اتصل أحد أهالي باجة ب"الصباح نيوز" يدعى نوفل الوشتاتي للتذمّر من تعامل طاقم مستشفى الأطفال البشير حمزة بباب سعدون مع وضعية ابنته الصغرى التي لم يتجاوز عمرها السنة و5 أشهر، وقال نوفل في تصريح ل"الصباح نيوز" ان ابنته "سيرين" التي تعاني من سرطان الدم مقيمة بالمستشفى المذكور منذ شهر لكن دون الشروع في حصص علاجها الكيميائي، الأمر الذي أدى إلى تدهور وضعيتها الصحية، مشيرا إلى أنه أمام هذه الوضعية وتعلل إدارة المستشفى بعدم وجود مكان شاغر - ولا حتى في بقية مستشفيات الجمهورية - لمداواتها "علاج كيميائي" طالب بمده بتقرير طبي من ادارة المستشفى بما يمكنه من تقديم مطلب ل"الكنام" بخصوص معالجة ابنته بالخارج إلا أنه لم يتحصل إلى غاية اليوم على الموافقة. والد الطفلة سيرين لم يتجاوز العقد الرابع من عمره ويشتغل "سائق سيارة تاكسي" لكنه اضطر الى البطالة ليتمكن من التنقل بين باجةوتونس لزيارة ابنته، بينما تشتغل والدتها في مصنع بجهة باجة إلا أنها وجدت نفسها اليوم مجبرة على الاقامة مع ابنتها في المستشفى، هي وضعية اجتماعية صعبة، عائلة وجدت أياديها مُكبلة ولا تقدر على مداواة ابنتها في المصحات الخاصة. كما أشار محدثنا إلى أنّه تحوّل يوم أمس إلى مقرّ وزارة الصحة أين التقى الوزيرة سميرة مرعي التي أكّدت له أنها ستبحث في الموضوع ووعدته بالتدخل. وفي هذا السياق، تحوّلت "الصباح نيوز" صباح اليوم الاربعاء إلى المستشفى أين التقت المدير لطفي بوغمورة الذي أكّد أنّ مثل هذه الحالات لا يمكن مداواتها في بقية المستشفيات مثل صالح عزيز وعزيزة عثمانة على اعتبار أن الطفلة لم يتجاوز عمرها السنتين، وأنّه لا يوجد قسم مختص في مداواة هذا النوع من المرض بالمستشفى وأنّ معظم الحالات تهمّ مرضى سرطان "الاعضاء"، مشيرا إلى أن رئيسة قسم بالمستشفى تعهدت بمداواة سيرين. هذا وأكّد أن إدارة المستشفى والطاقم الطبي اتخذ الاجراءات الضرورية من أجل توفير الظروف الملائمة لعلاج سيرين. وفي سياق متصل تحدثت "الصباح نيوز" مع رئيسة قسم طب الأطفال بمستشفى باب سعدون الدكتورة سهام البرصاوي وهي الطبيبة المباشرة لسيرين، فأعلنت أنها انطلقت في حصص العلاج الكيمياوي للمريضة التي تعاني من مرض سرطان الدم من نوع «ال. آ. ام»، بعد فترة طويلة نوعا ما من إقامتها بالمستشفى مؤكّدة أنّ وضعية سيرين «محرجة» وأنّ طبيعة مرضها صعب لكن يجب عدم فقدان الأمل. وأشارت البرصاوي إلى انّها منذ 17 سنة كانت تحارب من أجل بعث وحدة مختصة في علاج الأمراض السرطانية وأنها في 2013 تحصلت على موافقة مبدئية من مجلس إدارة المستشفى من أجل بعث هذه الوحدة التي لم تر النور إلى غاية اليوم. وقالت محدثتنا انها أرسلت، بمعية جمعيات أجنبية، أطباء وإطار شبه طبي لتكوينهم بالخارج في علاج الأمراض السرطانية لدى الاطفال، حيث تمّ علاج ألفي مريض بالسرطان بالمستشفى، مشيرة إلى ان جمعيات تونسية انخرطت في هذه المبادرة وتمّ إعداد مخطط لبعث وحدة خاصة بمرضى السرطان بالطابق الثالث بالمستشفى. وتساءلت الدكتورة البرصاوي حول "أسباب تعنّت وزارة الصحة وإدارة المستشفى وعدم أخذ قرار في الغرض رغم ان جمعيات وفرت الحاجيات المالية "، مضيفة أنّ عدم توفر هذه الوحدة أدى إلى تأخّر علاج سيرين. وأوضحت أنّه يجب أن تتوفر ظروف ملائمة لمعالجة المرضى من الأطفال وهو ما لا يتوفر في أقسام المستشفى حيث أنّ هناك أسرّة وهواء متأت من المكيفات يمكن أن يكون به جراثيم وهو ما يساعد في فقدان المناعة لدى المريض بالسرطان، مشيرة الى ان هناك 14 سرير فقط بالقسم مخصصة لعلاج الاطفال المرضى بالسرطان. وقالت ان هناك أطفال تم مداواتهم بالمستشفى لهم نفس مرض سيرين وتعافوا، مضيفة أنّ 100 طفل مريض بالسرطان ينضاف سنويا لقائمة المرضى تفوق سنوات علاجهم أحيانا 5 سنوات وهو ما يستوجب التفكير في وحدة مختصة في علاج هؤلاء الاطفال إلى حين بعث مستشفى جديد للأطفال أو قسم خاص بعلاج هؤلاء المرضى بمستشفى الاطفال بباب سعدون. وقالت البرصاوي ان اختصاص علاج الأطفال المرضى بالسرطان لا يوجد في تونس وهو ما يتطلب سفر أطباء إلى الخارج للتكوين هناك. وأضافت: "تعبنا.. لم نعد قادرين على التقدم أمام مواقف سلطة الاشراف.. ولكن ماذا سنفعل.. اليوم أخذنا على عاتقنا حالة سيرين.. وحاولنا ان نجد لها مكان ملائم بالقسم لعلاجها تتوفر فيه الظروف الصحية الملائمة وان شاء الله تتحسن.. وتأخر علاج سيرين هذا ليس "غلطتنا"... يجب أن تكون هناك وحدة مختصة تتوفر بها معدات معقمة للقيام بالعلاج الكيميائي لمرضى السرطان.. والتخطيط لبعث الوحدة أعددناه وساهمت في ذلك جمعيات.. لكن هناك رفض من سلطة الاشراف لوضع هذه الوحدة وتطلب منا في نفس الوقت مداواة هؤلاء المرضى في ظروف غير ملائمة نوعا ما.. واليوم الموضوع طال وهناك مكان يمكن استغلاله كوحدة لعلاج مرضى السرطان بالمستشفى الا انه لا ردود أفعال تذكر.. ولهذا نتوجه بالسؤال لوزارة الصحة عن أسباب تواصل رفضها لبعث هذه الوحدة التي يمكن أن تنقذ المئات من الأطفال". كما قالت ان وزيرة الصحة أكّدت لها في اتصال جمعهما أنها ستنظر في هذا الموضوع.