في هذا الحوار مع "الشروق الجزائرية" على هامش زيارته إلى الجزائر، والذي تناول فيه العلاقات بين البلدين وأسس التعاون، وتداعيات مذكرة التفاهم الموقعة بين بلاده وواشنطن، والتأويلات التي صاحبتها وانخراط تونس في التحالف الدولي لمحاربة داعش، يؤكد رئيس الحكومة الحبيب الصيد، أنه لا توجد ضبابية أو أزمة بين تونسوالجزائر، بالعكس - حسبه - الصراحة والمتانة هي أساس العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن أطرافا تعمل للوقيعة بين تونسوالجزائر... "نقول لهم فشلتم وستفشلون". وفي ما يلي نص الحوار : في ثاني زيارة لك إلى الجزائر، بعد توليك الجهاز التنفيذي، ما الأجندة التي حلمتها معك؟ أولا الزيارة السابقة إلى الجزائر كانت أول زيارة لي خارج بلادي بعد تكليفي بقيادة الحكومة، الزيارة الأولى كانت زيارة للتنسيق مع أخي عبد المالك سلال والذي لي علاقة قوية وقديمة معه، وكانت الفرصة أولا لتدارس جوانب التعاون. أما الزيارة الثانية فتدخل في إطار اللجنة المشتركة المختلطة الكبرى، من خلالها سيتم التشاور في كل المواضيع السياسية والاقتصادية والأمنية، وكل الملفات التي تهم العلاقات الجزائريةالتونسية، بما في ذلك القضايا التي تهم البلدين على المستوى الدولي والإقليمي، كما سنبحث مع إخواننا في الجزائر التشاور في المواقف التي تهمنا، حتى يتم إعلان مواقف موحدة من القضايا التي تهمنا. الخطاب التونسي الرسمي من الرئيس، إليك شخصيا والطاقم الوزاري لسيادتكم، يؤكد متانة العلاقات بين البلدين، ماذا ستضيف زيارتكم؟ كما ذكرت علاقتنا متينة وقديمة منذ الثورة التحريرية في تونسوالجزائر، هذا التعاون تواصل بعد استقلال البلدين، الزيارة ستكون فرصة لتمتين العلاقات في كل الميادين، وأخص بالذكر في الناحية الاقتصادية هنالك عدة قطاعات سيتم تناولها، إضافة إلى عدد من الاتفاقيات التي سيتم الإمضاء عليها، كما سنعمل على بحث تطوير للعلاقات بين البلدين من الناحية الأمنية. العلاقات بين تونسوالجزائر، نقول إنها وطيدة ووطيدة للغاية، كما تعرفون الوضع في المنطقة يحتم علينا المزيد من التنسيق، لأن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية وعابرا للدول، المزيد من التنسيق الدولي أعتقد أنه أحد أهم العوامل في محاربة الإرهاب، وفي هذا الخصوص نحن نعمل مع الدول في مجال التنسيق وتبادل المعلومات حول الإرهابيين، وخاصة مع دو الجوار والدول الصديقة والقريبة. هنالك مشاورات معمقة مع الشقيقة الجزائر، ونتدارس معهم الشأن الليبي في لقاءات مكثفة وعلى أعلى المستويات لإيجاد مقترحات للتعجيل في إيجاد حل للمعضلة الليبية التي تقلق الجميع، خاصة دول الجوار، ونخص بالذكر تونسوالجزائر، فما يحدث في ليبيا يهم البلدين بشكل أساسي. تقدم خطابا تفاؤليا عن العلاقات الجزائريةالتونسية، لكن أطرافا كثيرة ترى أن الضبابية تلف العلاقات، بل هنالك من يرى أن هنالك أزمة صامتة بينهما، بسبب الاتفاقية الموقعة بينكم وبين الإدارة الأمريكية، وإمكانية إقامة قاعدة عسكرية أجنبية على أراضيها، وكذا التصريحات النارية من ساركوزي في حق الجزائر من تونس، وكانت زيارته بدعوة من الحزب الحاكم، وآخرها ما نقل عن وزيركم للدفاع؟ لا توجد ضبابية بين الجزائر، بالعكس هنالك الصراحة وهي الأساس بين الحكومتين والدولتين، الحديث عن الضبابية كلام يتم تدوله في وسائل الإعلام فقط، نحن نعيش في جو ديمقراطي، وهذا الجو يتيح للبعض الحديث ولا يمكن منعهم من ذلك، ولو كان كلامهم خاطئا ومجانبا للصواب. لكن ما أؤكده وبوضوح وهذا قلته في لقاء خاص، العلاقات بين تونسوالجزائر علاقة مباشرة وقوية، وهنالك أطراف يزعجها هذا الوفاق بين البلدين، ولأكون أكثر صراحة هذه الأطراف تصطاد في المياه العكرة، هذه الأطراف لا يسعدها التفاهم والتوافق والانسجام القائم بين البلدين. نقول بكل صراحة لهذه الأطراف فشلتم وستفشلون في مسعاكم، ولن تستطيعوا التأثير والإساءة للعلاقات بين البلدين، نقول لهم إن ما تسعون له سيفشل لأن العلاقات بين البلدين قوية وقوية وعصية عليكم. كما قلت آنفا العلاقات قوية ولن يستطيع أحد تعكير صفوها، أما بشأن ما تم التوصل معه بين تونس والإدارة الأمريكية، ما تم ليس اتفاقية لكن مذكرة تفاهم في كيفية التعاون، أؤكد أنه لا توجد اتفاقية موقعة مع أمريكا، الاتفاقية تستلزم إطار قانوني خاص بها، هذا الذي حصل خلال زيارة الرئيسي الباجي إلى واشنطن. بالنسبة للتصريحات المنسوبة لوزير الدفاع، فأقول بشأنها إنها عارية من الصحة، موضوع الإرهاب موجود في الحدود بين البلدين وهنالك إرهابيون يتنقلون من تونس إلى الجزائر، الحدود قريبة ولهذا نجدهم يتنقلون إلى الجزائر، هل في هذه الحالة نقول إن تونس تصدر الإرهاب إلى الجزائر، هذا كلام غير صحيح ومشوه، ونفس الحال نقوله على من يقول إن الجزائر تصدر الإرهاب لتونس. بالعودة إلى تصريحات وزير الدفاع، لقد جرى تأويل تصريحات الوزير، الوزير الحرشاني له علاقات قوية مع المسؤولين في الجزائر، كما تعلمون كذلك أن هنالك تنسيقا وتعاونا وثيقا بين أجهزة البلدين في مجال محاربة الإرهاب ومراقبة الحدود، لأن الإرهاب ظاهرة دولية، فكما يتنقل من تونس إلى ليبيا ومن ليبيا إلى الجزائر، هنالك نفس المسار على مستوى الحدود التونسيةالجزائرية، هنالك خطط تضعها العناصر الإرهابية للتحرك على الشريط الحدودي خطط، ومن جانبنا نحن متفقون على ضرورة القضاء التام على العناصر الإرهابية. بسطت تأثيرات ما سميته مذكرة التفاهم التي تمت مع الإدارة الأمريكية، لكن ثبت أن هنالك انزعاجا جزائريا منها، والدليل إيفاد الرئيس الباجي مبعوثا خاصا إلى الرئيس بوتفليقة بسببها؟ فيما يخص زيارة المبعوث الخاص للسيد الرئيس إلى أخيه الرئيس بوتفليقة، نؤكد أنها تمت في إطار توضيح الرؤى والتفاهم بين البلدين، والزيارة كان هدفها رفع اللبس، وظهر أن القراءات الإعلامية الخاطئة بخصوص مذكرة التفاهم وقعت كذلك مع تصريحات وزير الدفاع، بعض الوسائل الإعلامية استغلت التصريحات الذي جرى تأوليها لإعطاء قراءات مخالفة للواقع لدرجة الحديث عن تهمة تونسية في حق الجزائر تتعلق بتصدير الإرهاب، وتم استغلال التصريحات وذهب البعض إلى قراءات غير صحيحة، لقد تم تبيين الوضع وهو أن العلاقة متينة وقوية ولا تشوبها أي شائبة. أما عن القاعدة الأمريكية في تونس فلا أساس لها من الصحة، الكثير من التأويلات نسمعها، ولما نقرر إقامة قاعدة عسكرية أجنبية لروسيا مثلا أو لدولة أخرى فهذا الأمر بخض لسيادتنا. وهل هذا وارد؟ لا هل طلبت منكم الإدارة الأمريكية إقامة قاعدة عسكرية؟ ممكن حتى إنها طلبت من الجزائر هذا الأمر، هي حرة، وهذا الأمر يدخل في إطار التعاون الدولي، هذا الأمر جار العمل به في السياسة الدولية، موقفنا واضح نحن ننسق مع الدول خاصة دول الجوار والدول الصديقة، لكن لا نأخذ قرارات على استعجال أو دون سند قانوني هذه الأمور وأقصد هنا إقامة القواعد العسكرية، مسألة تخضع للسيادة الوطنية وضوابط قانونية محددة، ولنا اختياراتنا وسياساتنا الخارجية واضحة. في الأوقات المناسبة يتم اتخاذ القرار الذي نراه مناسبا، لكن حاليا أود أن أبلغ الجميع أن الحديث عن إقامة قاعد عسكرية أجنبية غير صحيح وغير وارد. تحدثت عن أطراف منزعجة مما تسميه قوة العلاقات الجزائريةالتونسية، هل هنالك أطراف تعمل على الوقيعة بين البلدين؟ وما طبيعة هذه الأطراف؟ هم أناس لهم مرض ولا يساعدهم أن يكون البلدان على اتفاق ووفاق. نعم هنالك سياسيون وإعلاميون وغيرهم، غرضهم خلق المشاكل بين البلدين، ولا أجد ما أقوله لهم سوى "ربي يهديكم". تؤكدون على التنسيق الأمني بين البلدين، ماذا حقق التنسيق على أرض الواقع، بمعنى أدق هل تم إجهاض مخططات إرهابية بناء على تقارير استخباراتية وفرتها الجزائر؟ أولا هنالك تنسيق أمني على أساس أن الإرهاب ظاهرة بين البلدين ويجب إيجاد حل لها، بين البلدين. التنسيق يتم على مستوى المعلومات، هنالك تنسيق بين الوحدات العاملة على الحدود يكاد يكون يوميا ثم تنسيق وطني بين المصالح المختصة في الجزائروتونس. العديد من العمليات الأمنية الناجحة تم تنفيذها في تونس حصلت في إطار التنسيق التام مع المصالح المختصة في الجزائر. لقد نجحنا في إفشال عمليات إرهابية بمعلومات استخباراتية وفرتها الجزائر لنا، من جانبنا وفرنا معلومات لنظرائنا في الجزائر أثمرت إفشال اعتداءات إرهابية. هل تطمحون في إطار التنسيق الأمني بين البلدين إلى تنفيذ عمليات مشتركة بين الأمن التونسيوالجزائري وتسيير دوريات بينهما في الشريط الحدودي؟ هنالك كما قلت تنسيق قوي ومستمر، لكن لم يصل إلى تنفيذ عمل مشترك بين الأجهزة الأمنية في البلدين، ليس هنالك فرق مشتركة، وهذا الأمر حاصل لخصوصية ودستور كل دولة، نحن نحترم ما جاء في دستورنا وما جاء في دستور الجزائر، لكن الواقع والمؤكد أن محاربة الإرهاب تتم بتنسيق تام ومباشر بين المصالح المختصة في البلدين. لا يزال النشاط الإرهابي ظاهرا في تونس، من عملية باردو إلى سوسة والمناطق الغربية، ماذا حققت الأجهزة الأمنية إذن؟ وهل يعدّ حل أجهزة المخابرات بعد ثورة جانفي 2011 مساهما في تغول الظاهرة؟ أولا، لم يتم حل المصالح الاستخباراتية، ولكن تم حل جهاز أمن الدولة فقط بعد ثورة جانفي 2011، الأجهزة الأخرى بقيت تشتغل، من ناحية أخرى، على إفشال مخططات إرهابية كباردووسوسة، أؤكد أن نسبة الصفر في إجهاض النشاط الإرهابي غير موجودة، دول غربية كبيرة ولها أجهزة أمنية قوية للغاية فشلت في كشف مخططات إرهابية، هدفنا تقليل الخطر ونحاول عبر التعاون مع الدول الشقيقة الوصول إلى نسبة ضئيلة. المصالح الأمنية قامت بعدة عمليات مهمة كان لها أثر إيجابي على المجتمع التونسي، وكان لها انعكاس سلبي على الإرهابيين، النجاح الأمني نذكر منه القضاء على قادة في التنظيم الإرهابي، هذا الأمر كان له انعكاس إيجابي على الأجهزة الأمنية. في تونس، نعتقد بل نشدد أنه إذا كان التعاون والتنسيق مع الدول الصديقة والشقيقة آلية مهمة في محاربة الإرهاب، ولكن تعاون الأجهزة الأمنية مع المواطنين دوره مهم في مكافحة الإرهاب، فمن دون حاضنة اجتماعية لن تقوم قائمة للإرهاب، نحن نسعى بقدر المستطاع في إشراك المواطن في محاربة الإرهاب، وهذا العمل أثمر أن عمليات كبيرة تحقق تنفيذها بفضل تعاون المواطن التونسي مع المؤسسة الأمنية والعسكرية. تتحدثون عن ضرورة التنسيق الدولي لمحاربة الإرهاب، تونس أعلنت الانخراط في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، ما هي أشكال التنسيق الذي سيتم اتخاذها، وهل بالإمكان دفع عسكرييكم إلى القتال في الخارج؟ هذا غير صحيح.. اتفاقية التحالف في الحرب ضد تنظيم داعش، تكون بتبادل المعلومات وتبادل الخبرات لمحاربة التنظيم الإرهابي، ودستورنا واضح لا يشارك الجيش في عمليات خارج الوطن إلا بإذن من رئيس الجمهورية وموافقة نواب الشعب والحكومة. الوضع في ليبيا مقلق وانعكس على تونس، كيف تتعاملون مع هذا الوضع؟ نرى في الأزمة الليبية شأنا داخليا، يهم الجزائروتونس ونحن على نفس الموقف، ونؤكد أن الحل في ليبيا لن يكون سوى سياسي وبمشاركة الليبيين، يجب على الدول أن تساهم في إيجاد الحل، لأن عدم وجود دولة مشكل مؤثر، خاصة على دول الجوار، نحن نسعى بقدر المستطاع والإمكانات المتوفرة وبالتنسيق مع جيراننا للقيام بما يمكن القيام به لخروج ليبيا من الأزمة وأن تعود دولة مستقرة. استقرار الجارة ليبيا سيكون له الأثر الإيجابي على دول المنطقة والجوار. كيف يمكن لمّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس؟ الوضع يتحسن، هنالك تطور إيجابي وكذلك هنالك تحديات، لكن حققنا الكثير، حيث أعددنا ورقة توجيهية وخطة تنموية 2016 حتى 2020 وتم إعداد مخطط خاص، نحوز مؤشرات إيجابية على أن الوضع يتحسن، لكن يجب عدم إغفال أن هنالك تحديات يجب مواجهتها، لكن التفاؤل هو الغالب أن الوضع يسير من الحسن إلى الأحسن. استقالة لوزير العلاقات مع البرلمان وإقالة لوزير العدل، ماذا يحدث في جهازكم التنفيذي؟ لا شيء.. نحن بلد ديمقراطي وهذه الأمور ممكنة الحدوث، هذا يستقيل وآخر يقال هذه أمور عادية وهذه هي الديمقراطية، هنالك من لا يستطيع مسايرة طريقة العمل، ولرئيس الحكومة كل الصلاحيات في إجراء تعديلات على الطاقم الحكومي الذي يشتغل معه. هل أنت مرتاح لأداء الطاقم الحكومي وما تقدمه أنت شخصيا؟ نعم هل تحوير وزاري وراد، وهل أنتم مستمرون في منصبكم؟ مهمتنا تطبيق الخطة الموضوعة لنحقق الرفاه لتونس، وكل التضحيات واردة. بلدنا في حاجة إلينا ونضحي من أجله بالغالي والنفيس، سنبقى في نفس النسق إلى غاية تحقيق المهمة التي كلفنا بها. تجاذبات كبيرة حاصلة في الحزب الحاكم نداء تونس أليس الخلل في الجهاز التنفيذي مرده إلى الصراع بداخل الحزب؟ التجاذبات في الأحزاب السياسية حاصلة، أما على مستوى الحكومة فلا يوجد أي انعكاس سلبي فيما يحدث في بيت النداء، للحكومة برنامج يجري تنفيذه، مع الإقرار أن ما يحدث في الحزب يعنينا. هل التوافق في أعلى مستوياته بين الأحزاب المشكلة للحكومة؟ أتعامل معهم بنفس الطريقة ولا حساسية لدي مع الجميع، وقد قمت بزيارتهم جميعا، ولنا تنسيقية تجتمع دوريا. في ختام الحوار، تحدثت مع المسؤولين في الجزائر، لكن ماذا تقول للمواطن الجزائري؟ بين تونسوالجزائر علاقة قوية ومتينة، ما أقوله لإخوتي في الجزائر أقوله للمواطن التونسي.. القدر أن نكون مع بعضنا البعض، أما الكلام الذي يتم تناوله بين الفينة والأخرى، خاصة في وسائل إعلام فليس هو الحقيقة.. علاقتنا متينة ولا أحد يمكن له أن يكون بيننا.