تشهد العديد من المدن الجزائرية، لا سيما تلك الواقعة جنوب البلاد منذ بداية موسم الصيف الجاري، احتجاجات شعبية واسعة النطاق بسبب الإنقطاعات المستمرة للكهرباء فيها. السكان، لا سيما أولئك الذين يقطنون الأحياء الشعبية، يخرجون يوميا إلى الشوارع ويتجمهرون أمام مساكنهم للاحتجاج والتنديد بانقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات في اليوم رغم الحرارة المرتفعة التي تصل في بعض الأحيان إلى 40 درجة مئوية ورغم تمتع الجزائر بثروات نفطية كبيرة وطاقة شمسية هائلة تكفيها لتجنب مثل هذه المشاكل. ونقلت الصحافة الجزائرية في الأيام القليلة الماضية عن وقوع مواجهات بين الشرطة ومواطنين في عدة مناطق من البلاد بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، انقطاع سبب خسائر مادية كبيرة لبعض التجار الذين لا يستطيعون الحفاظ على موادهم الغذائية داخل الثلاجات وللمقاهي وباعة اللحوم، في حين وجد بعض المواطنين أنفسهم مضطرين للمبيت برفقة أولادهم فوق أسطح العمارات هربا من الحر الخانق داخل المنازل بسبب عدم إمكانية تشغيل مكيفات الهواء. " نصلي في المساجد ونحن نقطر عرقا بسبب الحرارة" وكشفت صحيفة "الخبر" في طبعتها الخميس أن أعوان المديرية الجهوية لشركة توزيع الكهرباء والغاز في الجزائر –سونلغاز- نظموا أمس يوما احتجاجيا في مدينة عنابة – شرق البلاد- لمساندة زملائهم الذين تم احتجازهم ليلة كاملة في بلدة قريبة من هذه المدينة، من قبل محتجين ضد انقطاع الكهرباء المتكرر في بلدتهم. وطلب الموظفون من مسؤولي الشركة ومن سلطات المدينة التدخل لكي يتسنى لهم القيام بأعمال الصيانة في ظروف ملائمة وآمنة. وعلى فرانس 24، قال مواطن جزائري نحن نعاني كثيرا من نقص في الكهرباء ونفطر على ضوء الشموع ونصلي في المساجد ونحن نتصبب عرقا بسبب ارتفاع درجة الحرارة داخل قاعات الصلاة. من جهته، أضاف زيدان خويلف، وهو أستاذ وباحث في العلوم السياسية على فرانس 24، أن بعض المستشفيات والمصانع أصبحت تعاني من هذه المشكلة. وتساءل كيف يمكن للجزائر التي كانت في الماضي تصدر الكهرباء لتونس ومالي والنيجر ولدول جوار أخرى، أن تعاني اليوم من نقص كبير في هذه المادة. وأجاب أن السبب لا يكمن في ارتفاع نسبة الاستهلاك للطاقة بل في تخلي المهندس الجزائري عن التحدي، إضافة إلى سياسة الإهمال واللامبالاة التي أصبحت منتشرة في جميع الشركات الجزائرية. "سونلغاز" تطالب برفع سعر الكهرباء والدولة ترفض وفي حديث مع جريدة "الوطن" الجزائرية، صرح الرئيس السابق لشركة "سونلغاز" عبد الكريم عيسى بن غانم أن الجزائر لم تستثمر في مجال الكهرباء منذ عدة سنوات وبالتالي من الطبيعي أن تعاني اليوم من مشاكل تزويد جميع المدن بهذه المادة. وأضاف أن الدولة ترفض دائما طلب شركة "سونلغاز" القاضي برفع سعر الكهرباء لكن دون أن تقدم تعويضات مالية للشركة، ما يجعلها غير قادرة على القيام باستثمارات جديدة لحل مشكلة انقطاع الكهرباء بشكل نهائي. من جهة أخرى، برر رئيس "سونلغاز" الحالي بوترفة نوردين الإنقطاعات المتكررة للكهرباء بارتفاع نسبة استهلاك الجزائريين للطاقة، إذ أشار إلى أن نسبة الاستهلاك زادت حوالي 14 بالمائة في 2011 مقابل 4 بالمائة فقط في 2002. وأضاف طالما الدولة ترفض رفع سعر الكهرباء المشكلة ستظل مطروحة. وردا على انقطاع التيار الكهربائي، تشكلت مجموعات على موقع فيسبوك تحت اسم "منخلصش" أي "لن ادفع ثمن الكهرباء"، وهي دعوة صريحة للاحتجاج من خلال عدم تسديد فواتير الكهرباء. ويبدو ان النكتة الأكثر انتشار هذه الأيام هي نصيحة توصي بعدم الرد على صباح الخير بصباح النور اقتصادا للنور الذي أصبح غير متوفر في بلد يتباهي بامتلاكه ثروات نفطية وشمسية كبيرة وباحتياط مالي تجاوز 240 مليار دولار. (فرانس 24)