انعقد اليوم اجتماع كبار الموظفين حول الدعم الدولي إلى حكومة الوفاق الوطني في ليبيا. وفي ما يلي كلمة وزير الخارجية خميس الجهيناوي على هامش انعقاد الاجتماع، وفق ما جاء في الصفحة الرسمية للوزارة: "يطيب لي أن أُرحّب بكم في تونس، مُتمنيّا لكم طيب الإقامة بيننا. وأودُّ بهذه المناسبة أن أتقدّم بخالص الشكر والتقدير إلى رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر وطاقمه المساعد على الجهود الكبيرة والمحمودة التي يبذلها في رعاية الحوار الوطني الليبي وتيسير تقديم وتنسيق الدعم الدولي إلى ليبيا. وفي هذا السياق أودّ أن أتوجّه بالخصوص بالشكر إلى علي الزعتري، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية على جهوده القيّمة لتسهيل وتنسيق الدعم الدولي إلى ليبيا. كما لا يفوتني أن أنوّه بالدور الهام الذي قامت به المملكة المتحدة في الإعداد لاجتماعنا اليوم وفي دعم ومساندة الأشقاء الليبيين. إنّ اجتماعكم اليوم بتونس والذي يلي لقاء لندن يوم 19 أكتوبر 2015، يكتسي أهميةً بالغةً بالنظر إلى توقِيته، حيث يلتئم في وقتٍ حسّاسٍ ودَقيقٍ بالنسبة لحُكومة الوفاق الوطني التي بَاتتْ تحظى بدعم دولي وإقليمي قويّ، وهي تسعى جَاهِدَةً لإعادة الأوضاعِ إلى طَبيعتها ومُواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية الجَسِيمةِ التي تنتظرُهَا. كما أنّ حُضوركم اليوم بهذا العددِ الهامِّ والمُستوى الرفيع يعكسُ الحِرص الذي تُوليه بلدانكم والمنظمات الدولية والإقليمية التي تُمثّلونهَا على دعم حكومة الوفاق الوطني التي، ولا ريب، في حاجةٍ أكيدة إلى دعمنا جميعا لنكون إلى جانبها في هذه المرحلةِ الحسّاسةِ والفارقةِ في تاريخِ ليبيا. لقد ظلّ الدعم الدُولي إلى ليبيا سواءٌ على الصعيد الثُنائِي أو مُتعدِّدِ الأطرافِ يشكو عدّة نقائِصَ، وذلك بسبب عدم قدرة الحكومات الليبية المتُعاقبة على تحديدِ احتياجاتها وأولوياتها بصفة جليّةٍ وواضحةٍ. كما أنّ الجِهات الماَنحةِ دُولاً كانت أو مُنظماتٍ قَد عمِلت في العديد من الأحيان من خلال قَنواتِها الخاصة على إيصالِ هذه المساعدات بصفة مباشرةٍ، ممّا جعلَ تَقييمَ مردُودِيَةِ وأثرِ هذا الدعم على وَاقِعِ المواطنِ الليبي أمرًا في غايةِ الصُّعوبةِ. وفي اعتقادنا فإنّ دعمَ ليبيا مُستقبلا يجبُ أن يُراعي الحاجياتِ المُستعجلةِ للشعب الليبي ويأخُذَ في الاعتبار أَولوِياتِ برنامجِ عَملِ حكومة الوفاق الوطني. كما يجب أن يتم هذا الدعم حصريًّا تحت إشرافِ بِعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا. لقد كانت تونس سبّاقةً في احتضانِ ومُساعدةِ حكومة الوفاق الوطني باعتبارها مُنبثقةً عن الاتفاق السياسي الليبي الذي رعته منظمة الأمم المُتحدة. وتعكسُ تركيبة هذه الحكومة أكبرَ قدرٍ من التوافُقِ داخل النسيج المجتمعي والسياسي بليبيا، وهي الجهة ،حسب رأينا، القادرةُ على العمل لاستعادةِ الأمنِ والاستقرارِ في كافة رُبوع ليبيا، من خلال شُروعِهَا في مُكافحةِ الإرهاب، هذه الآفة التي تُهدّدنا جميعاً، واضطلاعِها بمسؤوليتِها في تحسينِ الظُّروفِ المَعِيشيةِ للشعب الليبي الشقيق. احتضنت تونس اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا يوم 22 مارس 2016، الذي شكّل محطّةً بارِزةً في مَسارِ الاعترافِ بحكومةِ الوفاق الوطني، ووفَّر لَها سَندًا هامًّا من دولِ الجِوارِ ومن المُنظمات الإقليميةِ المُشاركةِ في هذا الاجتماع. وتَصدّرت تونس قائِمةَ الدُّول التي عبّرتْ عن تأييدِهَا لتحوُّلِ المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس، وكان الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية، في طَليعةِ المسؤولين الذين هنئُوا «فائز السراج» بالوصول إلى طرابلس. كما كانت تونس من أَوّلِ الدّولِ التي أَعلنت إعادةَ فتحِ بِعثتَيهَا الدّبلوماسية والقنصلية بالعاصمة الليبية طرابلس. وتُجدّدُ تونس تأكيدَ تأييدِها ومُساندتها لِخياراتِ الشعب الليبي وتَطلُعاتِهِ لاستعادةِ أَمنهِ واستقرارهِ والحفاظِ على وحدةِ ليبيا وسيادتِها الوطنية والتي تعدُّ مُقوِّمًا أساسيًّا من مُقوماتٍ أمنِ واستقرارِ دولِ الجوارِ والمنطقة عموما. إنّ تونس التي حرصت دومًا على لمِّ شملِ جميع الأشقاء الليبيين وتقريبِ وِجهاتِ نظرهم والدَّفعِ نحو التوافُقِ، لَعاقِدةٌ العَزمَ على مُواصلة الاضطلاعِ بهذا الدّورِ والوُقوفِ إلى جانب الشعب الليبي الشقيق، ودعوةِ كلِّ الليبيين لانتهاجٍ سَبيلِ التوافُق والحوار لفضِّ المشاكِلِ العالِقةِ ودعم حكومة الوفاق الوطني. وأودُّ أن أؤكِّد من جديد أن تُونس تضع كافة إِمكانياتِها وخِبراتها على ذِمّةِ الأَشقاءِ الليبيين لاستعادة أمنهم واستقرارهم واعادة بناء قدراتهم خاصة في مجالاتِ الصحّة والتعليم والإدارة والتكوين المهني والتدريب و القضاء وغير ذلك من المجالات التي راكمت فيها تونس خبرة هامة يمكن الاستعانة بها وِفقَ حاجياتِ وأولويات الشعب الليبي. واننا على يقين أن الشعب الليبي بكل مُكوناته يعلق آمالاً كبيرةً على نتائج اجتماعكم التي ستُساهمُ بلا شكٍّ في إعادةِ الأملِ إليه في غدٍ أفضلٍ وفي تمكينه من تحقيقِ ما يصبُو إليه من أمن واستقرار وتنمية وازدهار. حضرات السيّدات والسادة لا يسعُني في ختام كلمتي إلاّ تقديم جزيل الشكر على توجيه الدعوة لي وتشريفي بالحضور معكم في هذا اللقاء، متمنيا لاجتماعكم النجاح والتوفيق وللشعب الليبي الشقيق مزيدا من الأمن والاستقرار والعيشِ الكريمِ. "