رغم دخول الموسم الدراسي أسبوعه الثالث ظل الارتباك قائما على مستوى جداول الأوقات لاسيما في المرحلتين الإعدادية والثانوية. متسمة حينا بالاكتظاظ وأحيانا بتباعد حصص الدرس بسبب تعدد الساعات الجوفاء. حتى أن فترة ما بين الحصتين الصباحية والمسائية والمخصصة لراحة التلاميذ والعودة للبيوت وتناول ما تيسر من الطعام تم انتهاكها واقتطاع ساعة منها على حساب مصلحة التلميذ. ذلك هو أحد المظاهر السلبية المرافقة للعودة المدرسية. وإن كانت ليست بالجديدة وتعد من النقائص المعتادة المؤثثة لمشهد العودة الدراسية والمثيرة سنويا لاستياء وانزعاج الأولياء والتلاميذ إلا أنّ تمادي لخبطة جداول الأوقات هذا الموسم فيما بدا حرص وزارة التربية كبيرا لتجاوزها بإقرارها جملة من الترتيبات البيداغوجية والتنظيمية في توزيع شبكة الحصص يبقى محل استغراب وحيرة خاصة أن المعنيين بالشأن التربوي من قريب أو بعيد اطمأنوا للتوصيات الصادرة عن الوزارة قبل العودة بأسابيع والداعية إلى إحكام توزيع الجداول ومراعاة مصلحة التلميذ في المقام الأول عند ضبطها. وذهبت الوزارة إلى حد التشديد على وجوب الفصل بين فترتي الدراسة واحترام المدة الفاصلة بينها بساعتين وعدم المس من هذه المدة الزمنية مهما كان الظرف.غير أنّ دار لقمان ظلت على حالها في عديد المؤسسات التربوية. وحرم بعض التلاميذ من فترة الراحة كاملة عند الظهيرة بتمديد ساعات الدرس إلى ما بعد منتصف النهار أحيانا. كما انتظر الأولياء والتلاميذ الشروع في تنفيذ التوقيت الدراسي اليومي الجديد المقترح من وزارة الإشراف بتحديد حد أقصى للنسق اليومي بست ساعات درس على أن لا يقل أدناها عن الساعتين مراعاة لطاقة التلميذ على الاستيعاب، لكن هذا لم يحصل وتم تجاهله بشكل فاضح ليطرح التساؤل حول سبب تغييب توصيات الوزارة عن جداول الأوقات وضرب عرض الحائط بتوجهاتها مع بلوغ سقف الإيقاع اليومي للدروس السبع ساعات بل وبلغ ذروته أحيانا محطما كل الأرقام القياسية في فن تمطيط اليوم الدراسي إلى أقصى مداه ليصل إيقاعه إلى التسع ساعات كما يحصل في بعض المؤسسات. اللافت للنظر أن الغاضببن من توزيع الجداول لا يتوقف عند التلاميذ إنما يهم كذلك إطار التدريس الذي بلغت به موجة الاحتجاجات والانتقادات دخول بعضهم في اعتصامات وحتى الإضراب كما حصل في أحد المعاهد خلال الأيام الأولى من السنة الدراسية. إنها لعنة فوضى الجداول التي عجز كل الوزراء المتعاقبين على حقيبة التربية في فضها وفشلت كل التوصيات والتعهدات في جعلها أقرب ما يكون مراعاة لمصلحة التلميذ وتكيفا مع قدرته على الاستيعاب وعلى ترشيد نسق يومه الدراسي. وإذا كان الحال بهذه السلبية والفشل في التعاطي مع هذا الملف فما بالك ببقية الملفات التربوية الحارقة التي تشكل جوهر المنظومة التعليمية.. قطعا سيكون طريق الإصلاح طويلا.