الشاعر التونسي نور الدين هلال مقيم بفرنسا منذ أكثر من أربعين سنة ولكن صلة الوصل لم تنقطع بينه وبين تونس ومثقفيها تعامل معهم كمصور مناسبات وحفلات وككاتب كلمات غنائية وشاعر. سبق له ان اصدر ديوانين الأول عنوانه "رحلة شاعر للوفاء والحب " سنة 2005 والثاني في بداية جانفي 2011 وعنوانه " ذكريات " وكتب عديد الأغاني للعديد من المطربين التونسيين في أغراض شعرية متنوعة في إطار الهواية (أي انه لا يسترزق من شعره حتى انه تابع في التلفزة تتويج احد المطربين التونسيين تقدم لمسابقة في مهرجان كبير بأغنية من كلماته ونال عنها جائزة هو والملحن دون ان يذكر أي منهما صاحب الكلمات نور الدين هلال او يوجه له تحية) ولكنه اليوم قرر ان يكتب لتونس وان يتعامل مع كل المطربين الذين لا يرون مانعا من تحميل إنتاجهم الغنائي القضايا العربية الحارقة وتونس اليوم وراهنها وما يعيق أمنها وازدهارها وراحة بال أهلها. وفي هذا الإطار كان تعامله مع الفنان عباس المقدم الذي يعقد معه حاليا جلسات مطولة ومرهقة لاختيار بعض القصائد الصالحة للتلحين علما بأنه يسجل هذه الأيام البوما جديدا يتضمن ثلاث أغان من قصائد الشاعر نور الدين هلال وهي "يا دمشق" التي اختار منها المقدم بعض المقاطع ولحنها وغناها ويقول مطلعها: " مهما كاد الأوغاد ***مهما ضيق الطوق رغم الداء والأعداء ***ستبقى يا دمشق شماء مهما جنى الجبناء***فعز الشرق أنتي سلمت يا سوريا ***يا سوريا سلمت ... أين أنت يا نزار ***أين الرصاص والقلم جفت ينابيع الأفكار أم اصابها العقم يا يارا أنا عباس ***أهديك عطرا ووردا أنا تونسي الأنفاس شرييني من بردى... يكتب بأغلب اللهجات العربية وبالفصحى قصيد مطول حمله الشاعر همه وآلامه وانفطار قلبه وشعوره باليأس والإحباط والسبب حسب ما صرح به ل"الصباح" في لقاء جمعنا به في بداية الأسبوع: " موقف العرب المتخاذل من المؤامرة الدولية التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق وخاصة نساءه وأطفاله الأبرياء والغياب البارز ل(صلاح الدين) وللفنانين العرب والشعراء فناديت نزارا ورثيت يارا وألهمت عباسا ". نور الدين هلال بدا كتابة الشعر وكلمات الأغاني باللغة العربية الفصحى وباللهجات المصرية واللبنانية منذ الصغر ولكن لقاءه مع الملحن مروان عبود سنة 1998 كان حاسما في مسيرته حيث لحن له أغاني كاسات " ح تندم " و" مين كان يصدق " و"و فكروك " وفيها تعامل مع الفنانين علي هلال وصفاء الدهان واللبناني اسكندر قيطاري وسناء ساسي وعائدة نور. كما لحن له البعض من كلماته الملحن عماد العبيدي وحكيم جليد وفي سنة 2004 بدا تعامله مع الفنان عباس المقدم الذي لحن له وغنى " بلا تشكي "و" يا قلب خذني " و" كرهتك " و" زبد شطآني " وقصيدة " نشيد العلم " وهذه القصيدة والكلام هنا للشاعر نور الدين هلال: "كتبتها في فرنسا بعد حادثة إنزال العلم التونسي في جامعة منوبة وحادثة بنزرت هذه الحادثة ألمتني وأبكتني وجعلتني أقول ... يا من تشق** عنان الفضاء تخفق فوق **كل سماء عشت طول الأمد عشت بعد الأزل عشت.. عشت ونحن فداك يا علم..يا يعلم يا علمنا حمرة من رحيق** دم الشهداء وهلال نجم **لدين محمد نحن جنودك لا** نهاب الردى نفديك بالأرواح** بالبنت والولد .. نحن رجال البلاد **حماة الحماء وأنت رمز المجد** أنت صرح الولاء ان تكن ارض** النسور السماء فتونس الخضراء** ارضي ومهدي والمرقد وأضاف الشاعر:" صحيح أنني كتبت عن الحب والهجر والحرمان وسبق أن كتبت أغاني وأناشيد وطنية ولكنني أحسست وبعد ما بثته الإذاعات والفضائيات التونسية من أغاني يقال إنها وطنية وبعد ان سمعت نفس الأغنية في كل وسائل الإعلام السمعية والبصرية عشرات المرات في اليوم الواحد أدركت انه تنقصنا في تونس الأغاني الوطنية والأناشيد التي تتغنى بالشعب التونسي وبأمنه وجيشه وتذكر بأغنية الراحلة علية " بني وطني " فكتبت قصيدة "يحيا الشعب" التي سيغنيها الفنان عباس المقدم في البومه الجديد ومن بين ما أقول فيها: يحيا الشعب ..يعيش الشعب..كل الشعب هي حكاية شعب.. احلي شعب في الدنيا هي نقاوة قلب.. اطهر قلب يحملنا قدرك عالي عالي عالي ..عالي غالي يا بلدنا .." بعد الثورة صور كل الوثائق التونسية الهامة والثمينة في فرنسا الشاعر نور الدين هلال يمارس فن التصوير الفوتوغرافي في باريس منذ سنة 1978 ويوثق للمناسبات الخاصة والعامة وقد وثق ايام الثورة التونسية بالصورة كل الوثائق التونسية الهامة والثمينة الموجودة في القنصليات التونسيةبفرنسا وبسفارتنا في باريس لتوضع في الأرشيف ولا يقع الاستيلاء عليها خلال أيام الفوضى وحتى لا يقع التفريط فيها لفائدة آية جهة. وبحكم مهنته هذه وتعامله اللصيق مع التونسيين الذين يزورون تونس لاحظ ان وزارة الثقافة مازالت تتعامل مع نفس الوجوه تقريبا ونفس الفنانين وانها لا تمكن إلا الفنانين الشعبيين وممارسي الرقص الفلكلوري والمزود من تمثيل الفن التونسي في الخارج ومن التعريف بالثقافة التونسية وانها تتناسى المثقفين الحقيقين ومطربي الفن التونسي الأصيل ولا تنوع الفنون ولا تمنح الفرص للجميع بالتساوي". مشاريع الشاعر نور الدين هلال المستقبلية كثيرة ولكن أقربها هو صدور نشيد وطني يتغنى بتونس لحنه مروان عبود وهما حاليا بصدد اختيار صوت نسائي قادر على تبليغ ما فيه من مشاعر صادقة وأحاسيس وغيرة على تونس وسيادتها.