*تعهدنا ب102 ملفات تأديبية ورفعنا الحصانة عن 53 قاضيا *أعدنا 23 قاضيا من مجموعة المعفيين زمن "الترويكا" إلى عملهم *اتهامنا بعدم تنفيذ قرارات المحكمة الادارية تعوزه وجاهة الجدية في أول حديث له منذ توليه رئاسة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي أي منذ 3 سنوات لم يتوان الرئيس الأول لمحكمة التعقيب القاضي خالد العياري في كشف تفاصيل عن الفساد في القضاء وكيفية محاربته وتطهير السلطة القضائية منه.. كما رد على منتقديه الذين عابوا على الهيئة عدم تطبيق قرارات المحكمة الإدارية وتحدث كذلك عن واقع التعاطي مع ملف الإرهاب إعلاميا وعن تصوره لتجاوز كل الاخلالات وعن ظروف عمل القضاة.. أجرى الحوار: حافظ الغريبي وفيما يلي نص الحديث: البعض يتهم هيئة القضاء العدلي بأنها تعمل داخل حجرات مغلقة تصدر القرارات ولا تستمع لأحد؟ - شرعت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي منذ إحداثها بموجب القانون الأساسي عدد 13 المؤرخ في 2 ماي 2013 بالاضطلاع بمهامها المتمثلة في الإشراف على شؤون القضاء العدلي فيما يتعلق بالمسار المهني للقضاة من تسمية وترقية ونقلة وتأديب مدركين كنه رسالتنا وفي سبيل أداء هذه الرسالة حرصنا كل الحرص على الإصغاء لكل جهة من شانها أن تفيدنا في عملنا التقديري وتوجهنا توجها إصلاحيا جذريا وعميقا للمساهمة والمشاركة في إصلاح المنظومة القضائية في جميع مستوياتها ليشمل جميع مواطن ومواقع الخلل. تحدثتم عن الإصلاح وهو ما يقودنا إلى جوهر موضوع حديثنا ألا وهو محاربة الفساد الذي استشرى في البلاد عموما وضرب القضاء كذلك بنسق أسرع وفق البعض؟ - إن ما نجاهر ولا نخافت به كما ذكرناه في عديد المناسبات السابقة بأن قضاءنا مثله مثل باقي سائر أجهزة الدولة سواء كان الأمر في السلطة التنفيذية أو في السلطة التشريعية لم يسلم ولم ينج من تبعات فساد النظام السابق فكان على القضاء دون سواه مسؤولية الإصلاح إصلاحا ذاتيا ما قد فسد من أمره وتقويم ما قد اعوج من سلوكه .وقناعتي انه ينبغي ألا نتحرج أو نستحي من كشف ما قد يشوب القضاء من مواطن ومواقع الخلل قد تعصف بكيانه لغاية إصلاحه واستبعاد كل من حاد منه عن الطريق السوي لاستعادة الثقة العامة فيه لدى الكافة. لكن هناك من يشكك في الجهد المبذول لأحداث التغيير المأمول؟ لا يخفى عن الجميع أن مثل هذا الأمر ليس هينا ولا لينا سيما في هذه الفترة الانتقالية بالغة الحساسية التي تمر بها البلاد فوجب بهذا المنظور التصدي لكل المحاولات المقترنة بسوء النية للتشكيك في القضاء لغاية تعميق الشعور لدى الكافة بعدم الاطمئنان والارتياح إليه من قبل جهات لا تخدم مصالحها ولا تستجيب لأغراضها استقامة القضاء الذي لا يستقيم بدونه حال البلاد والعباد باعتبار أن القضاء يتحمل واجب الأمانة من اجل النهوض بدعم امن الناس في ذواتهم وممتلكاتهم ومعاملاتهم وحرياتهم وأعراضهم وحرمة معتقداتهم. قلت إن استبعاد كل من حاد عن الطريق السوي ليس بالأمر الهين في هذه الفترة الانتقالية.. فهل معنى هذا أنكم تغضون الطرف عن الفساد؟ - بل بالعكس نحن نسعى دوما للإصلاح دون ضجيج والدليل انه ومنذ بعث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي سنة 2013 إلى منتصف فيفري المنقضي نظرنا في 102 ملفات تأديبية حسمنا في جلها وأصدرنا 22 قرارا بالعزل شملت 11 قاضيا من الرتبة الثالثة و9 قضاة من الرتبة الثانية وقاضيين من الرتبة الأولى. وماذا عن التهم؟ - لقد تأسست قرارات العزل بناء على ثبوت حجة ارتكاب المعنيين بالأمر لأخطاء تمثلت في قبول منافع مادية وفقدان مقومات الحياد والنزاهة والأمانة لممارسة القضاء وفي إتيان سلوك يمس من شرف المهنة وفي تجاوز حدود السلطة واستغلال الوظيف وفي الفساد المالي والإداري وفي الانتماء السياسي. قلت الانتماء السياسي؟ - نعم تم إصدار قرار بالعزل ضد قاض ثبت انتماؤه للتجمع الديمقراطي الدستوري المنحل بالاعتماد على المستندات والوثائق..والانتماء السياسي أمر محظور للقضاة موجب للمساءلة التأديبية لأخلاقه بواجب الحياد. لكن هناك من خاض من القضاة المعترك السياسي وترشح للانتخابات الرئاسية؟ - فعلا غير أن ترشح قاضيين للانتخابات الرئاسية لم يكن باعتبارهما مدعومين حزبيا وإنما باعتبارهما مترشحين مستقلين. وماذا عن بقية الملفات التأديبية؟ لقد أصدرنا قرارات بعدم المؤاخذة عن في ملفات أخرى. وكم عددها؟ - 8 ملفات خمسة منها شملت قضاة من الرتبة الثالثة بعد ان تأكد انعدام الحجة بارتكاب خطأ تأديبي. إذا هناك عقوبات أخرى إضافة للعزل؟ فعلا هناك عقوبات أخرى تمثلت في إيقاف عن العمل أو التوبيخ أو النقلة التأديبية. وماذا عن تفاصيل هذه العقوبات؟ - لقد أصدرنا 22 قرارا بالإيقاف عن العمل لمدة تتراوح بين شهر و9 أشهر مع الحرمان من المرتب شملت 7 قضاة من الرتبة الثالثة و9 قضاة من الرتبة الثانية و6 قضاة من الرتبة الأولى وقد تأسست هذه القرارات بناء على ثبوت اخلالات تعلقت بمقتضيات واجب الحياد وبإتيان سلوك يمس من شرف القضاء وكرامة القاضي وبالتقصير الفادح في أداء الواجب.. كما شملت عقوبة التوبيخ 33 ملفا تأديبيا تعلقت ب8 قضاة من الرتبة الثالثة و15 قاضيا من الرتبة الثانية و10 قضاة من الرتبة الأولى ثبت في ملفاتهم ما يؤكد الإخلال البسيط بواجب المهنة ..وبالتوازي تم إصدار عقوبة نقلة تأديبية واحدة لإتيان المعني بها أفعالا تمس بهيبة القضاء . وهنا أريد توضيح نقطة مهمة وهو أن الهيئة لا تتعهد بالملف التأديبي تلقائيا وإنما بالملف الذي يحيله لها وزير العدل بناء على تقرير تعده التفقدية العامة وهو الأمر الذي من شانه أن يُحد من مجال تدخلها في هذا الصدد. وماذا عن مصير القضاة المعفيين زمن الترويكا والذين قضت لهم المحكمة الإدارية بإبطال قرار العزل ..وعرضت ملفاتهم على لجنة التأديب بالهيئة؟ - لقد وصلنا 45 ملفا وبعد النظر فيها تم إقرار عزل 22 قاضيا منهم وتم إصدار قرارات في البقية أما بالإيقاف عن العمل لمدة محددة او بعدم المؤاخذة إذا كل المعزولين هم من القضاة المعفيين؟ - نعم وهو كذلك يعاب عليكم وانتم أعلى سلطة قضائية ولكم صفة رئيس الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين أنكم لا تنفذون قرارات المحكمة الإدارية؟ - تحترم الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي الدستور وتؤكد إيمانها والتزامها باحترامها لتلك المبادئ الدستورية الضامنة لحق التقاضي وتنفيذ الأحكام الصادرة وعدم تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني وفقا لما جاء بأحكام الفصلين 108 و 111 من الدستور. وتعتبر أن ما روّج وما قيل بشأن توخي الهيئة منحى مقصودا في عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية تعوزه وجاهة الجدية ضرورة أنه يبدو بادي الوضوح من المعطيات الإحصائية المتوفرة في هذا الغرض أن هذا الأمر قد وقع تضخيمه للمغالطة لكونه لا يتعلق الا بحالات محدودة باعتبار أن القرارات التي اتخذتها الهيئة في إطار إشرافها خلال ثلاث سنوات على المسار المهني للقضاة من نقلة أو ترقية أو تسمية أو إسناد خطة وظيفية أو سحبها بلغت 2135 وفي المجال التأديبي 102 قرارات وفي مجال رفع الحصانة بلغ 53 قرارا أي ما مجموعه 2289 قرارا لم يصدر في شأنها سوى 31 قرارا في مادة توقيف التنفيذ قضي في 9 قرارات منها برفض مطلب توقيف التنفيذ وقضي بتوقيف تنفيذ 22 قرارا تم الإذعان لعدد 14 قرارا منها وتعذر تنفيذ 8 قرارات لاعتبارات اقتضتها ضرورة العمل. هل من توضيح أكثر في هذه المسالة التي لاقت انتقادات عدة؟ - أن الخطط الأصلية للمستفيدين من قرارات توقيف التنفيذ لم تعد شاغرة، خصوصا بعد تنفيذ قرارات الهيئة، واكتسب شاغلوها الجدد بموجب الحركة حقوقا في الاستمرار فيها على وجه يحول دون تراجع الهيئة في تسميتهم بها كما أن تنفيذ القرارات بالنسبة لمن تزامنت نقلتهم مع ترقية في الرتبة ستفضي إلى إرجاعهم إلى رتبهم الأصلية إضافة إلى عدم قابلية الحركة القضائية للتجزئة إذ أن تنفيذ القرارات سيؤدي إلى إحداث شغورات بالمراكز المعنية يتعذر على الهيئة تسديدها مع ما يترتب عن ذلك من تعطيل سير العمل القضائي. وقد تم توجيه استشارة إلى المحكمة الإدارية حول كيفية تنفيذ القرارات الصادرة عنها عن طريق السيد وزير العدل طبق مقتضيات الفصل 4 من القانون عدد 40 لسنة 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية غير أنه لم يرد في جوابها في الغرض المطلوب ما من شأنه أن يزيل الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ السليم لقراراتها فيبدو من هذا المنظور بادي الوضوح أن إبقاء الحالة الناجمة عن الحركة القضائية على ما هي عليه لم يكن مرده منحى مقصودا من الهيئة في عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية بل مراعاة لاعتبارات اقتضتها ضرورة العمل. شهدت مسالة التعاطي الإعلامي مع ملفات الإرهاب جدلا واسعا بلغ حد الاتهامات ..ومن منطلق حق المواطن في المعلومة وسعي الصحفي للبحث عن الحقيقة فتحت أبحاث تحقيقية ضد صحفيين في ظل تراخ في التعاطي مع الأحداث من القضاء ..فكيف ترون الحل لتوفير المعلومة وضمان السير الطبيعي للتحقيق؟ - ما من شك أن القضايا المتعهد بها القضاء والمتعلقة خصوصا بالأمن العام تستقطب اهتمام ومتابعة الرأي العام ومن هذا المنظور وفي نطاق وجوب ضمان الدولة بحكم الدستور للحق في الإعلام والنفاذ إلى المعلومة يتعين تنظيم مسألة التعاطي الإعلامي مع القضايا المنشورة وذلك بإحداث مكتب إعلامي ينبثق عن النيابة العمومية باعتبارها الجهة الوحيدة المعنية بهذا الشأن والتي يعود إليها النظر دون سواها في تقديم المعلومات والمعطيات اللازمة لوسائل الإعلام على نحو يكفل تفادي الارتباك والضبابية في المشهد الإعلامي ويثبت الشفافية ووضوح الرؤية فيه مع الأخذ بعين الاعتبار لوجوب الالتزام بخصوصية العمل القضائي وحساسيته وبسرية التحقيق والمعطيات الشخصية المستوجب مراعاتها تطبيقا لمقتضيات المرسوم عدد115 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر وخاصة الفصل 61 منه وليس المقصود من ذلك أن القضاء محاط بحصانة ضد كل نقد ومساءلة وإنما يتعين التريث مؤقتا لإبداء الرأي والمواقف إلى حين استكمال الأعمال القضائية حتى لا يقع التأثير بأية وسيلة كانت على استقلال العمل القضائي وحسن أدائه. ولا يسعنا بهذه المناسبة الا دعوة الجهة المعنية بمراقبة المشهد السمعي البصري إلى اتخاذ ما يتعين من الإجراءات والقرارات الضامنة لتحقيق المعادلة بين الحق في الإعلام وفي النفاذ إلى المعلومة مع كفالة نجاعة التصدي لكل مظاهر الزيغ والانحراف عن احترام سيادة القانون وعلويته. الحديث عن قضايا الأمن العام يقودنا للحديث عن قطبي القضاء وما يعاني قضاته من صعوبات؟ - فعلا وان تم وضع الإطار التشريعي للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب فان الإمكانات المتوفرة تظل دوما محدودة. وماذا عن القطب المالي الذي يفتقد للإطار التشريعي؟ - لقد تقدم لنا السادة القضاة بالقطب المالي بطلب في الغرض ونحن ندعو بالمناسبة الحكومة للتسريع بإحداث إطار تشريعي للقطب حتى يتسنى للعاملين به العمل في أريحية. لكن هل تتوفر الأريحية وظروف العمل الملائمة في بقية المحاكم؟ - الحقيقة أن الحد الأدنى لظروف العمل المقبول غير متوفرة من حيث عدد القضاة بالنظر لحجم العمل وهنا أسوق مثالا واحدا يتعلق بمحكمة التعقيب التي ارأسها اذ يرتفع معدل الفصل في القضايا الجزائية إلى ما بين 3 إلى 4 سنوات بعد أن ارتفع عددها إلى 13 ألف قضية منشورة .. أما من حيث الإمكانات المادية فحدث ولا حرج فلا تتوفر المكاتب للسادة القضاة بالقدر الكافي حتى تمكنهم من ظروف مسعفة توفر مقومات نجاعة العمل القضائي وتسمح لهم بتلقي بينة الشهود والتحرير على الخبراء وتلقي الشكايات فضلا عن كون الوسائل المادية بدورها تشكو نقصا واضحا مثل المطبوعات والآلات الكاتبة والطابعة وهو ما يتسبب في إرباك العمل وخاصة عمل قضاة التحقيق الذين لا يتوفر لهم العدد الكافي من الكتبة علما انه يتعين أن يكون لكل قاضي تحقيق كاتب قار.