تسارعت الأحداث الأمنية خلال الأسبوع الجاري، فما إن كادت دماء شهيدي الحرس الوطني محمود الفرشيشي وكريم الحامدي اللذان طالتهما يد الغدر في قبلاط تجفّ، حتى فاحت رائحة الموت مرة أخرى من سيدي علي بن عون ومنزل بورقيبة أين اغتال الإرهاب 7 من عناصر الحرس الوطني.. وتطرح هاته العمليات الإرهابية أكثر من تساؤل عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية ضد الأمنيين وسبب التركيز على استهداف المؤسستين الأمنية والعسكرية؟ وفي هذا السياق يؤكد الدكتور عبد اللطيف الحناشي الباحث في تاريخ الحركات الإسلامية، أن البلاد "تمر بوضع حرج جدّا ليس فقط بسبب الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت من جديد جهاز الحرس الوطني باغتيال مجموعة من خيرة عناصره بطريقة خسيسة وجبانة، بل مرده أيضا للاحتقان السياسي والاجتماعي الحاد الذي اصبح يميز المشهد العام في البلاد، خاصة بعد تعذّر انطلاق الحوار الوطني يوم 23 أكتوبر.." وقال: "اعتقد ان البلاد ستمر بأيام صعبة وقد تكون فارقة وذلك نتيجة إصرار النخبة السياسية على ممارسة نفس السلوك السياسي وعدم تحمل مسؤوليتها أمام ما تشهده البلاد من انحدار باتجاه المجهول وتمسّكها بصغائر الأمور في الوقت الذي يتطلّب فيه الظرف السياسي تجاوز القضايا والإشكالات الصغيرة لمعالجة كبرى القضايا.." مضيفا :"الكل مستهدف في هذه اللحظات الفارقة في تاريخ البلاد، ولا احد بإمكانه ان ينأى بنفسه عن الخطر المحدق بالوطن من قبل الإرهاب أو نتيجة عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتداعياتها الخطيرة على الجميع.." التركيز على استهداف المؤسسة الأمنية؟ وعن استهداف المؤسسة الأمنية والعسكرية، يقول الحناشي ان هدف الإرهاب السياسي هو أساسا إدخال الهلع والرعب في نفوس الأفراد والجماعات وخلق مناخ من عدم الأمن والاستقرار وذلك من خلال إحداث أكثر ما يمكن من الخسائر والأضرار.. مشيرا إلى أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها البلاد تميزت بطابع بالغدر والخيانة ولم تكن نتيجة مواجهات مثلا او ملاحقة.. إضافة إلى اشتراكها في حصولها خارج مناطق العمران وبعدها عن مقرات السيادة، كما أنها لم تستهدف المواطنين وهذه احد أهم "مميزات" هذا النشاط الإرهابي لحد الآن على الأقل..ملاحظا بأنه تم التركيز على استهداف أحد أجهزة الأمن وهو الحرس الوطني الذي يعمل بطبيعته في مثل هذه المناطق.. أما التركيز على استهداف المؤسسة الأمنية والعسكرية فيجب ان يوضع في إطار وظيفة هذا السلك والمتمثلة في حفظ امن التونسيين من كل المخاطر ومنها الإرهاب حسب محدثنا.. ويذهب في اعتقاد المجموعات الإرهابية ان ذلك من شانه أن يضعف الروح الوطنية عند أفراد هذا السلك وهو ما يسهل عليها تحقيق أهدافها المحددة سلفا بما فيها زعزعة ثقة المواطن في الجهاز الذي يسهر على أمنه.. كما يمكن أن تكون غايتها ايجاد شرخ بين المؤسسة الأمنية والسلطة الحاكمة، واستغلال الأحداث التي جدت في منطقة العوينة مؤخرا، والتي رفع فيها نقابيون أمنيون كلمة "ديقاج" في وجه الرؤساء الثلاث.. من جهته يؤكد الخبير في سياسات الدفاع والأمن الشامل نصر بن سلطانة، أن هذه المجموعات الإرهابية تقوم بشن حرب بسيكولوجية على الشعب من خلال إشاعة الخوف لدى المواطنين.. ويأتي ضرب المؤسسة الأمنية والعسكرية اللتان تسهران على حماية المواطن والوطن كخطوة لبث الخوف والذعر بين المدنيين، ثم المرور إلى المرحلة الأخطر وهي استهداف المواطن في حدّ ذاته..بعد أن اهتزت صورة الجهاز الأمني في نظره نتيجة الضربات المتاعقبة..