قال المستشار الأول لرئيس الجمهورية ، نور الدين بن تيشة إنه ليس هناك أي خلاف شخصي بين الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة الحبيب الصيد، مؤكداً أن حكومة الصيد الحالية تفتقد للسند السياسي من الأحزاب المشكّلة لها، لكنه لم يستبعد إماكنية تكليف الصيد بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في حال تم التوافق عليه من قبل القوى السياسية والاجتماعية في البلاد. كما أشار إلى أن رئيس الدولة ليس مضطراً لاستشارة أحد فيما يتعلق بطرح مبادرة لإنقاذ البلاد. وأضاف في حوار خاص مع "القدس العربي": "رئيس الجمهورية لم يطلب من رئيس الحكومة الاستقالة، والمسألة ليست شخصية، وبالنسبة لرئيس الدولة هي مسألة تشخيص للوضع السياسي العام وتحديد لأولوياته ثم تكوين حكومة وحدة وطنية، وعلى الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية الكبرى اختيار الشخصية التي سترأسها، سواء كان الحبيب الصيد أو غيره". وأشار، في السياق، إلى أن أحزاب الائتلاف الحاكم لا تقوم حالياً بالدفاع عن برامج الحكومة ومشاريعها "وهذا أمر يأسف له رئيس الدولة لذلك قال إنه يجب أن يكون هناك إسناد حزبي واجتماعي قوي لحكومة الوحدة الوطنية". وكان الناطق باسم الحكومة خالد شوكات أكد أن رئيس الحكومة لن يستقيل، مشيراً إلى أن إقالة الحكومة تمر ضرورة عبر الآليات الدستورية وسحب الثقة منها لا يتم إلا عبر مجلس نواب الشعب، وهو ما اعتبره البعض بوادر أزمة بين رئاستي الجمهورية والحكومة. إلا أن بن تيشة أكد أن تصريحات شوكات "لا تخص رئاسة الجمهورية في شيء، فالمسألة بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم والحكومة، ولكن رئيس الدولة بإمكانه إعطاء تقييمه ورؤيته وتوجهات للشعب التونسي، فيجب ألا ننسى أن حوالي مليوني تونسي أعطوا أصواتهم للباجي قائد السبسي ليكون رئيساً للدولة ضامناً لوحدتها وممثلاً لهم، لذلك فأن يعطي رئيس الدولة التوجهات ويدق ناقوس الخطر فهذا لا يعني أنه في خلاف مع أحد لأنه ليس في المستوى نفسه مع أي من المؤسسات، ولكن التعامل مع رئيس الحكومة تعامل عادي ومتواصل وإذا قررت الأحزاب تغييره فلها ذلك وإذا قررت المواصلة معه فلها ذلك، فهذه مسألة تخصهم كما أسلفت". وحول تعبير رئيس الحكومة عن امتعاضه من عدم استشارته قبل طرح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية، قال بن تيشة «رئيس الجمهورية التقى كل الأحزاب السياسية والمنظمات والشخصيات الوطنية للاستماع لرأيهم حول الوضع الحالي وقام بزيارات ميدانية لتشخيص الوضع عموماً في البلاد، وهو ليس من الأشخاص الذين يقدمون مبادرات لتفشل، بل لكي تنجح وتساهم في إخراج تونس من الوضع المتأزم الذي تعيشه، وليس مطروحاً على رئيس الدولة استشارة كائناً من كان (قبل طرح أي مبادرة) فرئيس الجمهورية علاقته مباشرة مع المواطنين الذين صوتوا له والذين لم يصوتوا له كذلك، وفي السياسة عنصر المفاجأة مهم لإنجاح المبادرات». وكانت أحزاب المعارضة اعتبرت أن طرح مبادرة حكومة الوحدة الوطنية هو إقرار ب»فشل» الائتلاف الحاكم في إدارة شؤون البلاد، ومحاولة لتوزيع هذا الفشل على الجميع. وعلّق بن تيشة على الأمر بقوله «الواضح في رؤية رئيس الجمهورية أنه إذا وصلت البلاد إلى وضعية صعبة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً فجميع الفاعلين السياسيين يتحملون المسؤولية في ذلك ولا داعي للبحث عمن يتحمل المسؤولية أكثر من الآخر، وهو يرى أنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن من أجل الخروج من الوضع الحالي». ولم يتحدث عن موعد محدد لتشكيل الحكومة المقبلة، مضيفاً «المنهج واضح في ذهن رئيس الجمهورية وعبّر عنه في حواره التلفزيوني الأخير، وهو يتعلق أولاً باتفاق الأحزاب والمنظمات الكبرى حول آليات معينة لتحقيق أولويات المرحلة والتوافق حولها، ثم يأتي الحديث عن رئاسة الحكومة وتركيبتها وغيرها، وأمس الأربعاء عقد اجتماع لرئيس الجمهورية مع ثمانية أحزاب ومنظمتين اجتماعيتين (اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف) للنظر وتعميق النقاش في البرامج الآنية والمستقبلية للحكومة المقبلة، وإذا تمت العملية فسيتم الحديث لاحقاً حول طبيعة الحكومة والشخصية التي ستقودها». وكانت حركة «النهضة» طالبت بمراعاة حجمها الانتخابي ووزنها السياسي (كأول قوة في البرلمان التونسي) في تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية المقبلة. وعلّق بن تيشة على هذا الأمر بقوله «في حكومة الوحدة الوطنية (وفق رؤية رئيس الجمهورية) تم الاعتماد أساساً على التضامن والتجانس والتعاون وتحمل المسؤولية بطريقة مشتركة، بالطبع يُأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك فنحن الآن لسنا في موضوع محاصصة حزبية بقدر ما هو وضع إدارة المرحلة الصعبة، لذلك فاعتمادنا أساساً يكون على الكفاءة والتضامن والتجانس قبل الأوزان الانتخابية». يُذكر أن الرئيس الباجي قائد السبسي دعا في بداية الشهر الحالي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الائتلاف الحاكم والمعارضة والنقابات، مشيراً إلى أن بلاده تعيش حالياً أزمة اقتصادية ومالية كبيرة (القدس العربي )