قال الوزير السابق والقيادي في حزب «التكتل» خليل الزاوية إن منح الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ورئيس «حركة النهضة» الشيخ راشد الغنوشي لجائزة السلام من قبل مجموعة الأزمات الدولية هو دليل على «الرعاية» الأمريكية للائتلاف القائم بينهما، مشيرا إلى أن «نظام الشيخين» (قائد السبسي والغنوشي) هو الذي يحكم تونس ويؤمن الاستقرار لها ولكنه يمنعها من إرسال نظام ديمقراطي، كما اعتبر أن حزبه جنب البلاد الدخول في صراع بعدما أقنع «النهضة» بالتخلي عن الحكم، واعتبر أن حكومة الحبيب الصيد لا تملك أية برامج وهي «أشبه بحكومة تصريف أعمال". وأكد في حوار خاص مع «القدس العربي» أن من يحكم تونس هو الاتفاق القائم بين أكبر حزبين في البلاد و«هذا الاتفاق مدعوم من أطراف دولية بكل وضوح وخاصة الطرف الأمريكي الذي يسعى منذ عهد بن علي (الرئيس السابق) إلى إدماج الإسلاميين في اللعبة السياسية، واليوم وجود الحزبين اللذين لديهما أغلبية قصوى في البرلمان في الحكم يشكل عامل استقرار للبلاد، لكنه ليس عامل تقدم ونمو لإرسال نظام ديمقراطي مؤسساتي. وأضاف «نحن نلاحظ حاليا الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الائتلاف الحاكم في تطبيق الدستور التونسي ومحاولات الارتداد على المبادئ الأساسية للحرية واحترام القانون ودولة المؤسسات فيه، ابتداء من محاولة التراجع في مسار العدالة الانتقالية عن طريق المصالحة الاقتصادية، والتي يبدو أن الطرف الإسلامي (حركة النهضة) في الظاهر لديه قابلية للموافقة عليه، رغم دعوة عدد من أعضائه بمراجعة بعض فصول هذا المشروع». وكانت مجموعة الأزمات الدولية قررت قبل أيام منح جائزة السلام لعام 2015 للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ورئيس «حركة النهضة» الشيخ راشد الغنوشي (مناصفة)، مبررة ذلك ب»مجهوداتهما الكبيرة في تجنيب تونس الصراعات والحروب، وسلكهما لطريق الحوار في معالجة الكثير من الأزمات». واعتبر الزاوية أن منح الجائزة لقائد السبسي والغنوشي هو «دليل على التزكية الأمريكية للتحالف بينهما، وعلى أن التحالف بين «النهضة» و«النداء» مدعوم ومخطط من الجانب الأمريكي»، مشيرا إلى أن اجتماع باريس الذي مهّد لاحقا لمرحلة التوافق والحوار الوطني «تحضيري فقط وكان سيقع في تونس ولكن وضع البلاد أنذاك لم يكن يسمح بذلك». من جهة أخرى، وصف مرحلة حكم الترويكا التي جمعت بين حركة «النهضة» وحزبي «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» و»المؤتمر من أجل الجمهورية» بأنها «اختيار إجباري، لم يكن على أساس توافق المبادئ والرؤى والأهداف، بل جاء نتيجة الانتخابات، حيث تم الاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية بالتوافق»، مشير ا إلى أن حزبه دعا لمشاركة جميع الأطاراف في الحكومة لضمان الاستقرار وتجنب الصراع والتجاذبات السياسية، حيث «حاولنا دعوة أحمد نجيب الشابي وحمة الهمامي وكمال الجندوبي وغيرهم للمشاركة، لكنهم رفضوا ذلك بشكل قاطع». وأضاف «لولا حزب التكتل لدخلت البلاد في صدام ولما تمكنت من صياغة هذا الدستور التوافقي، لأن الأصوات المعارضة، وخاصة بعد اغتيال البراهمي وما حصل في مصر، كانت تدعو إلى إلغاء المسار الانتقالي وحل المجلس التأسيسي وإلغاء كل ما صيغ في الدستور التونسي، وتواجد التكتل هو الذي مكن من إقناع حركة النهضة بالتنازل ومغادرة الحكم وتم ذلك بالتنسيق التام مع الرباعي الراعي للحوار وخاصة اتحاد الشغل». واعتبر، في السياق، أن الترويكا كانت ائتلافا قويا ومتماسكا (بخلاف الائتلاف الحالي)، «همه الوحيد هو تمكين المجلس التأسيسي من صياغة دستور توافقي وتقديم كل التنازلات والتوافقات للوصول إلى هذا الهدف، ولذلك لم تتم إزاحتها (الترويكا) إلا بعد اغتيالين سياسيين وعمليات إرهابية في الشعانبي، في ظل الصمود الكبير من قبل الحكومة في تلك الفترة». وينفي اتهامه لأي طرف سياسي بتدبير الاغتيالات السياسية، ولكنه يؤكد أن «من كان يناهض الترويكا أنذاك لم يتمكن من قلب ميزان القوى إلا بعد الاغتيال الثاني (اغتيال القيادي المعارض محمد البراهمي) وهذا دليل على أن الائتلاف كان قويا». ويبرر الزاوية النجاح الكبير لحركة النهضة في الانتخابات البرلمانية مقابل «فشل» شريكيها السابقين في الحكم (التكتل والمؤتمر) بأن جميع الأحزاب الوسطية «كانت ضحية الاستقطاب الثنائي بين النداء والنهضة، حتى الأحزاب التي كانت قريبة من النداء مثل المسار والجمهوري مُنيت كذلك بهزيمة كبيرة، بمعنى أنه كان هناك عملية تحضير لاستقطاب ثنائي من أجل تركيز حزبين كبيرين (النداء والنهضة)، مع العلم أنهما سيتفقان لاحقا على الحكم سوية». ويستدرك بقوله «حزب التكتل بالطبع يتحمل أيضا مسؤولية هزيمته في الانتخابات، ويمكن القول إن قيادة الحزب مسؤولة عن الهزيمة لأنها أدارت شؤون الحزب وخططت للاستراتيجية الانتخابية له». وحول تعثر الإعلان عن الجبهة الوسطية في تونس، يقول الزاوية «بعض الأصدقاء من الأحزاب في الجبهة الوسطية لهم موقف متلكئ وغير إيجابي، حيث يرون أن الوضع ليس ناضجا لقيام الجبهة، ونحن نشتغل لإقناعهم بضرورة تكوين كيان موحد لهذه العائلة الوسطية التي لها مستقبل كبير في البلاد». من جهة أخرى، يرى أن الحكومة الحالية «تفتقد لرؤية اقتصادية واجتماعية وهي تشابه حكومة تصريف أعمال، ونلاحظ من مشروع الميزانية الذي سيقدم لمجلس النواب أنه مشروع ضعيف وإداري فقط وليست له رؤية، كما أنه لا يقدم حلولا فيما يخص الوضع الاجتماعي (البطالة وغلاء المعيشة)، وضعف الاستثمار وضعف الحراك الاقتصادي في تونس، بمعنى أن هناك وهنا في الحكومة قد يقود لأزمة اقتصادية كبرى». ويضيف «مغادرة وزيرين للحكومة والتراجع في تعيينات الولاة والمعتمدين بعد أيام فقط من تنصيبهم، هو دليل على أن ثمة ارتجالا في التعيينات والقرارات السياسية، إضافة إلى الارتباك في السياسة الخارجية، حيث أدت تصريحات وزير الخارجية لأزمات مع بعض البلدان كليبيا وتركيا، ونحن نعيش الآن مخاوف من سقوط البلاد في وضع اقتصادي صعب وعدم وضوح سياسي يؤدي إلى اضطرابات».