في وقت انتقدت عديد الأحزاب والحساسيات مشروع قانون المالية لسنة 2017 ودعت حكومة يوسف الشاهد الى ضرورة مراجعة بعض فصوله بما يجعله مقبولا لدى مختلف الفئات أكد بعض الخبراء ان الأطراف التي أبدت تحفظاتها من هذا المشروع نظرت فقط الى "النصف الفارغ" من الكأس أو ما اعتبرته "تضحيات مؤلمة" بينما يتضمن النصف "الملآن" من الكأس عديد النقاط الايجابية التي قد تكون تجاهلتها الأحزاب وتناساها أغلب المتابعين والمحللين اما لعدم درايتهم بتفاصيلها الدقيقة أو ب"نية مبيتة" هدفها ضرب المشروع و"التجييش" ضده لرفضه. - أولا: النقطة التي لم يثمنها أغلب خبراء المال والاقتصاد ولم يلتفت الى أهميتها القادة السياسيين هي ان مراجعة جدول الضريبة سيمكن كل الاجراء في القطاع الخاص والقطاع العام والذين يقل اجرهم الشهري على 1400 دينار من الانتفاع بزيادة في الاجر الصافي وهو ما سيكون دافعا للاستهلاك وسيكرس مفهوم العدالة الجبائية. - ثانيا: على عكس ما يروج بان قانون المالية لسنة 2017 مثل "ضربة" للانتدابات فان ما تضمنه من اجراءات يضمن احداث الاف مواطن الشغل سواء عبر التشجيع على بعث المشاريع الخاصة أومن خلال احداث 25 الف موطن شغل في اطار عقد الكرامة والذي تتكفل من خلاله الدولة بجزء من الاجر على كل موطن شغل محدث مما من شانه ان يضمن اجرا شهريا صافيا يبلغ 600 دينار ، مع الاشارة وانه تم ادراج اعتماد جملي قدره 130 مليون دينار بميزانية سنة 2017. - ثالثا:احداث خط تمويل باعتماد قدره 250 مليون دينار للتشجيع على بعث المشاريع الصغرى ودعم المبادرة الخاصة ومن شأن هذا الاجراء ان يحول البلاد الى خلية مشاريع صغرى لاسيما في ظل التشجيعات وتبسيط الاجراءات بما فيها التمويل الذاتي الذي كثيرا ما ماكان يمثل عائقا امام آلاف الحالمين ببعث المشاريع. - رابعا: ان هذه الاجراءات مجرد نماذج من "حزمة" اجراءات تضمنها مشروع قانون المالية لم تعرف رئاسة الحكومة كيف تحسس بأهميتها وتقنع الرأي العام بقيمتها ودورها في النهوض بالتشغيل رغم ما يردده البعض حول "تحجيم" مشروع القانون من الانتدابات. - خامسا:بعيدا عن العدالة الجبائية وخلق مواطن الشغل فان نقطة مضيئة أخرى في مشروع قانون المالية 2017 تكتسي اهمية بالغة وهي احداث خط تمويل باعتماد قدره 250 مليون دينار في اطار برنامج السكن الاول لتغطية موارد التمويل الذاتي عند اقتناء المسكن الاول لفائدة الطبقة المتوسطة وهو ما لم تحققه الحكومات السابقة المتعاقبة خاصة ان نفقات التنمية حققت قفزة نوعية من 5,295 مليون دينار سنة 2016 الى 5800 مليون دينار سنة 2017. - سادسا:رغم ان ميزانية سنة 2017 هي ميزانية توسعية بعد ارتفاع حجمها بنسبة 12 بالمائة مقارنة بسنة 2016 لتصل الى حدود 32,580 مليون دينار فقد تم التحكم في العجز حتى ينخفض من 5,7 بالمائة سنة 2016 الى 5,4 بالمائة سنة 2017. - سابعا: انه رغم تباين المواقف حول مشروع قانون المالية فانه بات يتحتم على مختلف الأطراف من أحزاب ومنظمات الحوار من أجل التوصل الى توافق حقيقي خصوصا ان البلاد تمر بوضع دقيق على جميع المستويات يجعلها لا تحتمل الانقسامات والصراعات بعد ان اشتعلت كل الاضواء "الحمراء" ودق الخبراء ناقوس الخطر حول المخاطر التي باتت تتهددنا أكثر من أي وقت مضى.