أعلنت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، أن المنظمة ستعرض على أنظار مجلس نواب الشعب يوم 9 مارس الجاري، مشروعا لمراجعة بعض فصول قانون الوظيفة العمومية لتطبيق مبدأ التناصف، ولتمكين المرأة من الوصول إلى الوظائف العليا صلب الوظيفة العمومية، موضحة أن الاتحاد اشتغل لمدة سنة كاملة على إعداد هذا المشروع بمعية مجموعة من الجمعيات. وأوضحت في حديث أجرته معها وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بأن المنظمة عملت مع عدد من الجمعيات على إعداد مراجعة شاملة لبعض التشريعات ذات الصلة بوضعية المرأة، حتى تكون مطابقة للدستور الجديد، سواء ما تعلق منها بمجلة الأحوال الشخصية، أو المجلة الجنائية، والتي ترتبط خاصة بالعنف الجنسي المسلط على الاطفال، والنساء والفتيات ضحايا العنف. وقد سألت "وات" في بدايات هذا الحديث، راضية الجربي عن موقع اتحاد المرأة اليوم، وعن مدلولات غيابه عن المخاض الذي عاشته تونس بعد الثورة، فأجابت بقولها "الاتحاد موجود، ولم يغب لحظة عن تونس، كافح ومازال يكافح وسيظل نصيرا لقضايا المرأة والأسرة". وأضافت أن "المنظمة ناضلت بعد الثورة من أجل الوجود"، مؤكدة أنه "رغم كل الصعوبات والعراقيل التي مرّ بها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بعد الثورة، ومحاولات ضربه وتغييبه عن المشهد العام للبلاد، إلا أنه صمد واسترجع اليوم أنفاسه ويستعد حاليا لإنجاز مؤتمراته الجهوية بداية من شهر أفريل المقبل، كما يستعد لتنظيم مؤتمره خلال السنة القادمة". وعن أسباب الأزمة التي عاشها الاتحاد وحقيقة التجاذبات التي حرمت موظفيه من الحصول على رواتبهم طيلة أربع سنوات متتالية قالت راضية الجربي إن "بعض الأطراف عملت على وضع يدها على الاتحاد" بتعلة أنه منظمة تابعة لحزب التجمع المنحل، وأن موظفيه مجموعة من "المتواكلين"، وأنه "لم يعد هناك اي داع لوجوده". وأضافت أن اتحاد المرأة كان له، رغم العراقيل، نفس جديد بعد الثورة حيث عقد مؤتمرا استثنائيا برزت من خلاله قيادات جديدة وقام بتغيير نظامه الأساسي، مكرسا بذلك مبدأ استقلالية الاتحاد كمنظمة غير حكومية. وبالاضافة إلى أنشطته التقليدية، على غرار خدمة التنمية الاجتماعية، والنهوض بوضع المرأة الريفية، ومقاومة الاميةوالصحة الانجابية والتكوين والتشغيل والطفولة، أدرج الاتحاد، كما قالت رئيسته، مجالات اهتمام جديدة، ورسم في هذا الاطار برنامجا انطلق منذ بداية السنة ويمتد على خمس سنوات يتضمن كل سنة أهدافا محددة تتعلق بالاسرة وتأثير الإرهاب على الطفولة والعنف الجنسي والعنف المدرسي. وذكرت راضية الجربي بأن الاتحاد قام بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان في السنة الفارطة بالاعلان عن إحداث "مرصد للطفولة ضحية الإرهاب والأعمال الاجرامية" انطلق عمله في جانفي2015 وسيقوم قريبا بتقديم دراسة حول الإرهاب والطفولة ستساعد الفاعلين السياسيين على التدخل في هذا المجال. واعتبرت أن غلق مراكز التكوين التابعة للإتحاد الوطني للمرأة التونسية ساهم بشكل كبير في مزيد تهميش الشباب، مبينة أنه كان بالامكان لو تواصل نشاط الاتحاد احتواء العديد من الشباب وتمكينهم من آليات تنتشلهم من الضياع عوض ترك فراغ كبير ليتم استقطابهم من المنحرفين والمتطرفين، بحسب تعبيرها. وفي هذا السياق، أفادت الجربي بأن المنظمة رصدت عديد الحالات لأطفال من القصرين وحي التضامن والكاف تم استقطابهم من قبل مجموعات إرهابية مضيفة أنه تم بالاضافة الى تلك الحالات رصد ودراسة حالات اجتماعية أخرى مثل ظاهرة الانتحار لدى الاطفال والعنف المسلط عليهم والتحرش الجنسي وزنا المحارم. وحول موقفها كحقوقية مما يسمى "جهاد النكاح"، أوضحت راضية الجربى أن اتحاد المرأة تلقى، حسب قولها، عددا من الشكاوى في هذا الصدد، وحرص على تقديم الدعم لهن ولأسرهن، خاصة أنهن عدن حوامل، مضيفة أن عدد تلك الحالات بلغ، استنادا إلى ما وصفته ب"إحصائيات رسمية"، 100 حالة، غير أنها رجحت أن يكون العدد أكبر. وأشارت إلى أن "جهاد النكاح" هو "ظاهرة خطيرة وحقيقية والكثير من هذه الفتيات رفضتهن عائلاتهم، وهو ما جعل الأمر يمثل مشكلة اجتماعية كبيرة". وعن أسباب ظهور مشكلة "جهاد النكاح" فى تونس بوجه خاص، قالت الجربى إن الانفلات الامني عقب الثورة، وعودة العناصر الجهادية من الخارج، وفوضى الحدود مع ليبيا، إضافة إلى استقبال البلاد لعدد من الدعاة المتطرفين، تعد من مسببات انتشار مثل هذه الأفكار لدى الشباب. وبشأن رؤيتها لوضع المرأة التونسية بعد الثورة، اعتبرت راضية الجربي أن "أوضاع المرأة في تونس هي اليوم أفضل مقارنة بالفترة التي تلت اندلاع الثورة"، والتي شهدت ما أسمته "الصعود القوي للتيارات الدينية المتشددة". ولفتت المتحدثة في ختام تصريحاتها ل"وات" إلى أن المكاسب الهامة التي تحققت للمرأة التونسية بفضل مساهمتها الفاعلة في كلّ محطات النضال السياسي والاجتماعي التي شهدتها البلاد منذ الاستقلال، لا تحجب أوجه التمييز والتفقير والتهميش التي تعاني منها قطاعات واسعة من النساء التونسيات حتى اليوم، والتي يتعين أن تكون معالجتها من الأولويات الوطنية وسواء بالنسبة للسلطات العمومية، أو بالنسبة للجمعيات والمنظمات الوطنية، وفي مقدمتها اتحاد المرأة (وات)