قال وزير الشؤون الاجتماعية أحمد عمار الينباعي، اليوم الثلاثاء، ان مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية في تونس وفي الدول العربية عموما، لم ترتق إجمالا إلى المستوى المرجو، وهو ما يعكس إخلالات السياسات الاجتماعية المعتمدة ويكشف ضعف فاعليتها وعدم نجاعتها خاصة في مجال تصويبها نحو الفئات المستهدفة. وأبرز الينباعي، في افتتاح ندوة عربية انتظمت بالعاصمة حول "التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي للسياسات الاجتماعية في الدول العربية" أن معالجة هذه النقائص، يعتبر اليوم شرطا ضروريا لكل عملية انتقال سلس من أجل إرساء نظام ديمقراطي ومجتمع متضامن ومتوازن تسود فيه قيم العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة بين الفئات والجهات. وأبرز في هذا الصدد، ما يعكسه اختيار موضوع الندوة من أهمية توليها الدول العربية للتوجه الجديد في مجال تخطيط السياسات الاجتماعية لا سيما في ظل التحولات العميقة والمتسارعة التي يشهدها العالم اليوم. وسيمكن هذا التوجه، حسب ذات المصدر، من تجاوز نقائص السياسات الاجتماعية في الدول العربية، وذلك باعتماد المقاربة الاستشرافية واليقظة الاستراتيجية والمعالجة الاستباقية للظواهر الاجتماعية في إطار مسار تشاركي يضمن نجاعة وفاعلية أكبر لهذه السياسات والبرامج. واعتبر الينباعي أن هذه الندوة ستكون مناسبة للتعريف بمفهوم التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي ومنهجه، وللاطلاع على أفضل المقاربات والمنهجيات المستحدثة في المجال، إضافة إلى تبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية حول هذا الموضوع. ومن جهته، دعا ممثل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، طارق نبيل النابلسي، المشاركين في الندوة العربية، إلى ضرورة أن يتم عند وضع تصور للتخطيط الاستراتيجي والاستشرافي للسياسات الاجتماعية في الدول العربية، الاخذ في الاعتبار الواقع الراهن لهذه الدول وخصوصياتها واختلاف إمكانياتها وقدراتها على تحقيق التنمية المستدامة. وشدد النابلسي، في هذا المضمار، على أهمية التنسيق والعمل كمنظومة واحدة من أجل دعم الدول العربية الأقل نموا ومساعدة الدول التي تستضيف النازحين واللاجئين. ومن ناحية أخرى، لفت المتدخل إلى أهمية المرحلة التي تعقد فيها هذه الندوة، والتي تشهد، حسب رؤيته، حراكا اجتماعيا وسياسيا إقليميا قاده الشباب العربي من أجل المطالبة بتكريس مبدأ العدالة الاجتماعية والعيش بكرامة وحرية، كما أنها تأتي في وقت أطلقت فيه الأممالمتحدة أجندة للتنمية المستدامة تضم 17 هدفا مطلوب تحقيقها بحلول عام 2030 وأكد ممثل رئيس الدورة العادية الرابعة والثلاثين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، زيد علي العقيل، من جانبه حاجة الدول العربية إلى المراجعة النقدية والتقييمية لسياساتها الاجتماعية ولكل ما تتبناه من برامج وخطط واستراتيجيات وآليات تنفيذ وبين العقيل أن أشغال هذه الندوة ستمثل «انطلاقة جديدة في إطار السعي إلى تطوير مقاربة التخطيط الاستراتيجي والبعد الاستشرافي للسياسات الاجتماعية العمومية الحالية، بما سيحدث نقلة نوعية في العمل الاجتماعي العربي المشترك". وفي مداخلته بالمناسبة، أبرز المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، حاتم بن سالم، أهمية الإقرار بأن السياسات العامة في تونس وفي البلدان العربية عموما لا تزال تفتقر إلى المقاربة الاستشرافية، وهو ما انعكس سلبا على المخططات الاستراتيجية للتنمية، وفق تقديره. وبين بن سالم أن اعتماد التخطيط الاستراتيجي خاصة في المجال الاجتماعي يمثل وسيلة حماية ضد الإقصاء والتهميش، لافتا إلى أهمية الوعي بضرورة مجابهة المخاطر المحتملة في شتى المجالات لاسيما الأمنية منها، في ظل ما يشهده العالم من نزاعات وحروب سببها غياب هذه النظرة الاستباقية والاستشرافية. ودعا في هذا الخصوص، إلى تشريك كافة مكونات المجتمع المدني والقطاع الخاص في وضع البرامج والمخططات التنموية الجديدة وإلى تفعيل منظومة اليقظة الاستراتيجية على الصعيدين الوطني والدولي. يشار إلى أشغال الندوة العربية حول "التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي للسياسات الاجتماعية في الدول العربية" التي تنتظم على مدى يومين ببادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية وبالتعاون مع جامعة الدول العربية، تهدف إلى التعريف بمفهوم التخطيط الاستراتيجي الاستشرافي ومحدداته ومنهجيته ومراحله، فضلا عن تبادل التجارب بين الدول العربية في مجال اعتماد مقاربة التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي وتفعيلها.