لماذا تستهلك بعض السيارات الزيت أكثر من غيرها؟    مطار النفيضة يستقبل أول رحلة مباشرة من مولدافيا    قافلة الصمود تتجمع في نقطة بالقرب من مصراتة الليبية    كاس العالم للاندية 2025: الاهلي المصري يخسر خدمات إمام عاشور بسبب الاصابة    دورة برلين المفتوحة للتنس: انس جابر في الجدول النهائي بفضل بطاقة الخاسر المحظوظ    رئيس الدولة يعين أمينة عامة للمال بالبلاد التونسية    روسيا تدخل على خط الأزمة: بوتين لترامب' 'لن نسمح بتصعيد خطير في الشرق الأوسط''    المُقاومة اليمنية تقصف إسرائيل بالتنسيق مع إيران..#خبر_عاجل    عاجل/ آخر مستجدات قافلة الصمود بعد ايقاف عدد من الناشطين..    إتحاد الفلاحة بباجة يدعو إلى مراجعة سلم تعيير الحبوب بسبب تدني الجودة جراء الأمطار الأخيرة [فيديو]    تأسيس الجمعية التونسية للحقوقيين بالوسط    الترجي الرياضي التونسي يخوض مونديال الأندية بطموح بلوغ الدور الثاني في نسخة تاريخية    قبل مواجهة فلامينغو: جماهير الترجي التونسي تسيطر على شوارع فيلادلفيا وتصنع الحدث في أمريكا    غدا : إنطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية دورة 2025    وزارة الصحة تُعلن رزنامة اختبار اختيار المراكز للمقيمين في الطب    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    بلدية مدينة تونس: عملية تضبيب حراري لمقاومة الحشرات الطائرة بعديد المناطق التابعة لها    كأس العالم للأندية 2025 - الوداد المغربي يتعاقد مع المدافع البرازيلي غيليرمي فيريرا    الترجي الرياضي يعزز ثقة باسم السبكي بقيادة الفريق لموسم جديد    الكرة الطائرة: هل يبدأ طريق المونديال من تربص إيطاليا؟    "بداية" مشروع للتكفل بالنساء ضحايا العنف بولاية سيدي بوزيد    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    حملة نظافة واسعة بجندوبة الشمالية    جلسة عمل بولاية تونس حول مدى تقدم مخطط التنمية 2026-2030    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    تونس والبنك الدولي يتفقان على مشاريع لتعزيز الإنتاج الحيواني    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    السلطات الليبية: ''قافلة الصمود'' دخلت ليبيا بشكل قانوني    مقترح برلماني: 300 دينار منحة بطالة و450 دينار للعاجزين عن العمل    «شروق» على مونديال الأندية : مظاهرات لوس أنجلوس تُربك باريس سان جرمان وأتلتيكو مدريد    "فارس": إيران تسقط 44 مسيرة إسرائيلية على الحدود    الحكومة الإيرانية: ردنا على إسرائيل سيتواصل طالما رأت قواتنا المسلحة ضرورة لذلك    طقس مستقر وحرارة مرتفعة: الجنوب يسجّل 42 درجة    ماكرون يضغط.. وبزشكيان يرد: لا مفاوضات تحت التهديد    العثور على شقيق الفنانة لطيفة العرفاوي متوف داخل منزله    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    الفنانة لطيفة تنعى شقيقها نور الدين العرفاوي بكلمات مؤثرة    عبر الذكاء الاصطناعي .. .«عودة» عبد الحليم وأم كلثوم... الى الحياة!    لأول مرة في إفريقيا والعالم العربي .. المؤتمر الطبي الدولي... في سوسة    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    بين باجة وتونس.. إصابة 8 أشخاص في حادث مرور    كارثة فنية في إيطاليا: سائح يدمّر كرسي "فان جوخ" المزخرف بكريستالات سواروفسكي    طقس الليلة    شركة النقل بباجة تطلق الاثنين 16 جوان 2025 سفرة تجارية ثانية بين تونس وباجة عبر الطريق السيارة    بنزرت: حجز مضخات وقوارير غاز منزلي وتجهيزات تستخدم في الري بالمياه غير المعالجة بمنطقة الزقب بأوتيك    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    عاجل: انقطاع التيار الكهربائي عن هذه المناطق بداية من يوم الأحد    مساء اليوم : المالوف التونسي ....يشدو في باريس    عاجل/ تسجيل 5 وفيات في صفوف حجيج تونس    الخطوط التونسية تعلن عن تغييرات في رحلاتها نحو باريس    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    الدورة الأولى من الصالون الوطني للفنون التشكيلية من 14 جوان إلى 5 جويلية بمشاركة 64 فنانا من مختلف الولايات    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    









حوار وطني على تماس الخطوط الحمراء
الأسبوع السياسي
نشر في الصباح يوم 07 - 10 - 2013

حينما تنجح فئة سياسية في احتواء الشارع أو جزء منه فذلك دليل على شعبويتها وليس شعبيتها
تونس = الصباح الأسبوعي: إن كان لا بدّ من التفاؤل بآفاق الحوار الوطني مستندين إلى الحاجة الماسة إليه للخروج من الحالة التي أضحت عليها البلاد،
وهي حالة رهن ثلاثي الأبعاد، فإنه لا بأس أيضا من التحسب لخيبة أمل من شأنها أن تعيدنا -مجازا- إلى نقطة البداية، وهي نقطة لم يعد لها أيّ وجود حقيقي بفعل التطورات والتراكمات، وحيث أضحى الواقع سيّد الموقف فاقدا في الآن نفسه أوله وآخره.
فالبلاد وهي تغرق في أزمة، تقدم على أنها أزمة سياسية كبرى، أصبحت رهينة بين ثلاث قوى: الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة، وأزمة النخبة السياسية الفاشلة، وسياق إقليمي محوره الاستقطاب ويتراوح بين توفير مقومات تجربة ناجحة في الربيع العربي، أو مشروع نموذجي لأرض جهاد زمن الحرية والتحرر، وانفتاح جبهات جديدة بزعامة نواتات تنظيم القاعدة.
يبدو أن أصل «الحكاية» يعود إلى خطإ في تشخيص الوضع العام للبلاد حيث اعتقد خبراؤنا أن الداء سياسي بالأساس، لذلك حينما يتحدثون عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي سرعان ما يقولون إن الحل سياسي، وعندما يشيرون إلى الإرهاب يتهمون السياسة أيضا، وحين تهبّ رياح الأزمة السياسية على البلاد توجّه أصابع الاتهام مباشرة إلى الحكومة بطريقة تكاد تكون لا إرادية.
ماذا تعني كل هذه الصورة؟ إنها بكل بساطة تكشف لنا عن بون شاسع بين الواقع والتفاعلات الكيمياوية في عقول كامل نخبتنا، ولو تمّ الإمساك بأول خيوط الثورة لما حصل ما حصل، أي لو تمّ الشروع فعليا في معالجة أوضاع البلاد وقضاياها وتحديدا البطالة والتنمية والتفاوت الجهوي -وهذا من مهام أيّة حكومة مهما كان لونها السياسي- لما توغلنا كل هذه المسافة في الأزمة الاقتصادية الاجتماعية.
من سوء الحظ أن حكومة الترويكا تصرفت وكأن وصولها إلى الحكم فرصة لن تتكرر ثانية، لذلك ركزت جهودها على البقاء طيلة الفترة الانتقالية وضمان البقاء بعدها عبر انتخابات تمدّد في شرعيتها، فيما تصرفت المعارضة من منطلق الدفاع عن النفس وضمان البقاء هي الأخرى- وليس من منطلق تولّي دور المعارضة.
والقول إن الأزمة سياسية بالأساس مبالغة ومحاولة تغطية على عيوب كثيرة لدى نخبتنا السياسية التي بات واضحا أن همّها الأول هو تولّي مقاليد الحكم، وبالتالي وقعت المعارضة في نفس الخطإ الذي يفترض أن لا تقع فيه، لكن ألا يبدو من الأفضل أن تتمسك الترويكا بالحكم حاضرا ومستقبلا في ظل صراع مع المعارضة، أو تمضي في مخططها منفردة بما يوحي للجميع رغبة استبدادية؟ يبدو أن الاتفاق الوحيد الحاصل بين الترويكا والمعارضة يتمثل في القبول بمبدإ النزال والصراع، وهو ما يريح الطرفين من الاهتمام بكل ما له علاقة بالتنمية الحقيقية، والعمل على الحدّ من البطالة والحدّ من التفاوت بين الجهات.
تصوروا لو تمّ الشروع في حل القضايا الاقتصادية الاجتماعية لما وجد استقطاب للشارع، وحتى إن وجد فسيكون محدودا ونتجنب بالتالي انقساما في الرأي العام، لم نلاحظ حدّته وقسوته وافتقاره إلى المنطق حتى في أعرق الديمقرطيات، فحينما تنجح فئة سياسية أو أكثر في احتواء الشارع أو جزء منه فذلك دليل على شعبويتها، وليس شعبيتها.
ومادام الواقع قد فرض علينا نخبة سياسية على مقاس أزمتنا الاقتصادية الاجتماعية، في عمقها وتخبطها، لا يتعين التفاؤل كثيرا لأن السياسة والاقتصاد يخضعان إلى قواعد علمية لكن بات واضحا أنها لا تؤخذ بعين الاعتبار لدى نخبتنا.
وقد يفاجأ المرء أحيانا بتصريحات تستحق التوقف عندها ليس لأنها فريدة من نوعها بل لأنها تكشف الحالة النفسية لنخبتنا خصوصا السياسية، فتصريح حمادي الجبالي ردا على سؤال يتعلق بتمسك النهضة بالحكم خوفا من المحاسبة خير دليل، فقد قال الجبالي «دعونا من هذا الحديث نحن لا نخشى المحاسبة، فنحن مناضلون ونحن صناع الثورة ولا نخشى السجون، وأقول للآخرين دعوكم من حديث تخلوا عن السلطة ولا نحاسبكم.. المهمّ لدينا هو استكمال الثورة والمسار الانتقالي».
ترى ماذا يفهم من هذا التصريح؟ نفهم منه أنه بمجرد خروج النهضة من الحكم في هذه المرحلة الانتقالية أو بعدها يعني محاكمات لأعضاء النهضة والزجّ بهم في السجون، وهي طريقة فيها إيحاء لجانب من الرأي العام بأن «الآخرين» اعتباطيون وكأنهم أصحاب ثأر، بل إن هذا التصريح يعني أن «دولة القانون» تنتهي حالما ينتهي حكم الترويكا، بما يعني انعدام استمرارية دولة القانون، هذا احتمال أول، أما الاحتمال الثاني فكأنه يجعل الجبالي يقرّ ضمنيا بأن الوضع الحالي فيه الكثير من الاعتباط وأن استمراره وارد.
مثل هذه التصريحات يمينا أو يسارا لا تبشر إلا بالأسوإ، وحتى عندما نسعى وراء التفاؤل سرعان ما نصطدم بحقيقة أن لكل طرف خطوطا حمراء لا يمكن له تجاوزها وتخطيها، أو لا يتعين عليه «ارتكاب» ذلك تحت مسميات عديدة وأهداف خفية لا يعلمها إلا الله.. ساحتنا السياسية شبّت على الصراع من أجل فرض الوجود، وليس مقارعة الحجة بالحجة لتكريس الوجود وإعطائه مصداقية ومشروعية؛ فأيّ حدود لهذا الوجود؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.