وقعت امس احزاب و منظمات كبرى في البلاد (اتحاد الشغل، منظمة الاعراف، اتحاد الفلاحين) على اتفاق قرطاج المتعلق باولويات حكومة الوحدة الوطنية باشراف لرئيس الجمهورية. واعلن الباجي قائد السبسي خلال موكب التوقيع ان رئيس الحكومة الحبيب الصيد قرر التوجه الى البرلمان بخصوص استقالة حكومته ولسائل ان يتساءل هل ان رئيس الحكومة الحبيب الصيد ينتهج السبيل الصحيح دستوريا وقانونيا في رفضه تقديم استقالته ؟ وهل ان مبادرة السبسي وما تضمنته من ستة نقاط وتوقيت اعلانها هو فعلا من اجل مصلحة البلاد او من اجل تحقيق مصالح حزبية ضيقة؟ وللاجابة عن كل هذه التسؤلات قدم لل"الصباح نيوز" استاذ القانون الدستوري جملة من التوضيحات. حالة الطوارئ حاجز يقول الاستاذ قيس سعيد انه تم الاعلان حالة الطوارئ في تونس بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخول لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن او امن البلاد او استقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة ان يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية وتعيش تونس الى اليوم ومنذ مدة في ظل حالة الطوارئ التي تم التمديد فيها في اخر مرة بمقتضى الامر الرئاسي عدد 80 لسنة 2016 المؤرخ في 20 جوان 2016 الى غاية يوم 20 جويلية الجاري وخلال فترة الطوارئ لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة كما ينص على ذلك الفصل 80 المذكور من الدستور وكما تمت اعادة تاكيد ذلك بالفصل 148 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وبقطع النظر عن الجدل القانوني المتعلق بالنظام القانوني لحالة الطوارئ المحدد بمقتضى الامر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 وهو امر كان مخالفا لدستور 1 جوان 1959 وهو مخالف ايضا لدستور جانفي 2014 وبقطع النظر ايضا عن وجود شروط التي يجب ان تتوفر لللجوء الى مثل هذه التدابير الاستثنائية فان تونس تعيش اليوم في ظل هذا النظام وفي ظل هذه التدابير الاستثنائية ولا يمكن عملا باحكام الدستور تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وبالتالي لا يمكن سحب الثقة منها وفي الحالة الثانية، وان لم يتم التمديد في حالة الطوارئ مرة اخرى يمكن تقديم لائحة لوم ضد الحكومة وذلك بطلب معدل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الاعضاء على الاقل ولا يمكن التصويت على لائحة اللوم الا بعد مضي 15 يوما على ايداعها لدى رئاسة المجلس ولكن لا يكفي توفر الاغلبية المطلقة من اعضاء المجلس لسحب الثقة من الحكومة بل يجب تقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يصادق على ترشيحه في نفس التصويت وهو ما يعرف بلائحة اللوم "البناءة" والى جانب لائحة اللوم التي وردت بالفصل 97 وفّصل اجراءاتها الفصل 148 من النظام الداخلي يمكن لرئيس الحكومة ان يقدم استقالة حكومته لرئيس الجمهورية ولكن رئيس الحكومة الحالي صرح في اكثر من مناسبة انه لن يبادر بتقديم استقالته ولكن يمكن لرئيس الحكومة ايضا عملا بنفس الفصل 98 من الدستور ان يطرح على مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة بمواصلة الحكومة لنشاطها فهو الذي يبادر بمثل هذا الاجراء وان لم يجدد المجلس الثقة بالاغلبية المطلقة لأعضائه اعتبرت الحكومة مستقيلة اما الحالة الاخيرة فهي المتعلقة بالامكانية التي اتاحها الدستور لرئيس الجمهورية من ان يطلب من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها وهي امكانية متاحة له لمرتين اثنتين على الاكثر خلال كامل المدة الرئاسية واذا لم يتم التصويت بالاغلبية المطلقة لاعضاء مجلس نواب الشعب لفائدة الحكومة فانها تعتبر ايضا مستقيلة ويبدو ان رئيس الجمهورية لا يريد ان يحشر نفسه على الاقل كما يبدو ذلك من خلال تصريحاته في عملية تعود بالاساس للاحزاب السياسية وافاد قيس سعيد ان لائحة اللوم تبقى اليوم غير متاحة الى حدود 20 جويلية خاصة في ظل تصريح الصيد بانه لن يعلن استقالة حكومته ، فهل سيتم اللجوء الى اجراءات سحب الثقة ؟ وبالنسبة لاجراءات سحب الثقة فان الامر سيستغرق وقتا طويلا ويقتضي ذلك كما ورد في الفصل 148من النظام الداخلي للمجلس : اولا : يحال مطلب على مكتب المجلس ويتولى اعداد تقرير حول مشروع اللائحة في اجل اقصاه اسبوع ثم يدعو رئيس المجلس الجلسة العامة للانعقاد في اجل ادناه 15 يوما واقصاه شهر من تاريخ تقديم الطلب وختم قيس سيعد بالتاكيد على ان التمشي الذي ينتهجه الصيد صحيح دستوريا وقانونيا لان الثقة منحت للحكومة دستوريا في قصر باردو وسحبت منها في الواقع في قصر قرطاج لكن قانونيا الحكومة الحالية لا تزال قائمة وهي كاملة الصلاحيات وهي مسؤولة فقط امام المجلس النيابي وفيما يتعلق بقضية نجاعة المبادرة من عدمها ، تساءل محدثنا هل ان الوثيقة التي تم امضاؤها يوم امس هل هي جديدة وهل ان نقاطها مخالفة لنقاط عمل حكومة الصيد؟. وهل ان القضية تتعلق بالأولويات ام بصراع داخل السلطة او لاجنحة داخل بعض الاحزاب ؟ واضاف ان القضية لا تتعلق بالاولويات ولكن بصراعات اخرى واكثر من ذلك فان مركز الثقل انتقل من باردو الى قرطاج وكأن الحكومة لا تستمد وجودها كما هو مفترض في نص الدستور ومن الاغلبية المطلقة لاعضاء المجلس بل تستمد وجودها من رئيس الجمهورية .