أعربت منظمة "البوصلة" في بيان لها اليوم الاربعاء عن رفضها لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات المسلحة داعية مجلس نواب الشعب الى التخلي عنه. واعتبرت أن مشروع القانون يخالف أبجديات القانون الجزائي ويجانب المنطق القانوني السليم مضيفة انه "يمثل تهديدا صارخا للحقوق والحرّيات المكفولة صلب دستور جانفي 2014" وأبرزت أن المجلة الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب يكفيان لزجر كافة الاعتداءات التي قد يتعرّض إليها أعوان القوات المسلحة داعية الى تنقيح المجلة الجزائية لمطابقتها مع الدستور الجديد والسياسة الجزائية التي تفرضها دولة القانون والمعايير الدنيا للديمقراطية. وسجلت المنظمة وفق ذات البيان "عدة هنات في هذا المشروع تجعله هزيلا على المستوى القانوني من بينها ترتيب المشروع لنفس العقوبة في حالتي من له الصفة ومن ليست له الصّفة حال ارتكاب جريمة انتهاك أسرار الدولة ممّا يجعل التمييز بين الحالتين غير ذي معنى" ولفتت الى أنّ مشروع القانون شدّد العقوبات على جرائم اعتبرها تهدّد "استقرار المجتمع بأسره" في حين أنّ المجلّة الجزائيّة إضافة لتناولها هذه الجرائم ترتّب عقوبات أشدّ من التي يرتّبها مشروع القانون مثل جريمة انتهاك أسرار الدولة التي يعاقب عليها المشروع ب 10سنوات سجنا (الفصلان 5 و 6) في حين تعاقب المجلّة الجزائيّة على نفس الفعل ب-12 سنة سجنا على اعتبار أن البلاد في حالة حرب ضدّ الإرهاب (الفصلان 61 و 62). ويرتب الفصل 15 عقوبة 5 سنوات سجنا لمن يهدّد بارتكاب جنحة أو جناية في حقّ عون من أعوان القوات المسلّحة في حين أن العقوبة القصوى لارتكاب أيّ جنحة بالفعل هي 5 سنوات بالضرورة و بالتالي قد يكون التهديد بارتكاب فعل ما أشدّ عقوبة من ارتكاب الفعل ذاته حسب ما ورد في نص البيان. وأكدت "البوصلة" أن "روح مشروع القانون تعكس نيّة مبيّتة للحدّ من الحقوق والحرّيات تبلغ ذروتها في الفصل 12 الّذي ينصّ على أنّه: "يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تعمد تحقير القوات المسلحة بقصد الإضرار بالأمن العام". وبينت انّ «غياب أيّ تعريف لمفهوم "التّحقير" الّذي ورد مبهما ومطلقا وغامضا يفتح أبواب التّأويل على مصراعيها ويسمح بالحدّ من حرّية التّعبير المضمونة بالفصل 31 من الدّستورحيث يمكن تكييف أيّ فعل أو قول على أنّه «تحقير بصورة إعتباطيّة» وتعد العقوبة المقررة لجريمة «التحقير» وفق منظمة البوصلة "أشدّ من عقوبة هضم جانب موظّف عمومي بالفصل 125 من المجلّة الجزائية وأشدّ حتّى من عقوبة الإعتداء بالضرب الخفيف على موظّف عمومي" (الفصل 127 من المجلّة الجزائية). وأشارت الى أن هذا الفصل "مخالف لأحكام الفصل 49 من الدّستور بما أنّه ينال من جوهر حريّة أساسية هي حرّية التعبير ويخالف مبدأي الضرورة التي تقتضيها دولة مدنية وديمقراطية والتناسب" المضمّنين بنفس الفصل. ونبهت المنظمة من أيّ مساس بسلامة المنظومة القانونيّة داعية كافة أعضاء مجلس نوّاب الشعب إلى التعبير عن رفضهم لأي نص قانوني قد يمثّل خطرا على دولة القانون والحريات الفردية والجماعية وذلك بالتصويت المبدئي ضد مشروع القانون داخل اللجنة التي ستتعهد بالنظر فيه كما دعت الحكومة وبالخصوص وزارتي العدل والداخلية لمزيد الانتباه لتفاصيل وفحوى النصوص القانونية التي تصادق عليها وتحيلها للبرلمان وللتصدي مبكّرا لأي محاولة للحد من الحريات بطريقة تتنافى وأحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية ولأية مساع تستهدف دولة القانون. وطالبت وزارتي الدفاع والداخلية بوضع استراتيجية واضحة وسياسة منطقية لضمان الأمن والاستقرار دون المساس بجوهر الحقوق والحريات الفردية والجماعية التي كرّسها دستور جانفي 2014 واجتناب أي مزايدة في المجال. ودعت مجلس نواب الشعب والحكومة ومنظمات المجتمع المدني إلى تركيز كافة الجهود على قانون مكافحة الإرهاب المذكور والإنتباه إلى النقاط السلبية التي قد تشوبه والتي تحمل في طياتها خطرا على الحريات الفردية والجماعية. يشار الى أن الحكومة أحالت مشروع القانون عدد 25/2015 المتعلق بزجر الإعتداءات على القوات المسلحة على مجلس نواب الشّعب بتاريخ 13 أفريل 2015