من بين الذرائع التي سوّقتها الإدارة الأمريكية لضرب العراق واحتلال أرضه وتشريد شعبه ذريعة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل... واتضح جليا قبل الغزو وبعده أنّ هذا كان مجرّد افتراء روّجت له هذه الإدارة لضرب مقدّرات العراق واحتلاله. واليوم يتكرّر تسويق هذا الإدعاء مرّة أخرى بعد أنّ وجّهت واشنطن اتهاما لسوريا بأنّها بنت مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية. وبالعودة بضعة أشهر إلى الوراء سجّل في سبتمبر من السنة الماضية حادث عسكري تمثل في قصف طائرات حربية إسرائيلية موقعا اعتقدت آنذاك كلّ من واشنطن وتل أبيب أنّه يضمّ مفاعلا نوويا بني جزء منه... واتضح في ما بعد أنّ هذا الموقع المدمّر كان مبنى عسكريا مفككا. لقد اختزل السفير السوري في العاصمة الأمريكية هذه الحملة الجديدة للبيت الأبيض ضدّ بلده بالقول «آمل أن يتمّ جلاء الحقيقة فهي ستكون مصدر إحراج كبير للإدارة الأمريكية للمرّة الثانية، قبل هذا كذبوا في موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية واليوم يعتقدون أن بإمكانهم تكراره مجدّدا». وعزّزت سوريا هذا الموقف حيث نفت بشدة المزاعم الأمريكية متهمة واشنطن بتضليل الكونغرس والرأي العام العالمي بادعاءات لتبرير الغارة الإسرائيلية ضدّ موقع سوري منذ أشهر. لقد ألف العالم حملة الإفتراءات وتزوير الحقائق التي تشنّها الإدارة الأمريكية كلّما فرضت مصالحها الاستراتيجية وأهدافها المعلنة والخفية ذلك لتبرير عمل عدواني أو للتغطية على الجرائم الإسرائيلية في المنطقة. ولم تلغ الذاكرة بعد ما روّج له كولن باول وهو وزير الخارجية الأمريكي عشية غزو العراق من مبرّرات وادعاءات ملفقة بما في ذلك عرض صور ملتقطة بواسطة أقمار صناعية لأسلحة دمار شامل عراقية... وما رافق ذلك من مهاترات تمّ تسويقها بعناية للرأي العام العالمي انطلاقا من مجلس الأمن تمهيدا لتدمير بلد بكامله... ونتيجة تلك الإدعاءات يعرفها الجميع. لقد سعت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتنسيق وثيق مع إسرائيل التي ترتبط معها بعلاقات استراتيجية متينة إلى خلق الأزمات في الشرق الأوسط الواحدة تلو الأخرى وساعدت على تعميق بؤر التوتر والنزاعات بين أفراد الشعب الواحد لتحكم قبضتها على الرقاب والمقدّرات الاقتصادية وتوجّه الإرادات حسب مصالحها وأطماعها في المنطقة. وهذه «القصّة السّخيفة» حسب عبارة السفير السوري في واشنطن والمتعلقة ببناء سوريا لمفاعل نووي اعتبرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمرا يستدعي التحقيق بشأنه دحضا لكل اتهامات أو تضليل ولربما كشفا عمّا وراء الأكمة. وبالتوازي مع هذه المغالطات والمزاعم تروّج إسرائيل مجدّدا للسّلام مع سوريا باستعدادها للإنسحاب من هضبة الجولان المحتلة مقابل سلام دائم.