بعد أن تحسن التعاون النسبي بين الشعبين الشقيقين في مصر وفي فلسطينالمحتلة وتحديدا في قطاع غزة بدات القيادة العسكرية الجديدة توجه ضربات موجعة للاخاء المصري والفلسطيني ولجهود رفع الحصار عن قطاع غزة.. الضربة الموجعة الجديدة كانت هذه المرة من خلال هدم المساكن المصرية القريبة من مدينة رفح القلسطينية الحدودية.. و»التهمة» مشاركة سكان الحدود في تهريب مواد غذائية وملابس ومواد استهلاك متفرقة الى «العدو» الفسطيني.. «عبر الانفاق».. غريب الوضع الذي وصلت اليه الامور في بعض العواصم العربية.. وتحديدا في بلد مثل مصر العظيمة.. الذي يعتبر فيه الشعب نفسه امتدادا لشعب فلسطين والعكس.. لقد كشفت وسائل الاعلام المصرية والسورية والفلسطينية والدولية مؤخرا تعاقب المضايقات للاشقاء المهاجرين الفلسطينيين والسوريين في مصر ما بعد انقلاب 3 جويلية.. ومعضلة هؤلاء ان اغلبهم فر من نيران الحرب المدمرة التي حصدت الى حد الان اكثر من مائة الف قتيل وتسببت في ملايين المشردين والجرحى والجياع في الشقيقة سوريا.. هرب آلاف الفلسطينيين والسوريين من الموت والحرب الى مصر العروبة.. يحلمون بالقطع مع السياسات الخارجية لمرحلة ما قبل ثورات الربيع العربي.. سياسات الولاء شبه الكامل لأجندات سلطات الاحتلال الاسرائيلية.. والتبعية لمخططات تستهدف حركات التحرر الوطني الفسطينية والعربية بكل ثمن.. ظنوا واهمين ان مرحلة تبعية الحكام العرب لناتنياهو وليفني وبيريز وايهود باراك قد اغلقت بعد الاطاحة بحسني مبارك.. لكنهم كانوا واهمين.. والآن؟... هل من السهل ان يقبل ساسة مصر العظيمة انخراط بعض حكامهم مجددا في اجندة تهدف الى تضييق الخناق وتشديد الحصار على حوالي مليون ونصف المليون من الفقراء واللاجئين والنازحين الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة في ظروف درامية منذ حرب 2009/2008؟ هل سيقبل الوطنيون وانصار الحرية في مصر التضييقات «المجانية» التي تفرضها مصالح امنية وعسكرية مصرية منذ انقلاب 3 جويلية على ابناء الشعب الفلسطيني الذي اجبرته معطيات التاريخ والحغرافيا على استخدام معبر رفح للخروج من سجنه الكبير.. والسفر الى الخارج للعلاج والدراسة او بحثا عن لقمة العيش المرة؟ لقد رأيت بأم عيني في مطار تونسقرطاج في جويلية الماضي طلبة فلسطينيين ينسحبون من صف الرحلة المتجهة الى القاهرة بعد بلاغ قدمه لهم ممثل شركة الطيران عن غلق معبر رفح.. وعن منع الفلسطينيين من مغادرة مطار القاهرة عدة أيام «في صورة إصرارهم على السفر».. كانوا شبانا في عمر الزهور.. يتحرقون شوقا لزيارة الأم الحزينة.. والأب المنكوب.. والاشقاء المحاصرين اسرائيليا وعربيا.. بكوا وبكى مسافرون تونسيون معهم.. لكنهم انسحبوا.. وحرموا من زيارة اهلهم.. ومن متعة عبور مدينة رفح المصرية الفسطينية.. التي أرادها الأجداد جسرا للإخاء وقرر بعض العسكريين العرب ان يجعلوها مقبرة اضافية للمصريين والفلسطينيين الذين لايزالون يعارضون الاحتلال الاسرائيلي وعملاءه..