مثّل القرار الذي اعلنت عنه مؤخرا شركة الخطوط الجوية التونسية والقاضي بإلغاء الرحلات الدولية من والى مطار توزر- نفطة، ضربة موجعة للقطاع السياحي بصفة عامة وللسياحة الصحراوية خاصة. ففي الوقت الذي اكدت فيه مصادر من داخل الشركة صحة هذا القرار، نفت وزارة النقل في اكثر من بلاغ وجود اجراء او تحوير يتعلق به... حيث صرحت سلافة المقدم المكلفة بالاعلام والاتصال صلب شركة الخطوط الجوية التونسية ل"الصباح" ان "الشركة قررت الغاء الرحلات الدولية المنتظمة عبر مطار توزر- نفطة لتدعيم الرحلات الداخلية بتطوير جودة الخدمات..." واضافت ان من اهم الاسباب التي اعتمدتها الشركة في اتخاذ هذا القرار"هي قيمة الخسائر التي تكبدتها والتي تقدر ب3 مليون دينار على خط فرنسا فقط ولمدة سنة واحدة (2012)"، مبينة ان الشركة نظمت للغرض برنامجا للرحلات الداخلية "سوف يمتد على خمسة ايام ينطلق ابتداءا من يوم الجمعة الى غاية يوم الاثنين من الاسبوع الجاري..." وذكرت سلافة المقدم ان في هذا البرنامج سيقع تنظيم رحلتين يوميا من مطار تونسقرطاج باتجاه مطار توزرنفطة، الاولى سوف تنطلق على الساعة الثانية بعد الزوال والثانية على الساعة الثامنة ليلا، مشيرة الى ان"هذه الرحلات تعمل على تجميع المسافرين من وجهات اوروبية مختلفة في مطار تونسقرطاج كنقطة تحويل لتتجه فيما بعد الى جهات الجنوب عبر مطار توزرنفطة..." بالمقابل، قررت وزارة النقل تاجيل تنفيذ هذا المقترح في انتظار ان تقوم بدراسة معمقة حول هذا البرنامج الذي يعتمد وفق مقترح الخطوط التونسية على الترابط بين الرحلات الدولية للخطوط التونسية والرحلات الداخلية بالتنسيق مع الخطوط التونسية السريعة. كما اكدت في بلاغ لها امس، انه لايوجد اي اجراء او تحوير على نظام رحلات مطار توزر- نفطة الدولي وتنفي بشكل قاطع كل معلومات تروج عن مصادر غير مصالح اعلام وزارة النقل.. وبين تضارب المصدرين حول هذا القرار، عبرت جهات اخرى على استنكارها له، من ذلك اعتبر الاتحاد الجهوي للشغل بتوزر خلال بيان له، ان "كل من فكر وخطط وساهم في مثل هذه القرارات بحذف الرحلات الجوية الدولية يستهدف اقتصاد الجهة ويسعى إلى خلق أزمات وبالتالي شريك في جريمة ممنهجة لتدمير نشاط مطار توزر- نفطة الدولي منارة الجنوب الغربي والشريان الحيوي لقطاع السياحة الصحراوية". كما نظّم أهالي جهة توزر وقفة احتجاجيّة أمام مقر الولاية، مطالبين شركة الخطوط التونسيّة بالعدول عن قرار إلغاء جميع الرحلات الدوليّة من وإلى مطار توزر- نفطة الدولي والاقتصار على الخطوط الداخليّة فقط. محرك اقتصادي حيوي.. وحول تاثيرات القرار على الحركة الاقتصادية بالجهة وعلى قطاع السياحة الصحراوية، افاد محسن سهل نقابي بقطاع السياحة بان مطار توزرقرطاج "يعتبر قاطرة هامة لدعم الاقتصاد بجهة الجنوب، ويساهم بشكل كبير في تقريب الخدمات السياحية للحريف.. كما يساهم في تغطية نسبة هامة من اليد العاملة..." واضاف ان هذا القرار كما يضر بالقطاع السياحي من شانه كذلك ان يؤثر على الشركة في حد ذاتها، مشيرا الى ان الشركة بالغائها الرحلات الدولية على المطار المذكور"سوف تفقد موارد مالية هامة كانت متاتية من هذه الرحلات...." . وذكر محسن سهل ان"هذا الاجراء ياخذ منحى سياسي غُيّب فيه الجانب الاقتصادي، ويطرح في مضمونه نقاط استفهام"، مبينا انه اجراء قد يكون من بين الاجراءات التي تتجه بالشركة نحو التفويت فيها لصالح الخواص..." حسب تعبيره. وعلى الصعيد الوطني، بين سهل ان هذا الاجراء من شانه ان يعمق معضلة البطالة وذلك بتسريح العمال من المطار وفقدانهم لخططهم المهنية، مشيرا الى امكانية تراجع قطاع الطيران والمطارات في الجهة خاصة اذا ما تسبب القرار في غلق مدارس الطيران... ومن جهته، افاد جلال الهنشيري رئيس الجامعة الجهوية للنزل بالجنوب الشرقي ان هذا القرار "يعتبر صعبا على القطاع السياحي عامة وعلى منتوج السياحة الصحراوية بصفة خاصة"، مبينا ان المشكلة "تعد اكبر بكثير من فحوى هذا الاجراء، لان السياحة اليوم تراجعت كثيرا من مستوى جودة الخدمات السياحية داخل النزل الى مستوى جودة الخدمات السياحية خارج الاقامات والنزل..." وذكر الهنشيري في ذات السياق، ان المشاكل الخارجية "تتمثل اساسا في التلوث البيئي واضطراب الوضع الامني، الشيء الذي ساهم في تراجع اقبال السياح على الوجهات السياحية بالمناطق الداخلية والحدودية للبلاد"، مشيرا الى انعدام الامن على الحدود مع ليبيا ومع الجزائر والاحداث الاخيرة التي جدت في جبل الشعانبي... واضاف الهنشيري ان هذه الاسباب من اهم العوامل التي ساهمت في تراجع السياحة الصحراوية،"لكن لا يعني ان هذا الاجراء لا يساهم في تعميق ازمة السياحة الصحراوية بالمنطقة..." حيث بين الهنشيري ان العديد من العائلات بجهة الجنوب "سوف تتضرر بسبب هذا الاجراء، وسوف تشهد الحركة الاقتصادية بالجهة تعطيلات، خاصة وان السياحة الصحراوية في تلك المنطقة تعد نبض الحياة لديهم ومورد رزق الالاف من العائلات..." على حد تعبيره. واشار رئيس الجامعة الجهوية للنزل بالجنوب الشرقي الى ان الميزانية المخصصة للتنمية الجهوية تقدر ب5 مليارات "صرف منها ما يقارب ال30 بالمائة فقط"، داعيا الحكومة الى تخصيص نصيب من الميزانية قد لا يتجاوز المليار لدعم واصلاح القطاع السياحي مع اعطاء الاولوية للصحراء التونسية ومن ورائها السياحة الصحراوية...