خلال الندوة الوطنية حول مشروع الميزانية وقانون المالية لسنة 2014 المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي بحضور أعضاء وإطارات هياكل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين والهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين ومجمع المحاسبين كان الإجماع على القلق والحيرة ممّا وصل إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد من وضعيّة متردّية تنذر بالمخاطر حيث تشهد الطاقة الشرائية للمواطن تدهورا ملحوظا وتعاني المنظومة المالية من تفاقم أزمة السيولة وعجز مقلق لميزانية 2013 فضلا عن تدهور قيمة الدينار التونسي. ومن أبرز النقاط التي تمّت الإشارة اليها هو أنه وفي الوقت الذي تقتضي فيه الحاجة اليوم لتجاوز هذه الصعوبات سنّ إجراءات عاجلة تشجّع على الادخار وتدفع بالاستثمار فإن مشروع قانون الماليّة لسنة 2014 قد تضمّن عديد الأحكام المخالفة لذلك والتي من شأنها أن تعمّق الأزمة وتزيد من استفحالها. مراجعة ملحة للمشروع لذلك تمّت المطالبة بضرورة مراجعة بعض فصول مشروع قانون المالية المقترح خاصة في النقاط التالية: 1) يقترح مشروع قانون المالية التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات الموظفة بنسبة 30 % إلى 25 % و هو أمر محمود في جوهره وينسجم مع توجّهات الإصلاح الرّامية إلى تخفيف العبء الجبائي وتفعيل المصالحة بين الخزينة والمطالب بالأداء؛ لكن ما رافقه من إخضاع لحصص الأسهم الموزّعة للضريبة على الدّخل عن طريق الخصم من المورد بنسبة 10 % من الأرباح المحققة من السّوق المحلية و5 % من الأرباح المحققة من التصدير يجعل الأرباح المحلية الموزعة خاضعة لنسبة 32.5 % أي بزيادة 2.5 % ممّا يفقد الإجراء الأول صلوحياته و يدفع بالمطالب بالأداء إلى التهرّب الجبائي و يكرّس حالة العزوف عن الاستثمار وهو ما يستدعي إلغاء خضوع المرابيح الموزّعة للخصم من المورد. 2) إن ما تضمّنه قانون المالية من عدم قبول طرح الأعباء التي يفوق مبلغها 20000 دينار وعدم قبول طرح الاستهلاكات المتعلقة بالأصول التي تفوق هذه القيمة وكذلك الأداء على القيمة المضافة المتعلقة بها عند دفعها نقدا يُعدّ إجراء مجحفا ستكون له تداعيات سلبيّة على عدد هام من التجّار الممنوعين من الشيكات؛ كما سيتسبّب في أزمة مالية حادة للفلاحين الذين يرفضون التعامل بالشيكات ولا يقبلون إلا التعامل نقدا بمبادلاتهم ممّا يستدعي إلغاء هذا الإجراء. 3) انسجاما مع قرارات المحكمة الإدارية فقد تضمّن مشروع قانون المالية تمكين الخاضعين للأداء على القيمة المضافة الذين لا يقدّمون محاسبة ويدلون بفواتير شراء مطابقة للتشريع الجاري به العمل بطرح الأداء المذكور لكن تخطية هؤلاء جبائيا بنسبة 50 % من مبلغ الأداء على القيمة المضافة يعد إجراء مجحفا و ظالما ولا يستقيم مع مبادئ العدالة الجبائية. 4) إن إقرار واجب التصريح بالمعرّف الجبائي للمحاسبين الذين ساعدوا على ضبط القوائم المالية دون تحديد قائمة لتسعيرة أشغال المحاسبين يعدّ أمرا منقوصا و يستوجب الإصلاح. 5) إن إرساء مبدإ التضامن في دفع الضريبة بين المفوّت والمقتني عند اقتناء الباعثين العقاريين لأراض عقارية وتخصيصها للبناء قبل انتهاء مدة 4 سنوات يعدّ لا عقلانيا وغير قابل للإنجاز باعتبار انتهاء علاقة المالك بملكه عند تحرير عقد البيع ولا حقّ له في تتبع الشاري بعد ذلك مهما كان السّبب. 6) من الإجراءات اللاعقلانية والتي قد تحدث هزّة اجتماعية خاصة لدى الطبقة المتوسطة هو مقترح الإتاوة السنويّة على امتلاك العقارات باستثناء المسكن الرئيسي بنسبة 0.15 % إذ لا يعقل أن يوظف الأداء على المداخيل وعلى رأس المال، كما أن ذلك يتضارب و ثقافة التونسي الذي دأب على الادخار والاستثمار في بناء العقارات السكنية للاستعانة بمدخولها لتربية أبنائه وضمان دخل أثناء الشيخوخة. فضلا عن أنه عمليّا لا يمكن للإدارة التي تعجز اليوم عن مراقبة أكثر من 50 % من المطالبين بالأداء لم يقوموا بتصاريحهم الجبائية فكيف لها والحالة تلك أن تراقب مساكن كل المواطنين؟ وهو ما يستدعي حتما إلغاء هذا الإجراء. 7) إن إحداث إتاوة دعم على السيّارات الخاصة تتراوح بين 50د و700د يعدّ تسلطا على الطبقة الوسطى واستنزافا لطاقتها الشرائية، ممّا يستدعي إلغاء هذه الإتاوة 8) إن الترفيع في الضريبة الدنيا و خاصة الحدّ الأدنى من 200د إلى 350د بالنسبة للأشخاص الطبيعيّين ومن 350د إلى 650د بالنسبة للأشخاص المعنويّين دون مراعاة حقيقة مداخيل هذه المؤسّسات لا سيّما شركات الخدمات يعدّ مجحفا للغاية و يستوجب المراجعة حتما. ولا يمكن توظيف زيادة تفوق 100د في كلتا الحالتيْن. 9) ضرورة إلغاء الإجراء المتعلق بوجوبيّة تمكين مصالح الجباية من النفاذ للبرامج والمنظومات والتطبيقات الفرعيّة عند عمليّت المراجعة الجبائيّة طالما لم يصدرالقانون المنظم لحالات استبعاد المحاسبة عند المراجعة الجبائية. 10) إلغاء الإجراء القاضي بإخضاع مادّة الدولومي الخام أو المشغول للمعاليم الديوانية والمعلوم على الاستهلاك باعتبار تأثيرها على سعر التكلفة لهذه المواد وآثار ذلك على أسعار البيع. كما طالب الحضور بضرورة ترشيد أبواب الميزانيّة على مستوى النفقات حيث تمّت الدعوة إلى الضغط على المصاريف وإلغاء الاستثمارات اللاعقلانيّة المعدّة للاستهلاك السياسي والانتخابي ووفق قدرات البلاد الماليّة الحقيقيّة. ودعوا أيضا إلى فتح قرض وطنيّ تخصّص مداخيله لامتصاص النقص في ميزانية 2013 و تسديد باقي النفقات المتعلقة بالاستثمار بالجهات النائية. اضافة اجراءات عملية لقانون المالية هذا وفي سياق متصل فقد طالب المتدخلون بإضافة إجراءات عملية لقانون المالية بهدف دعم المصالحة بين الخزينة والمطالب بالأداء و تخفيف العبء الجبائي ودعم القدرة التنافسية والاستثمار وخاصة : 1/ تأطير استبعاد المحاسبة في إطار عمليّات المراجعة الجبائية المعمّقة وذلك بإصدار الفصل 38 مكرّر من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائيّة وتفاديا للتقديرات الاعتباطيّة. 2/ تنفيذ قرار التوظيف الإجباري بعد صدور حكم ابتدائي وذلك حفاظا على التوازن المالي للمؤسّسات 3/ تمكين جميع المؤسّسات من طرح الخسائر الناتجة عن التخلي الكلي أو الجزئي عن ديونها لفائدة المؤسّسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية دون الشرط المتعلق بتعيين مراقب حسابات. 4/ منح الأشخاص الذين بحوزتهم ديون غير قابلة للاستخلاص إمكانية طرح الأداء على القيمة المضافة الذي تمّ دفعه بعنوان البيوعات المتعلقة بتلك الدّيون وكذلك طرح المبالغ الصّافية من الأداء من قاعدة الأداء على المداخيل. 5/ مراجعة مقتضيات الفصل 10 من مجلة الأداء على القيمة المضافة في اتجاه تمكين المؤسّسات من طرح الأداء على القيمة المضافة بعنوان اقتناء السيّارات السياحيّة وصيانتها طبقا للشروط العامة للطرح المشار إليها بالفصل 9 من نفس المجلة بالنسبة للسيّارات ما دون 9 خيول.