عقدت جمعية القضاة اليوم ندوة صحفية بمكتبة القضاة بالمحكمة الإبتدائية بتونس لتبين فيه ما سمته بالإنحراف الخطير بالمسلك الإجرائي لذلك المشروع وما آل اليه التمشي بالجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة يوم 23 مارس 2016 والتي تعلقت مثلما أشرنا آنفا بالمصادقة على المشروع. وقد اعتبر نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي خلال الندوة أن المصادقة على ذلك المشروع فيه تراجع عن الخيارات الوطنية الدستورية بخصوص تركيز مجلس اعلى للقضاء بمقومات استقلالية حقيقية وبتركيبة متوازنة وبصلاحيات فعلية مضيفا أن القضاة لا يريدون أن يتغولوا مثلما يشاع وأن دفاعهم المستميت هذا هو من اجل ارساء قضاء مستقل لا يخضع للسلطة التنفيذية. وتابع بأن مشروع القانون خالف روح الدستور وأحكامه الذي اقر في فصله 102 أن القضاء سلطة مستقلة تضمن اقامة العدل وعلوية الدستور وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات والقاضي مستقل لا سلطان عليه في قضائه لغير القانون» وأضاف الفصل 114 من الدستور أنه « يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاليته» وهو ما يبين أن الأحكام الدستورية السابقة أن المشرع المؤسس توجه توجها واضحا وصريحا في خيار وطني لا رجوع فيه نحو التأسيس لسلطة قضائية مستقلة عن باقي السلط تختص بالإشراف على كل ما من شأنه أن يمكنها م آداء المهمة الأساسية الموكولة اليها... مضيفا أن المشروع أيضا خالف قراري الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين اذ خالف النقطة 21 من قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين المتعلق بالمطعن الماخوذ من مخالفة الفصل 42 من مشروع القانون الأساسي لأحكام الفصلين 106و107 و112و114 من الدستور... كما خالف مشروع القانون النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب اذ اعتمد الفصل 124 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب المتعلق بمشاريع ومقترحات القوانين الواردة لأول مرة على المجلس في تعهيد الجلسة العامة للمجلس والحال أنه ينظر في مشروع قانون راجع اليه من رئيس الجمهورية اثر القضاء بعدم دستوريته طبقا لمقتضيات الفصل 23 من القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 افريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. وقال العضو المكلف بالدراسات بجمعية القضاة التونسيين محمد بلطيف أن مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء هو القانون الوحيد الذي لم يدافع فيه وزير العدل بوصفه يمثل الحكومة عن مشروع حكومته ولو بكلمة واحدة وكان حضوره شكليا وصوريا وبأنه المشروع الوحيد الذي يغطي فيه ممثل الحكومة بصمته عن عملية اجهاض مشروع حكومته وهو القانون الوحيد الذي يصادق عليه بإجماع النواب الحاضرين أغلبية ومعارضة دون رفض أو تحفظ ودون تداول أو نقاش وهو الوحيد أيضا الذي لم يمرر فيه مشروع الحكومة على الجلسة العامة الا بعد الطعن بعدم الدستورية وتمت المصادقة فيه في غياب الكتلة النيابية الممثلة للحزب الفائز في الإنتخابات والتي كان من المفروض حضورها للدفاع عن مشروع حكومتها...