بعد أن أعلن أمس رئيس حركة «النهضة» عن قبول الحركة رسميا بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل كمنطلق لبدء حوار وطني من أجل تجاوز الأزمة السياسية الحادّة القائمة والتوافق على حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة تضطلع بمهمة استكمال وادارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية بأقصى ما يمكن من التوافقية والسرعة فإنه لم يعد هناك من مبرر على ما يبدو لأي تلكؤ سياسي ولا لأي شكل من أشكال «الهروب» المقنع من مواجهة استحقاقات المرحلة قد يمارسه هذا الطرف الحزبي أو ذاك سواء ان كان في الحكم او المعارضة. نقول هذا لا فقط لأن حالة الاحتقان بما تمثله من تهديد مباشر للسلم الاجتماعية والأمن والاقتصاد الوطني التي ألقت بظلالها على المشهد الوطني على امتداد الأشهر الأخيرة قد بلغت بالفعل ذروتها وباتت تنذر بأوخم العواقب وأوخمها على الاطلاق فشل مسار الانتقال الديمقراطي برمّته لا قدّر الله وانفراط عقد الاجتماع الوطني ولو من منطلقات مختلفة على الوفاء للثورة والعمل على تحقيق أهدافها وانما أيضا لأن تداعيات عدم المواصلة على «نهج» ما بعد الاعلان عن القبول بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مثلا أو النكوص بأيّ شكل من الأشكال عن «منطق» الحوار الوطني ومبدإ تقديم المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى حزبية كانت أو فئوية ستكون كارثية بأتم معنى الكلمة هذه المرة وستقود حتما الى حالة من الاحباط الجمعي لدى المجموعة الوطنية نخشى أن تصل الى مرتبة اليأس الكامل بما يترتب عنها «طبعا» من محاذير أمنية واجتماعية يصعب حقيقة التكهن بحقيقة حجمها وطبيعيتها ودرجة خطورتها... من هنا تحديدا يتعين من جهة على الطرف الذي أبان بالفعل عن شجاعة أدبية وشعور راق بالمسؤولية الوطنية وهو يعلن أخيرا عن قبوله بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ونقصد به حركة النهضة أن يمضي قدما على طريق التمكين لهذه المبادرة حتى تحقق أهدافها الوطنية بعيدا عن أية حسابات حزبية ضيقة من خلال الانخراط في حوار وطني مسؤول وجامع هدفه الأول استكمال ما تبقى من المرحلة الانتقالية بصفة توافقية وسريعة.. كما يتعين من جهة أخرى على الطرف القائم على هذه المبادرة وكذلك على الأحزاب والمنظمات والهيئات التي ظلت تردد على مدى الأشهر الماضية أنها «ملتزمة» بهذه المبادرة وقابلة بها أن «تكشف» بدورها لعموم التونسيين بل وللعالم ! عن درجة تساميها عن انتماءاتها الحزبية ومصالحها الفئوية الضيقة واستعدادها اللامشروط لتقديم «التنازلات» من أجل الوصول إلى التوافق الوطني خدمة للوطن والأجيال ورفعا للتحديات الأمنية والاقتصادية.. ثم،،، وقبل هذا وبعده.. يبقى مطلوبا خاصة ولا نقول أيضا من تلك «الأصوات» الاعلامية والوجوه الايديولوجية ولا نقول السياسية التي أدمنت التشويش المشبوه على المسار الثوري الاصلاحي والتشكيك باطلاق في بعض المكاسب على محدوديتها التي تحققت بالفعل من خلال عملية الانتقال الديمقراطي أن تصمت ولو قليلا هذه المرة وأن تتوراى.. لأن التمادي في «لعبة» الشحن الايديولوجي والتحريض والتشكيك في كل شيء بما في ذلك «النوايا» هذه المرة سيكون له تبعات ومحاذير اجتماعية وأمنية جد خطيرة.. أجل،،، عليها أن تفعل ذلك استيحاء على الأقل إذا كانت بالفعل حريصة كما تقول على الوحدة الوطنية وعلى تحقيق أهداف الثورة !