عاشت تونس أمس حدثا تاريخيا هاما، حدثا فتحت فيه جراح الماضي لضحايا تعرضوا الى انتهاكات جسيمة، أطلقوا ليلة أمس بإحدى القاعات بنادي عليسة العنان للحديث عن مأساتهم وجراحهم ومعاناتهم. أولى الشهادات التي افتتحت بها هيئة الحقيقة والكرامة جلسات الإستماع العلنية كانت لأمهات شهداء سقطوا خلال الثورة. انطلقت الجلسة على الساعة الثامنة والنصف ليلا بشهادة وريدة الكدوسي والدة شهيد الثورة رؤوف الكدوسي الذي سقط في مدينة الرقاب يوم 8 جانفي 2011 على يد قوات الأمن بدم بارد ودون شفقة كما جاء على لسانها في شهادتها. تضيف وريدة أن ابنها خرج الى الشارع بمدينة الرقاب للمشاركة في مسيرة منادية بإسقاط نظام بن علي، في تلك الأثناء عمد الأعوان الى الإعتداء بالعنف على أحد المتظاهرين فتدخل ابنها رؤوف للذود عنه رغم أن الأعوان هددوا كل من يتدخل باطلاق النار عليه ولكن ابنها تجاهلهم وتدخل لمحاولة فكه فأصابه أحد الأعوان برصاصة في القلب مشيرة أن الأعوان قتلوا متظاهرا آخر تقدم لنقل ابنها الذي كان ملقى بالشارع والدماء تنزف منه. وقالت وريدة الكدوسي أن ابنها عاش حياته مظلوما ومحروما من أبسط المرافق وما يحز في نفسها أن العديد من الشهداء ضحوا بدمائهم من أجل تحقيق أهداف الثورة ولكن للأسف بقيت مجرد حلم لذلك لن يهدأ لها بال ولن تشعر بالارتياح مادامت هناك مناطق مهمشة لم يتم انصافها على غرار الرقاب وغيرها من مناطق الجمهورية. واتهمت وريدة الكدوسي القضاء العسكري بأنه غير منصف لعائلات الشهداء والجرحى واكدت أنه لو يعاد ابنها الشهيد رؤوف الى الحياة ليقتل من جديد مقابل تحقيق أهداف الثورة فستقبل بذلك بكل رحابة صدر ولو انها على استعداد للتضحية ببقية أبنائها مقابل تحقيق الأهداف التي حلم بها الذين ثاروا على بن علي. واتهمت أم الشهيد رؤوف الكدوسي الحكومات المتعاقبة بعدم انصاف عائلات الشهداء والجرحى وأيضا المناطق المهمشة و»الزواولة» على حد تعبيرها. ووجهت رسالة الى الحكومة وطالبتها بضرورة الإلتفات الى المناطق المهمشة التي تعاني من البطالة والفقر والتهميش... واعتبرت أن آخر أمل لعائلات الشهداء والجرحى أن تتحقق العدالة الإنتقالية ليرد اليهم اعتبارهم. وختمت شهادتها قائلة «أطلب أن تحال ملفات الشهداء والجرحى الى دوائر مختصة..ورسالتي لمن يريدون عودة بن علي والطرابلسية إنه لن يحصل طيّب».