ينبهر زائر مدينة عين دراهم لجمال طبيعتها وسحرها الخلاّب ليعيش خلال فترة نقاهته بها أجمل أيام حياته بين أحضان الطبيعة وهدوئها ونسيمها العليل وعلى العكس يعيش سكّان المدينة وأحوازها حالة من الفقر تعكس الوجه الآخر والخفي لجمال الطبيعة حيث يرى كثير من سكّانها الأصليين في برودة شتائها وقلة موارد الرزق بها معاناة كبرى ففي الوقت الذي مازلنا نعيش فيه ما تبقى من الصيف بين البحر والسهر والسمر، إنطلق سكّان المنطقة الأصليين في الإستعداد للشتاء مبكّرا ومن الآن بجمع حطب الغابة للتدفئة وإقتناء مؤونتهم لإعداد عولتهم من الكسكسي أساسا توفيرا لموارد غذائهم شتاء ومع ذلك يظلّ أملهم كبير في مستقبل منطقتهم التي تعيش واقعا تنمويا مريرا وضعيفا لتهميش المنطقة خاصة في المجالين السياحي والفلاحي فالقطاع السياحي إلى مزيد تطويره وتفعيله فرغم ما يحتويه الشريط السياحي عين دراهم- طبرقة من مخزون طبيعي كبير وروافد سياحية ومحميات طبيعية خلاّبة وجبال وسدود وبحيرات جبلية ونباتات نادرة وعيون ومياه رقراقة ومناطق رطبة ومسالك صحية تحتضنها الغابات الخضراء إلا أنها ما زالت تفتقر لتوظيف حقيقي لهذه الثروات في مجال السياحة البيئية بهدف مزيد إستقطاب السيّاح والمولعين بحب الطبيعة وبمنتوج السياحة الخضراء من ثلوج وشلالات المياه المنحدرة من الجبال الشاهقة والمناظر الطبيعية الخلاّبة رغم أن المؤشرات تؤكّد إرتفاع عدد زائري المنطقة وسياحها على إثر نزول كميات قياسية من الثلوج بين سنتي 2011 و2012 وهو مؤشّر ملحوظ عن تطوّر السياحة بعين دراهم. ضعف الانتاج الفلاحي.. ومن جهتها تعيش الفلاحة ضعفا كبيرا في منتوجها رغم وجود منطقة سقوية بمنطقة حمّام بورقيبة تمسح حوالي 842 هكتارا منها 780 هكتارا ثابتة ولكنها غير مستغلّة وغير مفعّلة وفق ما هو مطلوب بإعتبار أن المسح العقاري الإجباري للمنطقة لم يقع إلى حد الآن رغم أن عملية الحصر تمت ورغم إحالة الملف للمحكمة الإدارية لم يتحصّل فلاّحو المنطقة على وثائقهم الرسمية التي تخوّل لهم التمتّع بقروض بنكية وتعرف الشبكة المائية لهذه المنطقة عديد الأعطاب نظرا لتكاثر عملية التخريب وغياب الصيانة الدورية المستمرة نظرا لمحدودية الموارد المالية لمجمع المنطقة السقوية بالخمايرية رغم حاجة فلاّحي المنطقة لمنظومة مائية كبرى لريّ زراعاتهم البعلية والكبرى ممّا يتطلّب تسوية عقارية سريعة للوضع العقاري لهذه المنطقة وتجهيز الشبكة المائية وتدعيم الفلاّحين بتجهيزات الريّ العصري ولمزيد ضمان نجاعة هذه المنطقة السقوية من الضروري إيجاد حلول للإستثمار الفعلي الخاص بالزراعات العلفية وتربية البقر الحلوب وإحداث مركز لتجميع الحليب وتنويع الزراعات مع إدخال برنامج للفلاحة البيولوجية ضمن هذه المنظومة إلى جانب تأكيد دور الإرشاد الفلاحي في مزيد تثقيف وتوعية الفلاّحين بخصوصيات ومميّزات وتقنيات الفلاحة البيولوجية العصرية ودعمهم بالبذور الممتازة بعث موارد رزق وللحدّ من مظاهر الفقر والخصاصة بالمنطقة قرّرت الحكومة الحالية التدخّل لبعث موارد رزق لفائدة العائلات فقيدة السند وذات الخصوصية من خلال إقرارها للتنمية المندمجة بعين دراهم بما كلفته الجملية 5064 ألف دينار حيث تمّ إمضاء عقد برنامج تنفيذ هذا المشروع منذ شهر أفريل2011 ليشمل 11688 نسمة من سكّان منطقة التدخّل حسب إحصائيات سنة 2004 ويتكوّن هذا المشروع من بناء 26 منطقة حرفية للصناعات التقليدية وتهيئة وتعبيد مسلك سيدي محمد الترايكية بعمادة العطاطفة على طول 3.2 كم بما كلفته 646 مليون وتهيئة وتعبيد مسلك التبائنية- فرينة بعمادة التبائنية على طول 4.3 كم بما قيمته 761 مليون وتهيئة حي الحديقة بمدينة عين دراهم على طول 1.3 كم وتبليط الأرصفة على مساحة 2000متر مربع وتنوير 37 نقطة إضاءة عمومية بما كلفته 300 مليون وإحداث مركز للصحة الأساسية صنف 2 بسيدي إمحمد بعمادة العطاطفة بما قيمته 115 مليون وإحداث ناد للشباب الريفي بنفس المنطقة بمبلغ 200 مليون وبنفس المبلغ سيتم إحداث ناد آخر بقرية التبائنية إلى جانب إحداث 6 مشاريع فلاحية مندمجة بما قيمته 230 مليون و37 مشروعا للفلاحة الصغرى بقيمة 830 مليون و3 مشاريع للمهن الصغرى ب120 مليون و32 مشروعا في مجال الصناعات التقليدية بما قيمته 320 مليون ولكن هذه المشاريع تتراوح حاليا بين الانجاز والتعطيل وتتراوح نسبة إنجازها بين 7 و100./. وتعود أسباب تأخّر الإنجاز إلى عديد العوامل منها تعطّل الدراسات وتعطّل تمويل البنوك لعدم توفّر الضمانات وعدم تسوية الوضعيات العقارية وروتينية الإجراءات الإدارية المعروفة إلى جانب تأثيرات الظروف المناخية الصعبة بالمنطقة على تأخّر مدّة الإنجاز والتنفيذ. ولكن هذا المشروع للتنمية المندمجة على أهميته يبقى ظرفيا وغير قار بإعتبار ما سيوفّره من موارد رزق ظرفية لهذه العائلات التي تحتاج إلى مشاريع إستثمارية واعدة يمكن أن تخفّض من إرتفاع نسبة الفقر بالمنطقة والحدّ من ظاهرة البطالة المتفاقمة على غرار إنشاء مصنع للمياه المعدنية خصوصا وأن المادة الخام لهذا المشروع متوفّرة حيث توجد بعين دراهم أكثر من 700 عين طبيعية خاصة بالمياه الصالحة للشراب إلى جانب وجود أكثر من 1000 من هذه العيون الطبيعية ولكنها مهملة وتفتقر للصيانة ومن الممكن إستثمارها في هذا المشروع لتعليب المياه الطبيعية الخاصة بالشرب منصف كريمي ومحمد الهادي العبيدي