافة فئات وشرائح المجتمع حتى لا تكون مجرد محطات إذاعية تكرر نفسها وتحمل نفس طبيعة البرامج التي تقدمها.