إطلاق سراح بعض رموز التجمع.. مبادرة القروي، تأثيرات الحالة المصرية.. هل تغير اتجاه القانون؟ يعود بداية الأسبوع المقبل قانون التحصين السياسي للثورة ليتصدر الأحداث ويثير الجدل من جديد بشان جدواه وتأثيره على الحياة السياسية وعلى مسار العدالة الانتقالية في بلادنا، على اعتبار ان المجلس التاسيسي سينظر الثلاثاء المقبل في القانون المثير للجدل فصلا فصلا الملفت للانتباه أن أهمية القانون تكمن في ما سيتضمنه من فصول واحكام وخاصة من سيشملهم العزل السياسي ومصادرة حقهم في المشاركة في الحياة السياسية لمدة معينة، ويتركز الجدل حاليا حول قائمة الممنوعين والمشمولين بهذا القانون الذي يستهدف اساسا من تحملوا مسؤوليات صلب حزب التجمع المقبور عدة مؤشرات تفيد بان جلسة الثلاثاء المقبل ستكون ساخنة بكل المقاييس.. لكن المهم في الأمر هو حجم طلبات التنقيح والتعديل التي ستمرر خلال الجلسة والتي قدرت ب60 مقترحا، تتوزع على ثلاثة أصناف: صنف اول من التعديلات تتجه نحو مزيد التشدد في المنع السياسي عبر توسيع قائمة الممنوعين، يتحمس لها اعضاء من حزبي المؤتمر وحركة وفاء صنف ثان من التعديلات قد تصدر عن كتلة حركة النهضة او نواب من التكتل في اتجاه التخفيف من زجرية القانون والتقليص من عدد المعنيين بالعزل السياسي ومدة العزل.. وتاريخ احتساب مفعول رجعي للعزل.. وحصرهم في دائرة ضيقة وربما ربط تواصل العزل السياسي من عدمه باحياء فكرة الاعتذار للشعب التونسي على التجاوزات التي اقترفها المعنيون بالعزل وهذه ايضا قد تكون لها عواقب سلبية باعتبار ان الاعتذار بدوره قد ينجر عنه تتبعات قضائية.. اذ قد تستغل الاعتذار منظمات او افراد لإثارة دعوات قضائية ضد المطالبين بالاعتذار الصنف الثالث من اقتراحات التعديل يرجح ان يتقدم بها نواب من المعارضة وستركز خصوصا على توسيع قائمة الممنوعين لتشمل جميع من تورط او دعم او شارك في تثبيت اركان النظام السابق وليس بالضرورة ان يكون منتميا لحزب التجمع المنحل، كما ينتظر ان يتم اقتراح ان يشمل القانون كل من وقع على الميثاق الاجتماعي سنة 1988 يذكر ان قانون تحصين الثورة حظي بتصويت الأغلبية ب96 صوتا فيما عارضه 36 نائبا وتحفظ 3 آخرون. ويهدف القانون إلى عزل عدد من الشخصيات التي تقلدت مناصب مهمة في النظام السابق. ومن أهم معارضي هذا المشروع، أحزاب الاتحاد من أجل تونس وعلى رأسها حركة نداء تونس الذي وصفه رئيسها الباجي قائد السبسي في حوار مع فرانس 24 بقانون "تهديم الثورة" وكان آخر تعليق لقيادي في حركة نداء تونس وهو لزهر العكرمي ردّا في حوار مع "الصباح" بخصوص موقف الحركة من القانون حين قال إن: "القانون سقط في ميدان التحرير بالقاهرة لان الاقصاء لالاف من السكان دون تهمة محددة ومن منطلق الاستفراد بالسلطة لا غير لن يتحمله الداعون اليه الا اذا كان هناك إصرار على دفع الناس الى الفوضى.." ليضيف: "ليس من حق احد ولا سيما الذين لم يشاركوا في الثورة ان ينتصبوا حراسا لهذه الثورة ويقصوا طائفة من السكان عددها بعشرات الالاف تحت مسمى التحصين الذي فهم الجميع انه تحصين لنفوذ لن يعمر طويلا" ويهدف القانون الذي اقترحه حزب المؤتمر وأيدته كتلة حركة النهضة وكتلة وفاء، الى عزل تونسيين شغلوا مناصب مهمة أو كانوا أعضاء في حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" خلال حكم الرئيس السابق وذلك لمدة سبع سنوات على الأقل عن الحياة السياسية حراك سياسي وتاتي قراءة القانون فصلا فصلا في ظل مستجدات عرفتها الساحة السياسية في البلاد لعل اهمها اطلاق سراح عدد من رموز النظام السابق بقرارات قضائية، وعودة حامد القروي الوزير الأول الأسبق والأمين عام الأسبق للتجمع المنحل الى الساحة السياسية بإعلانه رغبته إعادة تجميع شتات التجمعيين والدساترة..، مع تزايد تأثير المستجدات في الساحة المصرية على الحراك السياسي في تونس بنشأة ما يسمى بحركة "تمرّد" تونس، ثم أخيرا نشأة ما يسمى برابطة حماية الوطن والمواطن.. فضلا عن تكثف اللقاءات والمشاورات السياسية سواء في قصر قرطاج او في القصبة من أجل الخروج بتوافقات حقيقية للخروج من الأزمة وتسريع الانتقال الديمقراطي، فهل سيكون لهذه المستجدات تأثير مباشر على مضمون قانون تحصين الثورة؟ قانون إقصائي؟ هناك من يقول ان حركة النهضة لو سارت في هذا الخيار فإنها ستبدأ رحلة الديكتاتورية مبكرا مما سيجعلها تنتهي مبكرا. وهناك من وصف القانون ب"التصفوي الجائر" لا صلة له بالثورة أو الديمقراطية أو مستحقات المرحلة. وهو قانون ضد المصلحة الوطنية من شأنه إلحاق أضرار بصورة تونس وسمعتها واقتصادها وحاجات مشروعها التنموي في المقابل يرى الداعمون له انه ضروري في هذه المرحلة وهو أضعف الايمان مقارنة بحجم ما اقترفه المعنيون بالتحصين السياسي من جرائم سياسية وأخلاقية معارضة ورغم ان كتلة النهضة تدعم قانون العزل السياسي الا ان قياديين بارزين في الحركة أبدوا عدم تحمسهم لتمرير القانون او على الأقل أبدوا رغبة في تلطيفه وتعديله، فقد أعلن عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة، عن رفضه القاطع لهذا القانون، وقال ان القانون «سيزج حركة النهضة في متاهات إيديولوجية وفي العنف». ومن أبرز معارضي القانون رئيس الوزراء السابق أمين عام «النهضة» حمادي الجبالي الذي اعتبر القانون سيضر بحركة النهضة أكثر مما سينفعها. ونفس الموقف تقريبا بالنسبة لسمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية كما تحدث راشد الغنوشي زعيم الحركة في تصريح إذاعي حول دعوة رموز النظام السابق إلى الاعتذار من الشعب. وقال ان الحركة تدرس امكانية تضييق دائرة المشمولين بقانون العزل السياسي قِوامه الاعتذار للشعب بهدف استرجاع رموز النظام السابق لحقوقهم السياسيّة لكنه أعلن لاحقا تراجعه عن مبدإ «الاعتذار»، وعن تمسك حركته بقانون العزل واعتبر رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي في حوار صحفي بث مؤخرا على الوطنية الأولى ان طرح قانون تحصين الثورة تأخر كثيرا وأنه كان من الأجدى معالجته خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأولى بعد الثورة قائلا "لقد تأخرت هذه القضية كثيرا ولم تعد ذات معنى حسب رأيي" ولم ينف المرزوقي مسؤوليته إلى جانب الحكومة في هذا التأخير الذي لاحظ أنه طال أيضا العديد من القضايا وأهمها قضية الفساد، وفق تقديره. ولفت في هذا الصدد إلى أن رأيه هذا قد يتسبب في خلق إشكال بينه وبين المنتمين إلى حزبه المؤتمر موضحا أن موقفه كرئيس للجمهورية يفرض عليه التمسك بكل ما يضمن الوحدة الوطنية التي اعتبرها أثمن ما يمكن تحقيقه في نفس السياق صرح الهادي بن عباس المستشار الدبلوماسي لدى رئاسة الجمهورية، مؤخرا في حوار إذاعي أن رئاسة الجمهورية معترضة على تمرير قانون تحصين الثورة. وقال إن القانون طرح منذ أفريل 2012، وان عديد الأمور قد تغيرت اليوم في الساحة السياسية، معتبرا أن موقف حزب المؤتمر "يلزم أطرافه" باعتبار أن الحزب هو من طرح قانون تحصين الثورة يعارض القانون حقوقيون من تونس ومن خارجها على غرار رئيس فرع منظمة العفو الدولية بتونس لطفي عزوز الذي دعا في تصريح لموقع «Tunisien.tn» إلى ضرورة مراجعة فصول قانون تحصين الثورة لأنه سيقصي عددا كبيرا من الأشخاص من الحياة السياسية واعتبر أن الشروط التي تضمنها القانون ستساهم في حرمان الكثيرين من ممارسة حق الترشح للانتخابات، حتى وإن لم يكونوا قد ساهموا في قمع الشعب التونسي مؤكدا أن هناك العديد ممن تولوا مناصب مهمة في الدولة وفي التجمع المنحل لم يساهموا في التضييق على الحريات، في المقابل كثير من الذين ارتكبوا جرائم في حق الشعب لم يكونوا يشغلون أي منصب في الفترة البائدة وأشار عزوز أن قانون العدالة الانتقالية أشمل من قانون تحصين الثورة، ويجب أن تتم عملية الإقصاء السياسي عبر هذا القانون وبقرار من القضاء حتى تستجيب للمعايير الدولية لحقوق الانسان، وتكون على درجة عالية من الموضوعية وبعيدا عن التجاذبات السياسية كما اعلنت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” أنّ "فرض قيود على الحقوق السّياسية يتطلّب احتراما لشروط واضحة للمعايير الدّولية وهو مالم يتوفّر في نصّ قانون تحصين الثورة في تونس”. ومن بين تلك المعايير وجوب فرض قيود لحماية الدّيمقراطية، وتخصيصها على عدد محدود من الأشخاص ولمدّة زمنية محدودة وتقديم كلّ الضمانات"