دعت مجموعة من المنظمات والجمعيات كافّة مكونات المجتمع المدني والسياسي إلى التصدّي لمشروع القانون الذي صادقت عليه الحكومة والمتعلق بزجر الاعتداء على أعوان القوات المسلحة وإسقاطه لما يمثّله من تهديد للحرية والديمقراطية ولما يوحي به من تمهيد لعودة الدولة الأمنية التي انتفض عليها الشعب مؤكّدة على أنّ ترسانة القوانين الجزائية الحالية التي تجرّم الاعتداء على أعوان الأمن كافية لصدّ التجاوزات في حقهم داعية مجلس نوّاب الشعب إلى عدم المصادقة على هذا المشروع. و أكّدت مجموعة المنظّمات والجمعيات في عريضة لها على ضرورة حماية أفراد القوات المسلحة ماديا ومعنويا بتوفير كل المعدات والمستلزمات للتمكّن من مواجهة الإرهاب الذي يهدد الأمن والمجتمع وكذلك بتوفير الحماية والرعاية اللازمة لعائلاتهم في صورة تعرّضهم لأيّ مكروه لكنّها اعتبرت أنّ مشروع هذا القانون يهدّد حرية التعبير والرأي ويعيد مشاعر الريبة والخوف والقطيعة التي طبعت العلاقة بين قوات الأمن والمواطنين طيلة عقود الاستبداد والتي لا تزال بعض مظاهرها متواصلة إلى الآن مشيرة إلى أنّه ينص على عقوبات مشددة طالت الحق في الحياة ويعفي مشروع هذا القانون القوات المسلحة من المساءلة الجزائية كما يكرّس الإفلات من العقاب إضافة إلى أنّه لا يحترم نص الدستور والمواثيق الدولية. و تطرّقت الجمعيات والمنظمات إلى بعض جوانب الخطورة في مشروع القانون المذكور كمخالفته الصريحة للنص الدستوري الضامن لحرية التعبير والنشر وحق النفاذ إلى المعلومة وجعله كشف المعلومة جناية تصل عقوبتها إلى عشر سنوات سجنا وإدراجه مفاهيم غامضة مثل «جريمة تحقير قوات الأمن الداخلي» ، التي تصل عقوبتها إلى سنتين سجنا معتبرة أنّه لا يحد من حرية التعبير فقط بل يجعل المؤسستين الأمنية والعسكرية فوق النقد والتقويم. و تعرّضت الجمعيات والمنظّمات إلى انتهاك مشروع القانون حق الحياة باعتباره ينفي عن الأمنيين المسؤولية الجزائية في حالة إصابة أو حتى قتل المواطنين عند «صدّ الاعتداءات» مما يشرّع لهم الاعتداء على المواطنين وانتهاك حقوق الإنسان والإفلات من العقاب اعتمادا على غموض النص وضبابيته في الوقت الذي يضمن فيه الدستور الحق في الحياة ويدعو الدولة إلى حماية كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد. كما أشارت المنظمات إلى معارضة مشروع القانون المذكور للمبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والمكرّسة بسائر المواثيق الدوليّة والتي يتعيّن على الدولة الالتزام بها واحترام القواعد والمعايير الواردة بها وبسائر المبادئ والمعايير الدولية ذات الصلة المباشرة بوظائف القوات المسلحة، على غرار مبادئ هافانا لسنة 1990 والخاصّة باستخدام القوّة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون منتقدة ان يذكّر مشروع القانون بديباجة الوثيقة الأممية التي تؤكد على ضرورة حماية رجل الأمن واعتبار أنّ حماية المجتمع من حمايته وأن يتجاهل في الآن نفسه أمورا أساسية أخرى وردت بذات الوثيقة تهدف إلى الحد من التغوّل الأمني وتجاوز الصلاحيات والقانون مثل إيجاد قوانين واضحة يحدّد بموجبها التدخل بالقوّة وتجريم الاعتداء غير المبرر على المواطنين وإخضاع استخدام القوّة من طرف رجال الأمن للرقابة القانونية وضرورة الالتزام بالأبعاد الإنسانية والأخلاقية عند استعمال القوّة. و ندّدت الجمعيات والمنظّمات بالتوسع غير المبرر في حماية عائلات أعوان القوات المسلحة ومن في كفالتهم قانونا حتى وان تعلقت بهم قضايا حق عام مبيّنة في الآن نفسه أنّ مشروع هذا القانون وفي صورة المصادقة عليه سيكون مدخلا للإفلات من العقاب لأعوان القوات المسلحة المتهمين في قضايا شهداء وجرحى الثورة التي لم يتصل بها القضاء، وذلك عملا بقاعدة «النصّ الأرفق بالمتهم». وللإشارة فإنّ الجمعيات والمنظمات الممضية على البيان هي كلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية القضاة التونسيين واتحاد القضاة الإداريين والتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية والهيئة الوطنية لعدول التنفيذ والمعهد العربي لحقوق الإنسان ومؤسسة شكري بلعيد لمناهضة العنف وجمعية يقظة من أجل الديمقراطية ومدنية الدولة والفرع الجهوي للمحامين بتونس وجمعية دستورنا وجمعية التونسيين في فرنسا والاتحاد التونسي للعمال المهاجرين ولجنة اليقظة من أجل الديمقراطية في تونس والشبكة الأورو-مغاربية ثقافة ومواطنة وجمعية العمال المغاربيين في فرنسا وجمعية العمال التونسيين في سويسرا.