اجرت صحيفة الشروق الجزائرية حوارا مع رئيس الحكومة الذي يؤدي حاليا زيارة الى الجزائر. وفي ما يلي نص الحوار: لم تحد عن القاعدة التي يسير عليها كبار المسوؤلين التونسيين، بأن تكون الجزائر أول وجهة لهم إلى الخارج.. لمَ؟ العلاقات الجزائريةالتونسية استثنائية، ونحن نسعى إلى الدفع بهذه العلاقات والمحافظة على مستواها الاستثنائي، واختياري لكي تكون أول زيارة لي خارج تونس كرئيس للحكومة إلى الجزائر تأكيدا على أهمية هذه العلاقات. ماذا تباحثت مع المسؤولين الجزائريين خلال اللقاءات المغلقة؟ تكلمنا بكل صراحة وأخوية على مدى تقدم العلاقات الثنائية بين البلدين، كما هي الحال في الملف الأمني ومكافحة الإرهاب، هنالك توافق كبير على تشخيص الوضع، ومقاومة الجماعات الإرهابية والمزيد من التنسيق الأمني. تحدثنا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وفي كيفية تجاوز بعض الإشكاليات العالقة في بعض المواد، ووضع رؤية استراتيجية كاملة اقتصادية وصناعية بين البلدين في اتجاه اكتساح الأسواق الإفريقية، وبعض المشاكل الأخرى في مستوى حرية التنقل بين البلدين وحرية العمل والإقامة، وبعض النقاط الأخرى. ما أؤكد عليه، أن اللقاءات كانت مهمة ومثمرة وإيجابية، هنالك تقاسم وجهات النظر في العديد من المسائل، وأكدنا على ضرورة ترقية هذه العلاقة الاستثنائية إلى مستوى أرفع بتفعيل العديد من الاتفاقيات ومزيد من الشراكة وزيرتكم للمالية أعلنت رفع ضريبة الخروج المفروضة على الجزائريين المقدرة ب 30 دينارا تونسيا، لكن في جانب آخر، الأمر من صلاحيات مجلسي نواب الشعب-البرلمان-، لو تضعنا في الصورة، هل ألغيت بشكل رسمي؟ استمعنا إلى الجانب الجزائري، وتابعنا ما وقع، ودققنا في العملية وقررنا إلغاء الضريبة، لأن الإخوة في الجزائر ولأهمية العلاقات الأخوية التونسيةالجزائرية، قمنا بإلغاء هذه الضريبة، على هذا الأساس، ففي مشروع قانون المالية لسنة 2017 الذي سيعرض على مجلس نواب الشعب أواخر الأسبوع سيقع التخلي عن الضريبة، ونغلق هذا الملف بصفة نهائية. وأشقاؤنا الجزائريون مرحب بهم عندنا. الجزائر أعلنت على لسان وزيرها للخارجية، رمطان لعمامرة، الشروع في تطبيق مبدإ المعاملة بالمثل، هل ناقشتم هذه المسألة مع نظيركم عبد المالك سلال، حتى يتم العدول عنها وإلغاؤها؟ نحن نعمل على ألا نصل إلى هذا الأمر، العلاقات بين البلدين أقوى بكثير، لقد تفاعلنا بإيجابية مع ما وقع، الضريبة كما يعلم الجميع كانت موجودة في قانون المالية 2014، وظهر أنها أثارت الكثير من القلق لدى الجانب الجزائري، وتعاطينا إيجابيا مع الموضوع، نظرا إلى العلاقات التاريخية والقوية بين الشعوب، ونظرا إلى أهمية العلاقات الجزائريةالتونسية، وبالتالي قررنا إلغاء الضريبة، وطي الملف وكل الملفات التي تثير قلق أحد الطرفيين وهذه هي أسس العلاقات بين البلدين. خطابات المسؤولين في تونسوالجزائر، تؤكد على سمو العلاقات بينهما، لكن في كل مرة تكون هنالك ملفات ومسائل تطفو إلى السطح تثير حفيظة الجزائر، آخرها ضريبة 30 دينارا، وقبلها الحديث عن إقامة قواعد عسكرية أجنبية في تونس، وعضويتكم الأساسية غير الحليفة للناتو، كيف يمكن تجاوز سوء الفهم الحاصل، وهل تعتقد وجود أطراف تعمل على ضرب الثقة بينكما؟ نحن اليوم وفي لقائنا مع الوزير الأول وأعضاء الحكومة، أحسسنا حقيقة بتقارب كبير في وجهات النظر، وهذا ليس شعورا فقط بل هو ماثل أمام الأعين، هنالك تقاطع وتفاهم في وجهات النظر، في الملفات الأمنية ومسألة الإرهاب، وفي الجانب الاقتصادي والتجاري. في الحقيقة هذا التقارب هو تجسيد لإرادة الشعوب، الشعبان التونسيوالجزائري يأملان في هذا التقارب، ونحن كسياسيين نكرس هذه القرب والرغبة والعلاقات التاريخية، العلاقات ستتواصل وتزداد، هنالك مستقبل موحد وتاريخ نضالي مشترك. وبالتالي كل ما هو ممكن من ادعاءات وقلاقل نتفاعل معه إيجابيا، وهذا ما حدث في مسألة الضريبة، فقد توليت مهامي منذ 30 يوما، أبرزنا المشكلة وقررنا التفاعل معها إيجابيا ومن ثم إلغاءها، لأن الأمر أحدث بعض القلق كما قلت آنفا لدى إخواننا الجزائريين. كلام مسؤولي البلدين يؤكد على متانة العلاقات بين البلدين، لكن الأمر دون ذلك على الأرض، ومن ذلك أن حجم المبادلات التجارية بينهما لا يتجاوز 1.25 مليار أورو؟ هذا كان موضع حديثي في الجزائر، التبادل التجاري مهم لكنه لم يرتق حقيقة إلى المستوى المطلوب، دورنا كمسؤولين وسياسيين العمل على تنمية الجانب التجاري لأنه ورقة مهمة للبلدين، لكن يجب وضع رؤية أو تصور أو مقاربة جديدة للاقتصادين الجزائريوالتونسي، والتمكين لرؤية مستقبلية في كل مراحل الإنتاج، في تشريك المستثمرين ورجال الأعمال، والتصدير واكتساح الأسواق الإفريقية معا. هنالك العديد من الإمكانات، لكن الأهم اليوم هو الارتقاء، تبادل السلع مهم ولكنه غير كاف، برؤية واضحة اليوم قلنا إنه من الضروري أن نخصص في وزارة التجارة أو الصناعة مسؤولا مكلفا بهذا الملف، تمنح له إمكانية وصلاحية حلحلة كل المشاكل التي تظهر سواء في الجزائر أم بتونس، ونبدأ تنمية العلاقة نحو رؤية ومقاربة اقتصادية وتجارية وتنموية شاملة، وليس تبادلا تجاريا بحتا. تسلمتم مهامكم قبل شهر تقريبا، كيف تقيمون الوضع في تونس، على المستوى الأمني والاقتصادي؟ أقولها بكل صراحة، تسلمنا المقاليد في 26 أوت الماضي، ووجدت الوضع صعبا في الناحية الاقتصادية، نجحنا في الجانب السياسي والانتقال الديموقراطي، لقد عاشت تونس تقلبات كبيرة في 2011 ثم كُرست بكتابة الدستور، يبقى الجانب الاقتصادي والاجتماعي مهما ومهما للغاية، نحن مطالبون بإنجاح التجربة التونسية الجديدة، وما لمسناه هنا وقوف الجزائر إلى جانب تونس في عديد المراحل. لكن يبقى أن الوضع الاقتصادي صعب للغاية والتحديات كبيرة، ويبقى العمل على إعادة النمو وخلق الشغل وإعادة الاستثمار، ومن أوجه هذا العمل أننا سنقيم ندوة اقتصادية كبيرة تعنى بالاستثمار نوفمبر المقبل بتونس، الهدف منها إعادة إحياء الاستثمار ودفع الاستثمار باستقطاب الاستثمار الأجنبي، وأيضا الاستثمار الوطني. صارت ظاهرة كثرة التحويرات الوزارية في تونس بعد الثورة، على هذا الأساس، ألا تخشى أن تلقى نفس مصير سلفك الحبيب الصيد، بأن تكون كبش فداء، إذا اشتدت الأزمة، وحينها سيرفع الرئيس يده عنك وكذلك الحال مع البرلمان؟ الذي يخاف لا يشتغل في السياسة ما الآليات المتاحة لديك لمواجهة الوضع وأنت تتحدث بهذه الثقة؟ نحن نخدم البلاد مهما كان الثمن، نواجه صعوبات كبيرة وتحديات، لقد وقعت ثورة في تونس، وحدث وقع تغيير جذري وهنالك تطلعات كبيرة، إن على مستوى التشغيل والتنمية الجهوية والبطالة والتهميش، هنالك كذلك ضغط علينا، كما أن هنالك اليوم حكومة وحدة وطنية، هنالك توافق كبير حولها، فقد حظيت بأكبر نسبة تصويت في البرلمان، هذا يؤكد أن هنالك دعما كبيرا لهذه الحكومة. الهدف أن نتجاوب مع متطلبات المرحلة وهي تحقيق الأمن وتوفير مناصب الشغل والتشغيل وإعادة النمو وتنمية المناطق، هذه التحديات التي نشتغل عليها، والمناخ السياسي مهم جدا ونعمل على أن يكون ملائما جدا، وبعد الثورات من الطبيعي جدا أن يشهد البلد قلة استقرار، ولكننا نسير لإنجاح المرحلة. ليس خافيا أن الهم الليبي يجمع الجزائروتونس، كيف تقرؤون اللقاء الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس حول ليبيا، وأقصيت الجزائروتونس منه؟ المسألة الليبية مهمة جدا في علاقتنا بالجزائر، وفي سياسة علاقة الجوار، وهنالك تقارب في الرؤية بين البلدين في الملف الليبي والملفات الأمنية المتعلقة بليبيا، المخاطر اليوم تتجاوز الجزائر وتتجاوز تونس، هنالك مخاطر إقليمية وكل البلدان معرضة للخطر الإرهابي. في تونس هنالك تهديدات، لكن هنالك استعداد أمني قوي وقوي جدا لردع أي مخطط إرهابي، وهنالك تعاون كبير مع القوات الجزائرية وتبادل للمعلومات والخبرات، لأننا نستفيد من التجربة الجزائرية، وتقاسمنا الرؤية في مسألة الملف الليبي، لأن هنالك حلا سياسيا توافقيا، وضد أي تدخل أجنبي في ليبيا. قدمت تشخيصا مخيفا عن واقع الفساد في تونس، ما الذي تراه خطرا حقا على بلدك.. الإرهاب أم الفساد؟ الاثنان خطيران، لقد صرحت سابقا بأن الفساد في بعض الأحيان تكون محاربته أكبر من الإرهاب، لأنه يكون متخفيا، لكن هنالك محوران مهمان في أولويات حكومتنا، وهو ما تجلى في وثيقة قرطاج، لكن محاربة الإرهاب هي الأولوية القصوى، ومكافحة الفساد لأنه يؤثر على الاقتصاد وهنالك علاقة وطيدة بين التهريب والإرهاب، لكننا نعتقد أن محاربة الفساد ومحاربة الإرهاب يجب أن تكون جنبا إلى جنب فالعملية متكاملة، لكن أؤكد أن الظاهرتين من أوليات عمل الحكومة. أين وصلت عملية استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج؟ هنالك بعض الثروات التي وقع استرجاعها، لكنها ليست كبيرة، العملية معقدة، والأمر ليس في تونس فقط، ولكن في كل الدول التي عرفت أنظمة ديكتاتورية، كان من الصعب استرجاع الأموال، ويتطلب الأمر وقتا، لكننا مصممون على استرجاع أموال الشعب التونسي، وسنواصل هذه العملية. في الشأن الدولي كذلك، 20 حزبا وجمعية مدنية، نظمت مسيرة في العاصمة تونس السبت، تطالب من خلالها بإعادة العلاقات مع سوريا، هل هي واردة إعادة بعث العلاقات مع دمشق؟ في تونس نعيش مناخا ديموقراطيا وحرية تعبير كبيرة، الأحزاب والمجتمع المدني يعبران عن رأيهما، والحكومة تتفاعل مع الموقف وتطوره، ونحن لدينا مواقف واضحة في السياسة الخارجية. السياسة الخارجية لتونس مبنية على مبدإ عدم التدخل في شؤون الدول الصديقة والشقيقة والالتزام بالشرعية الدولية(الشروق الجزائرية )