يبدو أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة جبل الشعانبي وما خلفته من إصابات في صفوف قوات الأمن الوطني قد عجلت بفتح ملف تنقيح القوانين المهنية لهذه الأسلاك خاصة وأن نقابات قوات الأمن الداخلي قد طالبت اثر تحركها الاحتجاجي الجمعة الماضية أمام المجلس الوطني التأسيسي بالمصادقة على القوانين المتعلقة بزجر الاعتداءات على الأمن وجبر الأضرار المهنية للمصابين أثناء آداء مهامهم في أقرب الآجال . وقد علمت «التونسية « أن مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداءات على قوات الأمن الداخلي والمقرات والمنشآت والتجهيزات الموضوعة تحت رقابتها أو حمايتها أو في تصرفها سيعرض قريبا على مجلس وزاري بعد أن أحالته وزارة الداخلية إلى رئاسة الحكومة . يهدف مشروع هذا القانون الذي حصلت «التونسية « على نسخة منه إلى حماية الحق في الحياة والحرية والسلامة للأشخاص باعتبار الأمن حق أساسي للأفراد والمجتمعات وشرط حيوي لممارسة الحريات الفردية والجماعية، كما يهدف القانون إلى تمكين الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين من الظروف المناسبة لصون هذه الحقوق والحريات ولحمايتهم من الأخطار التي تهدد سلامتهم وحياتهم باعتبار أنها تهدد استقرار المجتمع بأسره . ويعتبر النص المعروض على أنظار الحكومة أعوان قوات الأمن الداخلي مكلفين بالمحافظة على الأمن العام وملتزمين لهذا الغرض بالتدخل في كل الأوقات ولو من تلقاء أنفسهم لحماية الأشخاص والممتلكات وكل ما من شأنه أن يشكل خطرا عليها وإخلالا بالأمن العام تتكفل الدولة بمقتضى الواجب المحمول على أعوان قوات الأمن الداخلي بحمايتهم من التهديدات أو الاعتداءات مهما كان نوعها التي يتعرضون إليها أثناء مباشرتهم لوظيفتهم أو بمناسبتها أو يتعرض إليها أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم أو من هم في كفالتهم أو يعيشون عادة معهم أو ممتلكاتهم وذلك إما بسبب آدائهم لمهامهم أو لمجرد صفتهم . كما تكتسي صبغة سر أمن وطني على معنى هذا القانون الوثائق والمعلومات والشبكات الإعلامية والمعطيات والبطاقات المضمنة بمحامل الكترونية المتعلقة بالأمن الوطني، وكل الوثائق الأخرى التي يجب أن لا تكون بطبيعتها معلومة إلا ممّن لهم صفة في استعمالها أو مسكها والتي تخضع لإجراءات تصنيف ترمي إلى حصر حق النفاذ إليها وتوزيعها . كما جاء في المشروع أنه يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسة آلاف دينار كل شخص مؤتمن بمقتضى صفته أو وظيفته أو بمقتضى مهمة وقتية أو مستمرة على وثيقة أو شبكة إعلامية أو معطيات أو بطاقات إلكترونية تكتسي صبغة سر الأمن الوطني تعمد إتلافها أو الاستيلاء عليها أو اختلاسها أو نسخها أو تمكين شخص غير مؤهل لذلك من النفاذ إليها أو إطلاع العموم عليها . ويعاقب بنفس العقوبات كل شخص مؤتمن على هذه الوثائق تعمّد ترك الغير ينفذ إليها أو يتلفها أو يستولي عليها أو يختلسها أو ينسخها أو يفشيها مع اعتبار المحاولة موجبة للعقاب . وإذا كان تصرف الشخص المؤتمن ناتجا عن إهمال فإنه يعاقب بالسجن لمدة عام واحد وبخطية قدرها ألف دينار. كما يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار إذا كان شخصا غير مؤتمن على الوثائق أو الشبكات الإعلامية أو المعطيات أو البطاقات الإلكترونية التي تكتسي صبغة سر للأمن الوطني وتعمّد الإستيلاء على هذه الوثائق او النفاذ إليها أو الإطلاع عليها كما تنطبق أحكام هذا الفصل على من تعمد اتلاف هذه الوثائق أو اختلاسها أو نسخها بأية وسيلة كانت أو إطلاع العموم أو شخص غير مؤهل لذلك عليها وتكون المحاولة كذلك موجبة للعقاب . الاعتداء على القوات والمقرات يعاقب بالسجن مدة عام واحد وبخطية قدرها ألف دينار كل من تعمد دون ترخيص من السلطة المختصة الدخول إلى مباني غير مفتوحة للعموم أو النفاذ إلى تجهيزات أو عربات أو أراض مسيجة مخصصة للسلطات الأمنية أو موضوعة تحت رقابتها أو حمايتها وتوجب المحاولة العقاب كذلك . كما يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار كل من تعمد تحقير قوات الأمن الداخلي إما بالقول أو الإشارة أو التهديد أو بأية وسيلة نشر أو توزيع أو عرض أخرى للكتابة أو القول أو الصورة مهما كان محملها بهدف المس من كرامة وسمعة هذه القوات أو تحطيم معنوياتها بأية وسيلة كانت قصد الإضرار بالأمن العام . مشروع القانون نص أيضا على العقاب بالسجن بقية العمر كل من تعمد حرق أو هدم أو إتلاف مقر تابع لقوات الأمن الداخلي أو مخازن الأسلحة أو ذخيرة أو عربات أو الاستيلاء على أسلحة أو الذخيرة أو تجهيزات أو معدات أمنية مهما كان نوعها أو على ملفات أو أية أشياء أخرى بعهدتها قصد الإضرار بالأمن العام . يعاقب بالسجن لمدة عشرة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من شارك ضمن جمع غير مسلح في الاعتداء على مقرات أمنية أو أماكن إيقاف أو سجن لتسهيل فرار محتفظ به أو موقوف أو سجين، على أن يرفع العقاب إلى ضعفه إذا كان ضمن الجمع من يحمل سلاحا ظاهرا أو خفيا أو نتجت عن الأعتداء أضرار بدنية للأعوان تسببت لهم في حجز وقتي . ويكون العقاب بالسجن مدة ثلاثين عاما والخطية بثلاثين ألف دينار إذا نتج للعون عن الأعتداء بتر عضو أو عجز مستمر ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن الإعتداء موت . الاعتداء على قوات الأمن وذويهم في ما يتعلق بالإعتداء على أعوان قوات الأمن الداخلي وذويهم وممتلكاتهم ينص مشروع القانون على المعاقبة بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار كل من يعتدي بالثلب أو بالقذف على عون قوات أمن داخلي أو على سلك من أسلاك قوات الأمن الداخلي بادعاء لم تثبت صحته وينص المشروع كذلك على تسليط عقوبة بالسجن لمدة عامين وبخطية قدرها ألفا دينار على كل من هدّد بارتكاب جناية أو جنحة على عون من أعوان قوات الأمن أو قرينه أو أحد فصوله أو فروعه أو أحدا ممن هم في كفالته أو يعيشون معه بسبب مباشرته لمهامه أو بمناسبتها أو لمجرد صفته سواء كانت ظاهرة أو معلومة من مرتكبه. وترفع العقوبة بالسجن إلى ستة أعوام إذا كان القصد من التهديد إجبار عون الأمن على القيام بفعل من علائق وظيفته أو مهمته أو تركه أو على أن يتجاوز سلطته بغرض الحصول على امتياز أو وظيفة أو أي قرار آخر لمصلحته . ويعاقب بالسجن لمدة عشرة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من قام بالاعتداء على ملك عقاري أو منقول تابع لعون أمن أو أصوله أو قرينه أو فروعه سواء بإفساده أو بإتلافه بقصد التأثير على سلوك عون الأمن في ممارسته لوظيفته أو مهمته أو التشفي منه ويمكن الترفيع في هذه العقوبة إلى الضعف إذا تم الإعتداء بواسطة مادة متفجرة أو حارقة . وإذا نتج عن هذا الإعتداء عجز بدني وقتي للأشخاص المنصوص عليهم في مشروع القانون فيقع الترفيع في العقوبة بالسجن إلى 25 عاما وفي الخطية إلى 25 ألف دينار أما في صورة تسبب الاعتداء في بتر عضو أو عجز مستمر فإن العقوبة بالسجن ترفّع إلى ثلاثين عاما والخطية إلى ثلاثين ألف دينار ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن الإعتداء موت . ويختم القانون بأنه لا تترتب أية مسؤولية جزائية على عون الأمن عند دفعه لصائل ارتكب احدى الجرائم المذكورة سابقا ولم تمكنه النجاة منه بوجه آخر كما لا تمنع أحكام هذا القانون من تطبيق أحكام المجلة الجزائية والقوانين الخاصة ما لم تتعارض معها .وتتكفل الدولة بجبر الأضرار المادية اللاحقة بالعون المعتدى عليه وعلى قرينه أو أحد أصوله أو فروعه أو على من هو في كفالته أو يعيش عادة معه أو على ممتلكاته من خلال حساب خاص يحدث بالخزينة العامة للبلاد التونسية بمقتضى قانون المالية وذلك بناء على تقدير خبير منتدب بمقتضى إذن من المحكمة المتعهدة، ولها أن تحل محله في المطالبة باسترجاع قيمة التعويضات من مرتكب الاعتداء .