من الواضح ان تونس تعيش اليوم بعد العملية الانتحارية التي جدت على مقربة من نزل بمدينة سوسة السياحية امس تطورا نوعيا في العمليات الارهابية وهو ما يؤكد مرة اخرى ان رعاة الارهاب لا ينفذون عملياتهم بشكل اعتباطي بل هي عمليات تعتمد على استراتيجية معروفة في الاوساط الجهادية كنا قد اشرنا لها في مقال سابق وهذه الاستراتيجية استمدت من كتاب "ادارة التوحش " لابي بكر ناجي والقائم على ثلاث مراحل. وبهذه العملية اصبح لمنظري القاعدة وتيارات العنف الديني تواجد حقيقي في تونس بعد تنقلهم من مرحلة الى اخرى في ظرف وجيز فبعد احداث الشعانبي واستهداف المنظومة الامنية والعسكرية اصبحت الاهداف اوسع وتحولنا إلى "المشهد الاوسع للخوف" او ما يسمى "بالهلع الكبير" حسب دستور تنظيم القاعدة وهي المرحلة التي تخلق فيها حالة من الفزع والخوف الشديد وهذا هو الارهاب الحقيقي من وجهة نظر المختصين في الجماعات الاسلامية. في قراءته للوضع وما آلت اليه الاوضاع من تطورات متسارعة واحداث خطيرة قال عبد اللطيف الحناشي استاذ تاريخ الفكر السياسي المعاصر ان هذه النقلة النوعية في العمليات الارهابية تستهدف بالاساس روح الانسان ومعنوياته ونشر الارباك في صفوف الناس وهو ما يحيل على اننا في مرحلة تعميم الارهاب من حيث الشكل وهي اخطر الانواع. وفي تشخيصه للعملية الانتحارية الاخيرة راى الحناشي انها تحمل رسالتين الاولى رسالة اقتصادية من خلال ضرب تونس كوجهة سياسية والرسالة الثانية موجهة الى الخارج لبث الرعب في حالة الاجانب والسياح الوافدين الى تونس. ادبيات الارهاب.. من ادبيات الارهاب دائما حسب الحناشي انه تلي العمليات الانتحارية الفردية مرحلة اخرى وهي السيارات المفخخة. ويعد استهداف ضريح الزعيم الراحل الحبيب بوقيبة وفقا للاكاديمي عبد اللطيف الحناشي ان من وراءالاحداث هم الحركة السلفية التي تعلن صراحة وفي كل مرة انها ضد المقابر والاضرحة وبورقيبة بالذات لانه رمز الدولة الحديثة وقاهر التكفيريين وضد تصوراتهم وهذه العملية هي مرتبطة بالعمليات السابقة التي شنت على الاولياء الصالحين. وذهب المتحدث الى أن العمليات الاخيرة هي نوعية ذات بعد اقتصادي وفيه ضرب للرموز ورسائل سلبية للخارج لانه في حاجة الى اثبات الذات وتبني لعقلية الثار. لماذا مدينة سوسة واستهداف الساحل تحديدا؟ في اجابته على سؤال "الصباح" قال الحناشي ان نسبة كبيرة من الجهاديين في سوريا هم من الساحل. "الهلع الكبير" المرحلة المتطورة من الارهاب تحت عنوان "الهلع الكبير" وصف ناجي جلول جامعي وباحث في التيارات الاسلامية المرحلة التي تعيشها تونس اليوم وهي مقسمة بين التمرد المسلح في جهة الشمال الغربي اين يوجد نحو 600 جهادي مسلح واستراتيجا نشر الرعب في بقية مناطق البلاد. ولم يستبعد جلول ان ترافق العملية الانتحارية التي جدت امس عمليات اخرى في قادم الايام مما يحيلنا على اننا اصبحنا نعيش مرحلة فوضى على شاكلة ما تعيشه اليوم العراقوسوريا وغيرها من دول المنطقة العربية. وراى ان استهداف ضريح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة هو رسالة من مختلف التيارات الإسالامية السياسية التي طالما نبذت الرجل الرمزلان مشروعها يقوم على تفكيك الدولة الحديثة التي اسسها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.