تونس-الصباح الأسبوعي: عادة ما تتكرر نفس القصة في الصحف الإيطالية، بسبب الظروف الاجتماعية وبحثا عن مستقبل أفضل لأبنائهن حتى وإن لم يروا النور بعد،"تقصد التونسيات مراكب الموت من أجل حلم العمل في إيطاليا". لا تردعهن في ذلك أهوال البحر ولا المخاطرة التي يتكبدنها مع أبنائهن ولا الأرقام المفزعة التي تتحدث عنها التقارير الإيطالية حيث تم انتشال جثث6 آلاف شخص غرقوا البحر الأبيض المتوسط مند 1994 إلى جانب تسجيل نحو 4700 من المفقودين الذين لم يتم العثور عليهم. في فيفري 2011 وصل نحو 20 إمرأة و200 قاصر إلى السواحل الإيطالية. وفي جوان 2011 نقل مركب "حراقة" نحو 19 تونسيا إلى لامبادوزا، ستة منهم كانوا نساء وقد تعرضت إحداهن للاغتصاب من طرف أحد منظمي الرحلة. وفي أوت 2012 تم القبض على 4 نساء كن على مركب متوجه إلى السواحل الإيطالية، أما القصة التي علقت في أذهان الكثيرين فهي قصة شابة تونسية حامل هاجرت إلى إيطاليا على أحد مراكب الموت التي كادت تؤدي بحياتها وحياة جنينها العام الماضي. ويفيد تقرير صادر عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإيطالية العام الماضي أنّ عدد التونسيين في إيطاليا يبلغ 76.181 تونسيا و40.470 تونسية وتبلغ نسبة التونسيات من مجمل المهاجرات غير الشرعيات في إيطاليا 13.9% أما نسبتهن من الحارقين التونسيين فتفوق الثلث. وينتمي المهاجرون التونسيون إلى الفئة العمرية (35- 49) عاما. "تذاكر نحو الموت" الرحلة البحرية غير المعلن عنها التي تكلف ما بين 1500 و2000 دينار تونسي لم تعد تستقطب الرجال فقط، بل نساء وأطفالا وحتى حوامل يتكبدن عناء البحر في مركب غير مجهز. وقد كشفت دراسة اجتماعية أجريت في تونس عام 2009 بالتعاون مع المعهد الفرنسي للدراسات الديمغرافية في باريس، أن نحو 71% من الفتيات التونسيات يرغبن في الهجرة إلى الخارج. ولا تمانع الفتيات التونسيات في الهجرة بشكل غير شرعي إذا ما لزم الأمر. كما تلجأ الفتيات إلى العمل في المنازل أو أداء أي عمل آخر من أجل التمكن من توفير التذكرة اللازمة بحثا عن حلم الجنة الإيطالية. وبالرغم من أنّ أنباء هجرة النساء التونسيات بشكل غير شرعي تبدو أمرا جديدا إلا أنّ عددا من الدراسات في تونس تفيد بأنّ هذه الظاهرة بدأت في ثمانينات القرن الماضي ومع زيادة ضغط الدول الأوروبية على عدد المهاجرين وفرضها للفيزا ظهرت الهجرة الفردية عند النساء وخاصة باتجاه أوروبا وبالأخص ايطاليا فارتفع تواجد النساء فيها خلال 5 سنوات ب21.62%.. وكثيرات يهاجرن بحثا عن مستقبل أفضل لهن ولأبنائهن وفي تقرير منظمة الهجرة العالمية تبلغ نسبة النساء من مجمل المهاجرين في تونس 49.3%. كما أنّ الإحصائيات في العالم تشير إلى أنّ النساء أصبحن أكثر ميلا إلى الهجرة من الرجال. وبحسب التقارير الدولية فإنّ المهاجرات غير الشرعيات إن تمكن من الوصول إلى وجهتهن يقعن في شرك منظمات الاتجار بالبشر والدعارة المنظمة، كما يمكن أن يقعن ضحية للاغتصاب ويتعرضن بصفة عامة إلى صعوبات مادية واجتماعية كبيرة. وبالرغم من أن عددا كبيرا من المهاجرات يفضلن مغادرة تونس بشكل شرعي للدراسة أو العمل أو من خلال الزواج بأجنبي فإنّهن لا يمانعن في الهجرة بشكل غير شرعي بالرغم من كل المخاطر المحدقة بهن. فالكثيرات منهن تماما مثل بقية "الحارقين" يفضلن المخاطرة بحياتهن وبكل ما يملكن في سبيل حلم ضائع تبتلعه في كثير من الأحيان أمواج البحر المتوسط.