كان الفصل السادس من باب المبادئ العامة من مشروع الدستور محل خلاف كبير بين نواب لجنة التوافقات المجتمعين أمس بالمجلس الوطني التأسيسي بباردو. ورغم نقاشهم المطول لمسألة تحييد المساجد عن التوظيف السياسي، لم يستقروا على صيغة توافقية، إذ أصرت حركة النهضة على تمسكها بالفصل في صيغته الحالية، في حين شدد بقية النواب على ضرورة تغييره. وللتذكير، فإن هذا الفصل ينص على أن: "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي". وحسب ما أفاد به النائب أحمد السافي فإن الرغبة في تغيير هذا الفصل مردّها وجود خشية من الدعاية السياسية والحزبية في المساجد لغاية التجييش والتحريض، وتشبث بمنع الدعاية السياسية والحزبية معا. وبين أنه في غياب التوافق تم ترحيل هذا الفصل للحوار الوطني للبت فيه وهو ما نفته النائبة فريدة العبيدي. وأضافت أن موقف النهضة يتمثل في الابقاء على هذا الفصل كما هو لكن في إطار تقريب وجهات النظر فإن أقصى ما يمكن أن توافق عليه هو منع التوظيف السياسي لأغراض حزبية. وبينت أنه يوجد اختلاف جوهري بين النواب في فهمهم لدور المساجد، وفسرت :" إن نواب حركة النهضة يرون أن الاهتمام بالشأن العام على غرار مسألة الانتخابات هو سياسي، وبالتالي لا يمكن اختزال دور المساجد في العبادة، ويمكن لإمام المسجد خلال فترة الانتخابات أن يحث الناس على التوجه إلى مكاتب الاقتراع والانتخاب، لكننا في المقابل ضد توظيف المساجد للدعاية لأي حزب من الأحزاب السياسية وبالتالي نحن نختلف حول كيفية الحياد وكلمة التوظيف السياسي هي كلمة عامة". وإجابة عن سؤال يتعلق بموقفها من وضعية المساجد حاليا والدور الذي يلعبه العديد منها في الدعاية الحزبية السياسية وفي التحريض والتجييش، قالت العبيدي "إن الوضع الحالي يتسم بالانفلات ونحن لا نبني على ما هو موجود الآن بل على تصور كامل يقوم على دور المساجد في الحياة العامة". أما عبد الرزاق الخلولي فحاول من خلال المقترح الذي قدمه تقريب وجهات النظر بين الطرفين وهو يرى وجوب أن تكون الدولة ضامنة لحياد المساجد عن التوظيف السياسي والدعاية الحزبية. واقترح غيرهم من النواب صياغة فصل تضمن فيه الدولة حياد المساجد والمؤسسات التربوية وحتى النقابات عن التوظيف السياسي والدعاية الحزبية. وكان الخلاف حول الفصل السادس تكرر عند مناقشة الفصل الخامس عشر وهو ينص على: " تضمن الدولة حياد المؤسسات التربوية عن التوظيف الحزبي". وبعد جهد، توفق نواب لجنة التوافقات قبل ذلك في البتّ في صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، واتفقوا أخيرا على صياغة بديلة للفصلين 77 و91 وبمقتضاها فإن رئيس الحكومة يختص في إحداث أو تعديل أو حذف المؤسسات والمنشئات العمومية والمصالح الإدارية، لكن المصالح المتعلّقة برئاسة الجمهورية تتم باقتراح من الرئيس.