تحدثت الممثلة التونسية سناء يوسف المعروفة في تونس بلقب كسوس، بنبرة فيها من الثقة بالنفس والطموح للأفضل، تطرقت خلاله لمواضيع عن واقع تونس وعن مشاريعها الفنية وعن نشاطها الثقافي والفني في مصر وسوريا وغيرها من الأعمال الدرامية والسينمائية العربية التي شاركت فيها. كان ذلك في لقاء جمعها ب"الصباح". لكن نَفَس التفاؤل والطموح لتطوير تجربتها وتعزيز ما حققته في مسيرتها الفنية، رغم قصرها، الذي طبع حديثها لم يخف مشاعر خوف محدثتنا من التأثيرات السلبية للأحداث الدامية والأليمة التي تعرفها بلدان الربيع العربي وتهديدات بعض الجهات للفعل الثقافي في مختلف أشكال تجلياته وأبعاده. كما تحدثت عن موقفها من القضايا والمسائل التي عادة ما تعترض الممثلة في مسيرتها من قبيل أدوار الإغراء حيث قالت بالخصوص انها لا ترفض مثل هذه الادوار لكنها ضد ما أسمته بخدش الحياء وعلاقتها بنجوم التمثيل بما في ذلك "التونسيات" في مصر وتجربة الغناء والإخراج. فكان الحوار التالي: * كيف استطعت فرض نفسك في الصفوف الأولى لنجوم التمثيل في توقيت يعد قياسيا مقارنة بمسيرة وتجارب نجوم الشاشتين الصغيرة والكبيرة؟ - أعترف أن دخول سوق التمثيل في مصر ليست مهمة سهلة أو يسيرة لأنها تعد فضاء صناعة الدراما والسينما بجميع مقاييس النجاح والنجومية. ولكن انفتاح هذه السوق على التجارب العربية وسياسة فسح المجال أمام المبدعين العرب التي تتبعها منذ عقود من العوامل التي شجعتني على خوض التجربة وعدم تفويت الفرص التي أتيحت لي هناك. ولا يخفى على أحد أن تجربتي في تونس كانت متميزة بالنظر إلى الأعمال التي شاركت فيها بفضل الدعم الكبير الذي وجدته من الممثلين والمخرجين في تونس. إذ شاركت في عدد من الأفلام التونسية والأجنبية إضافة إلى سبعة مسلسلات تونسية خلال العقد الأخير من بينها "صيد الريم" و"عودة المنيار" و"الليالي البيض" الذي توجت فيه بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بمصر سنة 2007. وكانت تلك الجائزة منطلقي لدخول مصر وغيرها من الأعمال الدرامية الأخرى. * لكن المعروف أن هجرتك إلى مصر لم تكن من أجل التمثيل بل من أجل إتمام دراستك في الإخراج؟ -صحيح أني درست الإخراج في تونس وسفري إلى مصر كان من أجل مواصلة التخصص في هذا المجال والاحتكاك بالتجارب المصرية المعروفة. لكن الجائزة التي تحصلت عليها في ذلك العام فتحت لي المجال لمواصلة التمثيل هناك بعد أن تلقيت عرضا لتجسيد دور وردة الجزائرية في مسلسل "بليغ حمدي" فلم أفوت الفرصة ثم تتالت الفرص لأشارك في "صدق وعده" المصري السوري لأكون إلى جانب نجوم التمثيل من مصر وسوريا والأردن على غرار سوسن بدر وغيرها. فكانت الانطلاقة الحقيقية لمسيرتي في الدراما العربية دون تخطيط مسبق. * كيف تقيمين التجربة إلى حد الآن؟ - لا أبالغ إذا قلت إني راضية عن التجارب التي خضتها والتي تعاملت فيها مع ثلة من صناع الدراما والشاشة في الوطن العربي على غرار القدير محمد فاضل في "السائرون نياما" ومع المبدع الكبير عادل إمام في فرقة ناجي عطا الله والعملين الأخيرين اللذان عرضا في رمضان الأخير"نقطة ضعف" مع خالد سليمان و"فض اشتباك" للمخرج حازم متولّي. إذ يكفي شهادة واعتراف مثل هذه الأسماء بكفاءتي وتميزي. وهي شهادات تحفزني للعمل بثبات من أجل أن أكون في مستوى الثقة والأدوار التي تمنح لي والأسماء الرائدة التي أعمل إلى جانبها. خاصة وأن تكويني في الإخراج وتجاربي في تونس ساعدتني على خوض التجربة بأريحية كبيرة. * هل يعني ذلك أنك تخليت عن الإخراج وأصبح هاجسك النجاح في التمثيل لا غير؟ -بالعكس يبقى الإخراج مشروعا قائما بالنسبة لي ولكنه مؤجل في الوقت الحالي بعد أن أخذ التمثيل كل وقتي ولم أوفق في المرحلة الأولى في إتمام ما كنت ذهبت من أجله إلى القاهرة لأني أسعى للاستفادة من تطور التقنيات في الصورة حتى أكون على بيّنة وأتواصل مع اختصاصي. ولكن كل تركيزي واهتمامي موجه في هذه المرحلة إلى التمثيل. لذلك انا حريصة على اختيار الأعمال المميزة وانتقاء الأدوار التي تبرز قدراتي في المجال. لذلك وجدت دوري في شخصية "نور" في نقطة ضعف مصدر إضافة لي بعد أن تسنى لي من خلاله أن أكشف عن جانب من قدراتي على الغناء. فبعد خمس مشاريع عمل قبلت السنة الفارطة عملين دراميين. * ألم يشجعك تميزك في آداء دور الفنانة "نور" على الغناء في المستقبل بعد أن أبديت من القدرات في المجال ما يمكنك من النجاح؟ لم أجد الوقت الكافي للقيام ب"البرايف" والتحضير لدوري في مسلسل "نقطة ضعف" لأني منذ الصغر كنت مغرمة بالغناء ولكن لم أتجه إلى صقل هذه الموهبة أو تطويرها. واكتفيت بالغناء "مناسباتيا". ولكن إذا ما وجدت من يصقل موهبتي ويساعدني على الوقوف في هذا المجال فلن أفوت الفرصة. * وهل صحيح أن اتساع دائرة الخيارات والرهان على النجاح في الدراما والسينما العربية ولمَ لا العالمية يجعل من هم في مثل تجربتك في غنى عن التجارب المحلية؟ - أنا شخصيا لا يمكن أن أكبرعن تونس وعن السينما والدراما والمسرح في بلدي. وتبقى مهجتي الفنية مفتوحة إلى أيّ تجربة في تونس إذا كان الوقت يسمح لي بذلك. لأنه مهما كبر الفنان وعلا نجمه فإن بلاده وثقافته وأفقه الأول يبقى الوطن حسب رأيي. لذلك أوجه دعوة إلى المخرجين والمنتجين في تونس ليمنحوني فرصة البقاء في دائرة الأعمال. * كيف تفاعلت مع الأحداث التي عاشتها كل من تونس ومصر بعد الثورة؟ - رغم أني أفضل عدم الخوض في الشأن السياسي إلا أني لا أنفي أن شعوب هذه البلدان كانت محتاجة لمثل هذا التغيير. وكنت يوميا مع الأحداث في تونس لحظة بلحظة رغم انشغالي بالعمل والتصوير بين مصر وسوريا. ويحز في نفسي أن أرى الوضع في بلادي يتدهور إلى درجة أن غابت الابتسامة على وجه التونسي. في المقابل لا ننفي ما تحقق من مكاسب وان اقتصرت على الحريات وتعدد القنوات التلفزية وتنوع المشهد الإعلامي في تونس. *وهل تعتقدين أن في شح الفعل الثقافي واتساع دائرة الضغوط على الحريات في بلدان الربيع العربي بما في ذلك تونس تاثير سلبي على الإنتاج والابداع؟ - أعتقد أنه من واجب المثقف والمبدع والفنان أن يدافع عن مكاسب الحريات والديمقراطيات عبر العمل لا غير وليس بالاكتفاء بإبداء الرأي والاستشراف النظري مثلما هو الشأن للوضع الراهن في تونس أو بعض الأوساط العربية بشكل عام. فرغم نقص عدد الأعمال الدرامية في مصر بعد الثورة بسبب تردي الوضع والعراقيل، فإن المراهنة كانت موجهة إلى الأعمال النوعية والمواضيع الجادة. وفي تونس لم تتوقف المهرجانات رغم الصعوبات والظروف الصعبة. وهذه كلها أعتبرها خيارات صحية من شانها أن تفيد المنجز الثقافي إذا ما كانت هناك عزائم وإرادة ثقافية عملية. * ما هي مشاريعك الجديدة؟ - أنا بصدد دراسة مشروع فيلم تونسي لم أتفق مع الجهات المعنية بشأنه إلى حد الآن. كما أني أستعد للقيام بدور البطولة في عمل درامي مصري ضخم سيعرض خلال شهر رمضان القادم. * هل أنت على تواصل مع الممثلات التونسيات في مصر خاصة من سبقنك في التجربة هند صبري ودرة زروق وفريال قراجة على سبيل الذكر؟ - الحقيقة ليس لي أيّ تواصل او اتصال مع أيّ واحدة من هؤلاء. فمصر سوق فنية كبيرة تضم أسماء من كامل البلاد العربية. وكل واحد منشغل بهاجسه ويسعى من أجل طموحه وهو فرض ذاته في الساحة. وأعتقد أن هذا العامل حال دون تواصلي مع أيّ واحدة منهن. ولم تصادف الفرص لنلتقي هناك. - ما هو مشغلك الحالي؟ كل هواجسي واهتماماتي موجهة إلى تونس التي أتمنى أن تحقق أهداف ثورة شبابها. وبقدر فرحي بنبإ خروج سامي الفهري من السجن بقدر خوفي على الحريات وخطر الديكتاتورية الذي يهدد بلادنا تحت دواعي وألوان مختلفة.