حازت الجوانب الجبائية والأداء الضريبي على الحيّز الأوفر في مشروع قانون المالية لسنة 2014، لما لهذه الجوانب من أهمية في تعديل عجز ميزانية الدولة. وقد خصّص المشروع بابا ضمّن فيه مجموعة من النقاط المتعلقة بترشيد وإصلاح المنظومة الجبائية لدعم الشفافيّة ومساندة قواعد المنافسة النّزيهة والتصدّي للتهرّب الجبائي. اجراءات تعديلية.. وقد اهتمّت ابرز هذه النقاط بإحكام متابعة المعاملات التجارية عبر جملة من الاجراءات المتمثلة في، عدم قبول طرح الأعباء التي يساوي أو يفوق مبلغها 20.000 دينار وعدم قبول طرح الاستهلاكات المتعلقة بالأصول التي تساوي أو تفوق قيمة اقتنائها هذا المبلغ والأداء على القيمة المضافة المتعلق بها وذلك في صورة دفعها نقدا؛ على أن يخفّض هذا المبلغ إلى 10.000 دينار خلال سنة 2015 وإلى 5000 د ابتداء من سنة 2016؛ وإقرار خطيّة جبائية إداريّة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يستخلصون المبالغ التي تساوي أو تفوق الحدود المذكورة أعلاه نقدا تضبط ب20 % من المبالغ المذكورة. وفي نقطة أخرى ضرورة تمكين الخاضعين للأداء على القيمة المضافة الذين لا يقدّمون المحاسبة ويُدلون بفواتير شراء مطابقة للتشريع الجاري به العمل من طرح الأداء المذكور في صورة اعتماد هذه الفواتير لتعديل رقم المعاملات، مع تخطيتهم بخطيّة جبائية إداريّة بنسبة 50 % من مبلغ الأداء على القيمة المضافة المتعلق بالشراءات. الى جانب ذلك، سنّ خطية جبائية إدارية تساوي50 % من مبلغ الأداء الذي تمّ توقيف العمل به وذلك بالنسبة إلى المزوّدين الذين يُنجزون بيوعات تحت نظام توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة على أساس شهادات عامة دون استظهار حرفائهم المنتفعين بالامتياز بقسائم طلبات تزوّد؛ وكذلك، ضرورة تمكين مصالح الجباية من الحصول على الكشوفات المتعلقة بالحسابات المفتوحة لدى البنوك والبريد التونسي وذلك في إطار ملاءمة التشريع الجبائي الجاري به العمل مع الاتفاقية المتعلقة بالمساعدة الإدارية المتبادلة في المادة الجبائية المُعتمدة من قبل مجلس أوروبا ومنظمة التعاون الاقتصادي. وإقرار واجب تقديم لمصالح الجباية البرامج والمنظومات والتطبيقات الفرعيّة وقواعد المعطيات المستعملة خاصة في التصرّف في الشراءات والبيوعات والفوترة والمقابيض والاستخلاصات والدّفوعات والأصول والمخزونات وذلك في إطار عمليّات المراجعة الجبائية المعمّقة. كما تناولت النقاط المبوّبة في المشروع، وجوب التصريح بالمعرّف الجبائي أو برقم بطاقة التعريف الوطنية للخبير المحاسب أو للمحاسب أو لمراقب الحسابات عند الاقتضاء والذي ساعد الحريف على ضبط قوائمه الماليّة مع سنّ عقوبة لعدم احترام هذا الواجب. بالإضافة الى توسيع مجال تطبيق العقوبة الجبائية الجزائية المتعلقة بإصدار واستعمال فواتير تتضمّن مبالغ منقوصة، ليشمل كذلك الفواتير التي تتضمّن مبالغ مضخمة. الى جانب الترفيع في نسبة الخصم من المورد المستوجبة على المبالغ الرّاجعة إلى المقيمين بملاذات جبائية من 15 % إلى30 %. إجراءات سطحية... كلّ هذه الإجراءات التي بُوّبت في مشروع المالية لسنة 2014، قُوبلت بالنقد خاصة بين صفوف الاخصائيّين في الجباية، باعتبارها "مجرّد ذرّ الرّماد على العيون"، وهي إجراءات في ظاهرها مقاومة لكل إشكال التهرّب الجبائي وإصلاح منظومة الجباية، وفي باطنها حماية ضمنيّة للمهرّبين وتكريس ظاهرة تبييض الأموال، حسب ما أفاد به الخبير الجبائي لسعد الذوادي الذي بيّن أن "النقاط المذكورة في هذا الباب لا تعالج أمهات المشاكل في قطاع الجباية والتي تكلف الدولة آلاف المليارات سنويّا، مشيرا إلى أنها قرارات تكرّس المنافسة غير الشرعيّة، خاصّة فيما يتعلق بالقطاع البنكي والبريدي لأن- تمكين مصالح الجباية من الحصول على الكشوفات المتعلقة بالحسابات المفتوحة لدى البنوك والبريد التونسي- في حقيقة الأمر هو إجراء "يشجّع الهاربين من الضّريبة على التخلي كليا على البنوك ومصالح البريد والتوجّه الى وسطاء البورصة باعتبار أن هذا الجهاز لا يشمله الإجراء، وهوما يساهم في تعمّق مشكلة المنافسة غير الشريفة".