باريس – الصباح : من مبعوث دار الصباح حافظ الغريبي سياسية بامتياز.. ذاك ما يمكن ان توصف به زيارة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الى فرنسا والتي انطلقت امس وتتواصل اليوم. زيارة دولة حظي خلالها رئيس الجمهورية بكل التشريفات غير انها ظلت في حدود التحاور، تحاور اراده الباجي لفتح الطريق نحو مرحلة قادمة ترنو خلالها تونس الى تجسيم تعاون افضل يشع على الفضاء الأوروبي.. فرنسا سفيرة تونس بأوروبا ولعل ذلك ما دفعه الى اختيار فرنسا في اول زيارة رسمية له الى اوروبا وربما ذلك ما نجح في اقناع هولاند به الذي خرج على الصحفيين ليعلن ان فرنسا اختارت ان تكون طوعا سفيرة لتونس في اوروبا وانه سيعمل خلال اللقاء القادم لمجموعة السبعة في انتظار ان تصبح مجموعة الثمانية على جلب الدعم اللازم لتونس فهو يرى ان البلدين مرتبطان تاريخيا وانهما سيعملان سويا على بناء المستقبل واضاف ان فرنسا ستعمل بكل ما اوتي لها من امكانات لدعم تونس امنيا من خلال تامين حدودها وتطوير التعاون الاستخباراتي لتجنيبها المد الارهابي الذي يعتبره هولاند عدوا مشتركا.. ولدعمها اقتصاديا مؤكدا انه سيسعى الى استحثاث المستثمرين الفرنسيين على مزيد الاستثمار في تونس داعيا الفرنسيين الى التحول للسياحة بتونس التي وصفها بالبلد الجميل والمضياف معلنا عن تحويل ما قيمته 60 مليون اورو ( 130 مليون دينارا تقريبا ) من القروض الى استثمار لتمويل المشاريع.. ولتدعيم التعاون الثقافي مشيرا الى ان وزيرتي الثقافة التونسية والفرنسية امضيتا اتفاقا في الغرض، دون ان يستثني متحف باردو الذي اعتبره من ضمن اجمل متاحف العالم مؤكدا ان فرنسا ستدعمه ولم ينس هولاند الاشارة الى ان 15 الف طالب تونسي يدرسون بفرنسا وهو على اتم الاستعداد لمزيد تطوير التعاون التربوي بين البلدين. تطويع القرآن الباجي قائد السبسي وكعادته اختار ان يسجل حضوره من خلال لمساته الخاصة التي تمزج بين التلاعب بالالفاظ والعودة للاقوال الخالدة والآيات القرآنية حتى وان كان الخطاب بالفرنسية اذ بدا بالتعليق على تصريح هولاند - الذي قال متوجها له بانه يشعر وكانه لم يفارقه لانه لم يمض على لقائهما بتونس غير ايام قليلة - بالقول انه يشعر انه لم يفارق باريس منذ ان جاءها طالبا سنة 1949، معتبرا ان تونس هي البلد الوحيد الذي وان وضع حدا للاستعمار فانه ظل على علاقة وطيدة به، علاقة تعاون وتآخ على حد قوله.. وكعادته لم يغفل الباجي عن تمرير الرسائل التي يريد تمريرها والتي تتعلق اساسا بان تونس بلد تسامح ومحبة وانها ضحية للارهاب اذ استدل بذلك اكثر من مرة من خلال التاكيد على ان الثورة وان قامت في تونس فإنها لم تجلب الإرهاب لان من قام بها هم شباب بلا زعامة وبلا مرجعية إسلامية وبلا اية مرجعية أخرى واصفا إياها بالثورة الفريدة من نوعها غير ان هذه الثورة وان قادت إلى انتخابات حرة ونزيهة والى رئيس وبرلمان منتخبين انتخابا مباشرا وشفافا فان المشوار لم ينته معتبرا إياها بلدا في طريق الديمقراطية مستدلا بقول احد المفكرين الفرنسيين الذي قال انه يفترض قليل من الرفاه لممارسة الفضيلة ، قليل من الرفاه لا يمكن أن يتحقق دون محاربة الإرهاب وللإرهاب جذوره الممتدة في الفقر لذلك استوجب الاهتمام بالاقتصادي وفق تعبيره وفي الآن نفسه يؤكد على ضرورة الفصل بين الإسلام والإسلاميين فالإسلام دين تسامح والإسلاميون هم من يريدون تطويع الإسلام لغايات أخرى وهنا استدل بالآية الكريمة «لكم دينكم ولي ديني» مستثنيا مطلعها القائل «يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون» مضيفا مهما اختلفت الديانات فان الرب واحد. الصفقة الإماراتية للأسلحة مسالة الصفقة الإماراتية للأسلحة ألقت بظلالها على لقاء الرئيسين بعد أن سربت وسائل إعلام فرنسية إن تجهيزات عسكرية ستقتنيها تونس بتمويل إماراتي غير أن أسئلة الصحفيين لم تجد ما يشفي الغليل فالباجي رد بأنه لا يجب الحديث عن الشيء قبل تحقيقه أما هولاند فتركز رده على أن التعاون العسكري قائم وان تطويره مرتبط بالتمويلات.. هولاند رد كذلك على تساؤلات الإعلام حول تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة فقال أن فرنسا ساعية لإدخال تسهيلات لكنها تأخذ بعين الاعتبار خطر الإرهاب، خطر لم يغب عن الباجي قائد السبسي الإشارة إليه عندما قال أن هناك تونسيين عدة يعيشون بفرنسا وان جلهم فرنسيون كذلك وبعضهم غير مسرور داعيا إياهم لاحترام البلد الذي استقبلهم وان يكونوا مسلمين مثاليين. من تشريف إلى تشريف وفي مجلس الشيوخ حظيت تونس بتشريف أخر اذ قال رئيس مجلس الشيوخ أن المجلس ومنذ استقباله الرئيس التشيكي السبق فاكلاف هفال فان منذ سنة 1999 لم يستقبل مجلسالشيوخ رئيسا آخر من دولة ناشئة ديمقراطيا معتبرا أن الدستور التونسي نص فريد في العالم العربي محييا المرآة التونسية .. تشريف اسر الباجي لكنه لم يرتق إلى قيمة التشريف الذي حظي به عندما نال الدكتوراه الفخرية من جامعة السربون التي غادرها محاميا منذ 62 سنة وعاد إليها رئيسا. زيارة الباجي قائد السبسي في يومها الأول التي وان كانت مضنية لمن هو في سنه لكنها كانت مثمرة لمن بلغ من العمر عتيا وحظي بكل تلك التشريفات .. تشريفات أسعدته لكنها أكدت في الآن نفسه أن الطريق مفتوح لتونس وما عليها إلا حسن استغلاله فهل تنجح الدبلوماسية الاقتصادية في استثمار نجاح الدبلوماسية السياسية، ذاك ما على فريق الحبيب الصيد إثباته.