تونس تستعد للاحتفال باليوم الوطني في إكسبو أوساكا 2025    وزارة الفلاحة تُعلن عن إجراءات جديدة لدعم تمويل ربط الأعلاف الخشنة وتكوين مخزونات ذاتية لمربي الماشية    إيلون ماسك يدخل على خط الساخرين من ماكرون بعد صفعة بريجيت على الملأ.. ماذا قال؟..    كان يرقص عاريا في المرحاض.. طاقم طائرة يعثر على المضيف المختفي    هكذا ودع ترامب إيلون ماسك في المكتب البيضاوي    علي معلول يعلن رحيله عن الأهلي المصري    عمادة المهندسين تُندّد بإيقاف عدد من منخرطيها قبل صدور نتائج الاختبارات الفنية    ملف اغتيال بلعيد والبراهمي: 8 سنوات سجنا لإطارات أمنية في قضيّة «الغرفة السوداء»    كأس تونس لكرة اليد .. نهائي الفرجة بين الترجي والساقية    وزير التربية في ندوة صحفية .. جاهزون للامتحانات الوطنية وبالمرصاد للغشّ    دراسة: نصف سكان العالم واجهوا 'شهرا إضافيا' من الصيف    البنك المركزي التونسي يقرّر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير..    عاجل: وزارة الفلاحة تعلن عن توفير قروض ميسّرة لفائدة منتجي الأعلاف الخشنة ومربي الماشية    المتبسطة في قلب الانتقال الطاقي: محطة شمسية بقدرة 100 ميغاواط تقترب من الإنجاز    بشرى لأهالي الزهروني: نقل محكمة الناحية تونس 2    طارق العربي طرقان.. أيقونة أغاني الطفولة يروي قصة نجاحه وكواليس الرسوم المتحركة    النفطي يشارك في القاهرة في اجتماع تشاوري حول ليبيا بحضور نظيريه المصري والجزائري    كيف يؤثر تناول السكر على معدة فارغة على صحتك؟ نصائح مهمة للتونسيين    موعد وصول الحافلات الصينية إلى تونس    دعاء الجمعة الأولى من ذي الحجة    مودريتش يقترب من وداع ريال مدريد... وجهته المقبلة قد تكون مفاجئة!    مائدة حوارية تسلط الضوء على سبل الحد من التدخين في تونس    حماية للأطفال: فرنسا تمنع التدخين في جميع الأماكن العامة    الغضب خطر صامت على الصحة: تعرّف على طرق الوقاية منه بخطوات بسيطة    117 كاتبا و 22 طفلا يتنافسون على الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    حشيش داخل حلوى: شركة حلويات معروفة تسحب منتجاتها من السوق    الخطوط التونسية تطلق عرضًا استثنائيًا نحو إسطنبول    تونس: 5تلاميذ من أطفال القمر يجتازون امتحانات الباكالوريا    توصيات هامّة من الحماية المدنية من اجل سباحة آمنة.. #خبر_عاجل    صابة قياسية للحبوب في تونس بعد سنوات الجفاف: هل تنخفض أسعار العجين؟    الكاف.. انطلاق تظاهرة ثقافية في فن التصوير على مائدة يوغرطة    قفصة: دخول قسم الأطفال بالمستشفى الجهوي بالمتلوي حيز الاستغلال الفعلي    صادرات تونس نحو البرازيل تزيد وتصل قيمتها إلى 137 مليون دينار في 2024    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    عاجل : ريال مدريد يتعاقد مع نجم جديد    تصعيد جديد.. الجزائر تهاجم باريس بسبب "تجميد أصول مسؤولين"    خوفاً من "تهور" نتنياهو.. واشنطن توقف "التنسيق" مع تل أبيب    بكالوريا 2025: أكثر من 151ألف تلميذ يجتازون بداية من يوم 2 جوان القادم الاختبارات الكتابية لامتحان البكالوريا    عاجل/ متحور جديد من كورونا ينتشر في بعض دول العالم.. والصحة العالمية تحذر..    ملتقى تولوز الدولي لالعاب القوى بفرنسا: عبد السلام العيوني يحل رابعا في سباق 800 متر    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    ملتقى الحرية للسباحة بفرنسا: جميلة بولكباش تفوز بذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة وتحطم الرقم القياسي الوطني    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    الجامعة التونسية لكرة القدم: 18 جويلية جلسة عامة عادية واخرى لانتخاب اللجان المستقلة    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    وزير الشؤون الدينية: الحجيج التونسيون يؤدون مناسكهم على أحسن وجه    تحذير من ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة خلال عطلة العيد    رولان غاروس : ديوكوفيتش يفوز على موتيه ليواصل مشواره نحو رقم قياسي في البطولات الكبرى    زغوان: دعم جديد للمنشآت الصحية وتجهيزات حديثة بفضل برنامج "الصحة عزيزة"    طقس اليوم: سحب قليلة والحرارة تصل إلى 34 درجة    رئيس الجمهورية يتبادل التهاني مع نظيره الموريتاني اثر فوز مرشح موريتانيا برئاسة البنك الافريقي للتنمية    قيس سعيد يدعو إلى التقليص من عدد المؤسسات التي استنزفت أموال المجموعة الوطنية    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    إدارة مهرجان سينما الجبل تقدم برنامح الدورة السادسة    









حوار وطني على تماس الخطوط الحمراء
الأسبوع السياسي
نشر في الصباح يوم 07 - 10 - 2013

حينما تنجح فئة سياسية في احتواء الشارع أو جزء منه فذلك دليل على شعبويتها وليس شعبيتها
تونس = الصباح الأسبوعي: إن كان لا بدّ من التفاؤل بآفاق الحوار الوطني مستندين إلى الحاجة الماسة إليه للخروج من الحالة التي أضحت عليها البلاد،
وهي حالة رهن ثلاثي الأبعاد، فإنه لا بأس أيضا من التحسب لخيبة أمل من شأنها أن تعيدنا -مجازا- إلى نقطة البداية، وهي نقطة لم يعد لها أيّ وجود حقيقي بفعل التطورات والتراكمات، وحيث أضحى الواقع سيّد الموقف فاقدا في الآن نفسه أوله وآخره.
فالبلاد وهي تغرق في أزمة، تقدم على أنها أزمة سياسية كبرى، أصبحت رهينة بين ثلاث قوى: الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة، وأزمة النخبة السياسية الفاشلة، وسياق إقليمي محوره الاستقطاب ويتراوح بين توفير مقومات تجربة ناجحة في الربيع العربي، أو مشروع نموذجي لأرض جهاد زمن الحرية والتحرر، وانفتاح جبهات جديدة بزعامة نواتات تنظيم القاعدة.
يبدو أن أصل «الحكاية» يعود إلى خطإ في تشخيص الوضع العام للبلاد حيث اعتقد خبراؤنا أن الداء سياسي بالأساس، لذلك حينما يتحدثون عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي سرعان ما يقولون إن الحل سياسي، وعندما يشيرون إلى الإرهاب يتهمون السياسة أيضا، وحين تهبّ رياح الأزمة السياسية على البلاد توجّه أصابع الاتهام مباشرة إلى الحكومة بطريقة تكاد تكون لا إرادية.
ماذا تعني كل هذه الصورة؟ إنها بكل بساطة تكشف لنا عن بون شاسع بين الواقع والتفاعلات الكيمياوية في عقول كامل نخبتنا، ولو تمّ الإمساك بأول خيوط الثورة لما حصل ما حصل، أي لو تمّ الشروع فعليا في معالجة أوضاع البلاد وقضاياها وتحديدا البطالة والتنمية والتفاوت الجهوي -وهذا من مهام أيّة حكومة مهما كان لونها السياسي- لما توغلنا كل هذه المسافة في الأزمة الاقتصادية الاجتماعية.
من سوء الحظ أن حكومة الترويكا تصرفت وكأن وصولها إلى الحكم فرصة لن تتكرر ثانية، لذلك ركزت جهودها على البقاء طيلة الفترة الانتقالية وضمان البقاء بعدها عبر انتخابات تمدّد في شرعيتها، فيما تصرفت المعارضة من منطلق الدفاع عن النفس وضمان البقاء هي الأخرى- وليس من منطلق تولّي دور المعارضة.
والقول إن الأزمة سياسية بالأساس مبالغة ومحاولة تغطية على عيوب كثيرة لدى نخبتنا السياسية التي بات واضحا أن همّها الأول هو تولّي مقاليد الحكم، وبالتالي وقعت المعارضة في نفس الخطإ الذي يفترض أن لا تقع فيه، لكن ألا يبدو من الأفضل أن تتمسك الترويكا بالحكم حاضرا ومستقبلا في ظل صراع مع المعارضة، أو تمضي في مخططها منفردة بما يوحي للجميع رغبة استبدادية؟ يبدو أن الاتفاق الوحيد الحاصل بين الترويكا والمعارضة يتمثل في القبول بمبدإ النزال والصراع، وهو ما يريح الطرفين من الاهتمام بكل ما له علاقة بالتنمية الحقيقية، والعمل على الحدّ من البطالة والحدّ من التفاوت بين الجهات.
تصوروا لو تمّ الشروع في حل القضايا الاقتصادية الاجتماعية لما وجد استقطاب للشارع، وحتى إن وجد فسيكون محدودا ونتجنب بالتالي انقساما في الرأي العام، لم نلاحظ حدّته وقسوته وافتقاره إلى المنطق حتى في أعرق الديمقرطيات، فحينما تنجح فئة سياسية أو أكثر في احتواء الشارع أو جزء منه فذلك دليل على شعبويتها، وليس شعبيتها.
ومادام الواقع قد فرض علينا نخبة سياسية على مقاس أزمتنا الاقتصادية الاجتماعية، في عمقها وتخبطها، لا يتعين التفاؤل كثيرا لأن السياسة والاقتصاد يخضعان إلى قواعد علمية لكن بات واضحا أنها لا تؤخذ بعين الاعتبار لدى نخبتنا.
وقد يفاجأ المرء أحيانا بتصريحات تستحق التوقف عندها ليس لأنها فريدة من نوعها بل لأنها تكشف الحالة النفسية لنخبتنا خصوصا السياسية، فتصريح حمادي الجبالي ردا على سؤال يتعلق بتمسك النهضة بالحكم خوفا من المحاسبة خير دليل، فقد قال الجبالي «دعونا من هذا الحديث نحن لا نخشى المحاسبة، فنحن مناضلون ونحن صناع الثورة ولا نخشى السجون، وأقول للآخرين دعوكم من حديث تخلوا عن السلطة ولا نحاسبكم.. المهمّ لدينا هو استكمال الثورة والمسار الانتقالي».
ترى ماذا يفهم من هذا التصريح؟ نفهم منه أنه بمجرد خروج النهضة من الحكم في هذه المرحلة الانتقالية أو بعدها يعني محاكمات لأعضاء النهضة والزجّ بهم في السجون، وهي طريقة فيها إيحاء لجانب من الرأي العام بأن «الآخرين» اعتباطيون وكأنهم أصحاب ثأر، بل إن هذا التصريح يعني أن «دولة القانون» تنتهي حالما ينتهي حكم الترويكا، بما يعني انعدام استمرارية دولة القانون، هذا احتمال أول، أما الاحتمال الثاني فكأنه يجعل الجبالي يقرّ ضمنيا بأن الوضع الحالي فيه الكثير من الاعتباط وأن استمراره وارد.
مثل هذه التصريحات يمينا أو يسارا لا تبشر إلا بالأسوإ، وحتى عندما نسعى وراء التفاؤل سرعان ما نصطدم بحقيقة أن لكل طرف خطوطا حمراء لا يمكن له تجاوزها وتخطيها، أو لا يتعين عليه «ارتكاب» ذلك تحت مسميات عديدة وأهداف خفية لا يعلمها إلا الله.. ساحتنا السياسية شبّت على الصراع من أجل فرض الوجود، وليس مقارعة الحجة بالحجة لتكريس الوجود وإعطائه مصداقية ومشروعية؛ فأيّ حدود لهذا الوجود؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.