عاجل/ وزارة التربية تكشف عن الاعتمادات المخصّصة لتهيئة وإحداث مؤسسات تربوية    إحذروا.. هكذا يتحوّل المكيّف إلى خطر يهدّد صحتكم    ملف انستالينغو: إحالة يحي الكحيلي على أنظار الدائرة الجنائية    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    ترامب يكشف عن أهدافه من لقاء بوتين.. #خبر_عاجل    الليلة: الحرارة تتراوح بين 24 و35 درجة    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    فرصة لذوي الإعاقة البصرية: فتح باب الترشح لشعبة العلاج الطبيعي بتونس    تونس – الطقس: عواصف رعدية وأمطار متفرقة في الوسط الغربي    مالوما يوقف حفله في مكسيكو بسبب طفل بدون حماية    وزيرة الأسرة ووزير تكنولوجيات الاتصال يُسلّمان جائزة أفضل بحث علمي نسائي بعنوان سنة 2025 حول "تأثير الذّكاء الاصطناعي على قدرات الأفراد    الصناعات التقليدية: رافد للتنمية وعامل جذب سياحي    القصرين : الدورة الثالثة لمهرجان "التفاحة الذهبية" بفوسانة تجمع بين الفلاحة والثقافة والترفيه والتنمية    المنستير: اختتام الدورة الرابعة لمهرجان الطفل المبدع بمارينا المنستير    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    عاجل -إسبانيا : إجلاء أكثر من ألف شخص واتهامات بإشعال متعمّد    النادي الإفريقي: بسام الصرارفي يلتحق بالمجموعة    ماذا حدث لاعب ليفربول المصري محمد صلاح ؟    موجة حر 2021.. تونس سجلت قياسات غير مسبوقة.. تعرف على التفاصيل!    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    عاجل: وزارة الدفاع تكشف رزنامة التجنيد الجديدة.. هذه مراكز التسجيل!    نقابة الصحفيين تدين اغتيال الطاقم الإعلامي لقناة الجزيرة في غزة    عاجل/ محذّرا من حرب لا نهاية لها: ماكرون يدعو لتشكيل تحالف دولي لاستقرار غزّة    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    الطبوبي: الاتحاد مازال حامي حقوق الشغّالين ومستعد للحوار بلا تنازلات!    الألعاب العالمية "شينغدو 2025": المنتخب الوطني لكرة اليد الشاطئية ينهزم أمام نظيره الكرواتي    النادي الإفريقي: محمد الشافعي يكشف عن حقيقة مغادرة "علي يوسف"    سامي الطاهري: ما نستبعدوش حتى خيار الإضراب    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    موجة الحر تزيد في الأمراض المعدية.. شنيا هي الأمراض وفما نصائح لازم تعرفها!    عاجل/ بشرى سارة للعاطلين عن العمل: حوالي 100 ألف موطن شغل سيوفرها هذا القطاع..    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    تونس تشارك في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للأواسط والأصاغر في غانا بتسعة رباعين    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    عاجل: زلزال قوي بقوة 6.2 درجات يضرب هذه البلاد العربية    وزارة الثقافة تنعى الفنان المبدع الفاضل الجزيري    تجربة سريرية تثبت فعالية دواء جديد في مكافحة سرطان الرئة    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    نجوى كرم تحطم الأرقام في قرطاج وتكتب فصلاً ذهبياً جديداً مع الجمهور التونسي    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة الثانية والاخيرة): النتائج و الترتيب    قتله جيش الإحتلال.. الصحفي أنس الشريف يترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة    مرصد سلامة المرور: 458 قتيلا بسبب حوادث الطرقات خلال النصف الأول من 2025    استراحة صيفية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصريح» في الحي الذي "حرق" كل شبابه الى ايطاليا: «أبناؤنا معذبون في ايطاليا، بلا أكل ولا شرب ولا مأوى فأين الحل»
نشر في الصريح يوم 11 - 05 - 2011

تونس-الصريح - كان حي «ابن رشيق» التابع لولاية اريانة قبل شهرين ونيف يعج بالشبان، حي كله حركة..شبابه يتقد نشاطا وحيوية ومقاهيه لا تعرف كراسيها الشغور..أصوات الشبان لا تنخفض أبدا، فهؤلاء يتناقشون حول إحدى المباريات الرياضية وآخرون يتحدثون عن المستجدات السياسية وغيرهم يناقش مصالحه الخاصة بصوت عال وملفت للانتباه ..فجأة لم يبق في الحي شبان ..تلتفت يمنة ويسرة فلا ترى إلا النساء والأطفال والشيوخ ..الطرقات اصبحت موحشة والمقاهي صارت خالية إلا من بعض الحرفاء..هدأت الاصوات ولم تعد تسمع تلك النقاشات ولا الحوارات ..لم تعد تسمع إلا بكاء أمّهات خائفات على مصير أولادهن وآهات بعض الآباء الذين اشتاقوا الى أبائهم وحز في أنفسهم ما يسمعون عنهم من أخبار لا تسر..
شباب حي ابن رشيق قرروا فجأة الهجرة الى ايطاليا او بلغة أدق قرروا "الحرقة " فكان لهم ما ارادوا ..غادر قرابة 100 شاب هذا الحي دفعة واحدة ..غادروا الى ايطاليا بلد الاحلام السعيدة عساهم يجدون هناك ما لم يجدوه في تونس من عزة وكرامة وعمل يرفعون به رؤوسهم ويحققون بواسطته احلامهم ..الصريح» تجولت في هذا الحي الذي فقد تقريبا كل شبابه وتحدثت الى أمّهات وبعض آباء الحارقين الى ايطاليا ..
فشل 3 مرات في «الحرقان»
الخالة «عائشة» هي إحدى الأمّهات التي غادر ابنها البالغ من العمر 28 عاما وتركها وراءه بعيون لا تكف عن البكاء ولسان لا يسكت عن الدعاء ..تقول عن ابنها .."مستاءة جدا لما اسمعه من أخبار عن وضعية ابني ومن معه هناك في ايطاليا..انه يعيش في «خربة» بجبل غير بعيد عن جزيرة لامبيدوزا ..لا ماء ولا كهرباء ..يقول ابني انه ذاق الويلات وملّ من التجول دون عمل ولا مصلحة .لقد اسندت له بطاقة اقامة وقتية ب6 أشهر ولكنه الى حد الان لم يجد عملا ولا مسكنا ولا ماوى ..ابني يحلم بايطاليا منذ كان عمره 12 سنة وقد سبق وأن هاجر بصفة غير شرعية 3 مرات وفشل ..كان يصل الى هناك ثم يرجع ..والان وقد تحقق الجزء الاول من حلمه في الوصول الى ايطاليا والبقاء فيها يود أن يحقق الجزء الثاني والمتمثل في ايجاد عمل والعيش بكرامة هناك دون أن يمثل عالة على احد ..اريد ان يساعدوا ابني واتمنى ان يتحقق مراده في ايجاد عمل هناك .." كانت الخالة عائشة تتكلم بحسرة شديدة معبرة عن اسفها لما يعيشه ابنها من وضع سيئ واستنكرت تلك الوضعية وتلك المعاملة التي يعامل بها ابنها ومن معه من حارقين ..وقالت في هذا الخصوص «لِم قبلنا نحن بايواء ذلك الكم الهائل من اللاجئين في رأس جدير وقبلنا بالانفاق عليهم الى حين ايجاد حل لهم ولم تقبل ايطاليا وغيرها من البلدان المجاورة بايواء ابنائنا ومعاملتهم معاملة حسنة الى حين ايجاد عمل وتسوية وضعياتهم ؟»
مشى على قدميه 3 أيام بلياليها بحثا عن عمل
وحال الخالة «عائشة» ليس أفضل من حال الام «فوزية» التي غادر هي الأخرى ابنها الذي لم يتجاوز عمره 25 سنة باحثا عن حياة أفضل وأرقى فلم يجد إلى حد الآن إلا التعاسة والجوع والتهميش..تقول هذه الأمّ .."أحس بوجع كبير وبألم ينتابني من رأسي حتى أخمس قدمي عندما يتصل بي ابني من ايطاليا ليعلمني أن حاله اسوأ مما كان عليه هنا في تونس ..وقال إنهم كانوا خلال الفترة الاولى من وصوله الى جزيرة لامبيدوزا ينامون على الارض ويأكلون أكلات نتنة "قارصة" ثم وفي مرحلة ثانية نقلوهم الى مدينة «بارما» حيث تحرسهم الشرطة وتسهر على أمنهم ولكن بمجرد أن منحوهم شهائد الاقامة المؤقتة اطلقوا سراحهم ليبحثوا عن عمل..ولسوء حظ ابني ومن معه لم يجدوا الى حد الآن أي عمل ولعل اللغة هي العائق الاكبر ..حيث ان مستواه التعليمي بسيط ولا يحسن التحدث جيدا بالفرنسية ولا اللغة الايطالية ..لقد حز في نفسي كثيرا عندما أعلمني أنه ظل يمشي 3 ايام على القدمين ليصل الى مكان اعلموه انه يوجد به مواطن شغل ..هناك لا مجال ل«ترسكية» في القطارات والحافلات ولهذا لم يجد حلا آخر غير المشي على الاقدام.."
ايطاليا ..العمل السهل والراتب الجيد
وحال عائشة وفوزية أقل تاثيرا من حال تلك المراة الطاعنة في السن والتي يعرفها الجميع في حي ابن رشيق ويعرف كم هي متاثرة على ابنيها الذين غادرا البلاد منذ شهرين ولم يجدا حلا الى حد هذه الساعة ..وتقول عن ابنيها .." حرقا مع باقي الشباب .لقد ضاقا ذرعا بالبطالة وبالفقر، وبالعكس وبالمشاكل فأرادا ان يغيرا قدرهما ويبحثا عن فرصة أفضل للعمل ولتوديع الفقر ..انتظر كل يوم أن أسمع خبرا سعيدا لكن للأسف الى حد الآن لا أسمع إلا الأخبار السيئة ..فهم مشردون وجائعين وبلا مأوى ولا مورد رزق ..اطلب من السلطات التونسية وكذلك الايطالية ان تبذل قصارى جهدها لتحسين وضعيات المهاجرين هناك ولتمكينهم من فرص عمل..ايطاليا فيها اكثر فرص للعمل من تونس وراتبها الشهري أكبر بكثير من الراتب الذي يحصل عليه الواحد منا في تونس ..ولهذا بودي ان يبقيا هناك على ان تسوى وضعياتهم وتتحسن حالتهم .."
انقلب القارب 3 مرات في عرض البحر
كل العائلات تقريبا في هذا الحي تعيش الوضعية نفسها وتنتظر الفرج وتنتظر خبرا مفرحا في اتصال من ابنائها «الحارقين»..والعديد من العائلات أيضا رحل منها اكثر من ابن على غرار عديد العائلات ..ولكن ما رايكم فيمن غادرها ابنها وهو لم يتعدى عتبة الخامسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة ؟؟؟
هؤلاء ايضا التقينا بامهاتهم حتى ان احداهن كانت نادمة وتمنت لو يرجع ابنها الى تونس ..خاصة وانه لم يرضى بالبقاء في كفالة الحكومة الايطالية التي تطوعت لتدرسهم وتعتني بهم ..قالت انها توصيه باستمرار للبقاء هناك والتعلم لكنه يهرب ويفضل التشرد مع ابناء حيه على البقاء مع باقي الصغار في كفالة الحكومة ..اما الخالة «برنية» التي هاجر كل من ابنها وحفيدها فبدت أكثر صبرا من النساء وتحديدا ابنتها التي تبكي لسببين، الاول هو ابنها الحارق وما يحدث معه من صعوبات هناك والثاني من ابنها الآخر الذي فشل في عملية «الحرقة» وتاثر كثيرا بسبب رجوعه من البحر ..وتقول في هذا الخصوص .."كان من المفروض أن يحرق ابناي وأخي معا ولكن نجح ابني الاكبر 23 سنة واخي 20 سنة وفشل ابني الاصغر 20 سنة بعد أن غرق بهم القارب في عرض البحر والذي انقلب بمن فيه ثلاث مرات في الماء ولولا الطاف الله لكان ابني من الغارقين..لقد انقلب القارب بعد أن تعطل المحرك ولولا الرياح القوية التي دفعت المركب ومن تمسك به نحو اليابسة لمات الجميع بمن فيهم ابني ...راى الموت بأم عينيه ولهذا رفض تكرار المحاولة حتى بعد تغيير «الحراق» لمركبه، ولكن هذه المدة رجع يفكر من جديد في ايطاليا وفي اماله التي ذهبت سدى .."
ملابس لم تتغير منذ شهرين!
ولقد علمنا أن هناك بعض القصر الذين هاجروا سريا الى ايطاليا تطوعت بعض العائلات الايطالية للتكفل بهم وايواءهم في منازلهم، كما علمنا أن بعض «الحارقين» لم يغيروا ملابسهم منذ قدومهم الى هناك أي منذ شهرين وآخرين ياكلون من وجبة واحدة على امتداد يوم كامل ...أما عن المبلغ الذي دفع لقاء «الحرقة» فهو 1800 دينار عن كل شخص..وعن مصدر الأموال رغم البطالة أجمعت الامهات على ان مصدرها إما الاقتراض او بيع الأم لمصوغها ...الاولاد غامروا بحياتهم وتحدوا الموت في سبيل الهجرة الى ايطاليا ..والأمهات باعت الغالي والنفيس في سبيل ان يحقق ابناءهم اهدافهم وطموحاتهم ..والجميع يريد الآن مساعدة الحارقين من خلال توزيعهم على المناطق هناك في ايطاليا ومن خلال معاملتهم معاملة حسنة الى حين تمكنهم من تدبر أمرهم من خلال ايجاد عمل ...فهل سيُستجاب الى طلباتهم البريئة والى نداءاتهم التلقائية ورغباتهم المشروعة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.