أحيت تونس أمس رسميا وشعبيا الذكرى ال70 لاحداث 9 أفريل 1938 التي تؤرخ لواحدة من أبرز صفحات كفاح الشعب من أجل الكرامة والحق في تسيير نفسه بنفسه عبر مؤسسات منتخبة بطريقة شفافة ونزيهة على رأسها المؤسسة البرلمانية.. قبل 70 عاما سالت الدماء قبالة محكمة العاصمة للمطالبة بمنع اعتقال الزعيم الوطني الشاب علي البلهوان ورفاقه مع رفع يافطات وشعارات رائدة من أبرزها: نريد برلمانا تونسيا منتخبا.. ولا بد من حكومة وطنية.. ردت قوات الاحتلال على المتظاهرين بالرصاص.. رغم صغر المظاهرة.. حتى لا تنتشر العدوى.. بعد أن جندت أجهزة قمع عملاقة وسط البلد منذ بدأ التوتر يومي 7 و8 أفريل.. وحول معقل الزعيم الحبيب بورقيبة غربي المدينة العتيقة. وبالرغم من الاختلال الواضح في ميزان القوى قام الطلبة الزيتونيون والصادقيون الوطنيون بواجبهم.. واستشهد بعضهم.. وساهموا بذلك في اعطاء نفس جديد للحركة الوطنية التونسية.. التي تخلت منذ ذلك التاريخ عن مطالبها الاصلاحية التقليدية وانخرطت في مسار تبنى بوضوح وعلنا مطلبي الاستقلال وقيام حكومة وطنية تحتكم الى البرلمان المنتخب بصفة ديمقراطية. لقد اعتبر ذلك المطلب وقتها من قبل البعض "سابقا لاوانه".. و" تصعيدا غير مبرر".. لكن الايام أثبتت أن تحريك القضية التونسية بدأ عمليا بعد سقوط شهداء 9 أفريل.. والاحداث التي سبقتها.. والتي يعود فيها الفضل إلى ثلة من الوطنيين المخلصين والمجاهدين البررة في وادي مليز بمنطقة جندوبة.. إن إشراف الرئيس زين العابدين بن علي شخصيا أمس على موكب إحياء أحداث أفريل 1938 يوجه أكثر من رسالة إلى أجيال من الوطنيين الذين خدموا تونس ولا يزالون.. حرصا على استقلال قرارها الوطني.. إن شباب اليوم لا يعرف الكثير عن التضحيات الجسام التي قامت بها أجيال من المناضلين الوطنيين منذ أحداث أفريل.. ولا بد من حسن تقديم تلك التضحيات والنضالات له شكلا ومحتوى.. حتى يقتنع بها أولا.. ويقدر أصحابها ويتأكد من مصداقيتهم ثانيا.. ويتعمق لديه الحس الوطني ثالثا.. ثم ينخرط في مسار المساهمين في بناء تونسالجديدة.. وفق رؤية عصرية وتقدمية مستنيرة.. تحترم مرجعياتها وانجازات شهدائها وكل مناضليها.. من أجل التحرر السياسي والاجتماعي والثقافي بعد الخطوات التي قطعتها الاجيال السابقة في اتجاه تحقيق الاستقلال والتحرر الوطني.