تتواصل هذه الأيام العمليات الأمنية النوعية الناجحة لوحدات الأمن الوطني في كامل مناطق البلاد لتعقب الخلايا الإرهابية النائمة، والتوقي من المخططات الداعشية التي ما انفكت تهدد الأمن القومي، وفي هذا الإطار علمت الصباح أن فريقا خاصا تابعا للإدارة العامة للأمن الوطني كشف خلال الأسبوع الجاري النقاب عن إحدى أخطر الكتائب الإرهابية النسائية التي تنشط في بلادنا منذ نحو عامين وتخطط لعمليات انتحارية، وذلك في أعقاب عملية استخباراتية دقيقة تلتها سلسلة من المداهمات في عدة ولايات قبل أن تأذن السلط القضائية المختصة بإحالة ملف القضية على الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب للمصالح المختصة بالقرجاني. تفاصيل هذه العملية تفيد بأن محققي الفريق الخاص وفي إطار مهمة وقائية ومناهضة للإرهاب بولاية القصرين وبعد سلسلة من الأبحاث والتحريات السرية وإثر عملية استخباراتية وصفت أمنيا بالدقيقة، توفرت لديهم معلومة غاية في الخطورة حول اندماج فتاة في العقد الثالث من العمر وهي شقيقة إرهابي خطير متحصن بالفرار في الجبال في أنشطة مشبوهة تهدد الأمن الداخلي. سلسلة من الإيقافات ونظرا لخطورة المعلومة فقد أولاها الأعوان العناية اللازمة، وراقبوا تحركات المشتبه بها ثم داهموا محل سكناها حيث ألقوا القبض عليها، وبالتحري الحيني معها حاولت في البداية التنصل من الشبهات التي تحوم حولها وحول أنشطتها المسترابة، ولكن نظرا لحنكة وحرفية المحققين فقد سقطت في فخ التناقض وأدلت باعترافات خطيرة قادت إلى الكشف عن كتيبة إرهابية داعشية وإحباط مخطط إرهابي كبير لم تشهد بلادنا مثيلا له، كان يحضر بالتنسيق مع عناصر إرهابية متواجدة في الجبال. الانتقام.. كشفت المعطيات التي تحصلت عليها الصباح أن فكرة إنشاء الكتيبة انطلقت منذ أكثر من عامين ثم بدأت النشاط الفعلي عام 2014، بمبايعة ما يعرف بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ودعم وتمويل الإرهابيين المتحصنين في جبال الشعانبي وسمامة، ولكن إثر الانشقاق الذي حصل في صفوف كتيبة عقبة بن نافع بايعت هذه الكتيبة ما يعرف بتنظيم الدولة الإرهابي داعش وواصلت عملها المتمثل في تقديم الدعم اللوجستي لإرهابيي الجبال في كنف السرية وبعيدا عن أعين القوات الأمنية والعسكرية. وحسب معلومات إضافية فإن تحركات أفراد هذه الكتيبة النسائية الأولى من نوعها التي يكشف عنها النقاب في تونس بدأت تأخذ أبعادا أخرى أكثر خطورة، حيث بدأ التفكير- إثر مقتل الإرهابي الخطير مراد الغرسلي والقبض على عناصر إرهابية أخرى وإيداعها السجن ومحاكمتها- في الانتقام من الوحدات الأمنية من خلال عمليات نوعية وصفت بالخطيرة جدا. انتحاريات.. بدأت فكرة ردة الفعل تتبلور في أوساط الكتيبة بعد تواصل مع إرهابيي الجبال وخاصة العنصر الخطير خليل المنصوري الذي بدأ في تمكين البعض منهن من دروس تكوينية بحي الزهور حول كيفية تنفيذ العمليات الانتحارية داخل المقرات الأمنية حتى تأثرت بقية الفتيات اللاتي ينحدرن من اسر فيها عناصر تكفيرية.. وبدأ التحضير للمخطط الإرهابي الكبير المتمثل في سلسلة من التفجيرات والعمليات الانتحارية داخل مراكز أمنية أو قرب نقاط أمنية قارة على الطرقات بواسطة أحزمة ناسفة على الأرجح(في انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث)، وبالتوازي مع ذلك تواصلت عمليات استقطاب العنصر النسائي للكتيبة إضافة إلى تزويج عناصرها لمتشددين دينيا يعتبرون الحاضنة الاجتماعية لإرهابيي الجبال في إطار محاولات توسيع الحاضنة والخلايا التكفيرية. المحجوز.. المحجوز تمثل وفق المعلومات الأولية التي تحصلنا عليها في مفاتيح ذاكرة أحدها كان مدفونا تحت شجرة يتضمن مناشير مبايعة الكتيبة للتنظيم الإرهابي وشرح طرق نصب الكمائن على طريقة إرهابيي تنظيم القاعدة، وحوالي مائة بطاقة شحن هاتف محمول ومجموعة من الهواتف المحمولة، وقد تعهد أعوان الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب للمصالح المختصة بالإدارة العامة للأمن الوطني بمواصلة التحريات في القضية لكشف المخطط الإرهابي الكامل للكتيبة الذي يعتبر خطيرا جدا. ص. المكشر جريدة الصباح بتاريخ 27 اكتوبر 2016