كثَّف تنظيم (داعش) في سوريا والعراق عملياته في مجال التهريب وتجارة البشر لتأمين الموارد المالية اللازمة له، وذلك بعد أن تسببت الغارات الجوية التي تستهدف مواقعه والحرب التي يخوضها على أكثر من جبهة بأزمة مالية للتنظيم، وهي الأزمة التي اضطرته لوقف دفع الرواتب لمقاتليه في مدينة الموصل. وتقول جريدة "ديلي تلغراف" البريطانية إن "داعش" توقف منذ أسابيع عن سداد المستحقات المالية لمقاتليه، فيما أشارت الصحيفة الى التنظيم يدفع 350 دولاراً شهرياً لكل مقاتل يُحارب في صفوفه. وبحسب تقرير منفصل لجريدة "فايننشال تايمز" فإن تنظيم "داعش" أصبح في الوقت الحالي "المركز الرئيس لتجارة البشر في المنطقة"، مشيراً إلى أن التنظيم هو "أكبر مشترٍ للبشر، كما أن مقاتليه هم أهم سلعة يتاجر بها"، كما يلفت التقرير إلى أن التنظيم يبيع المقاتلين أيضاً إلى المجموعات المسلحة الأخرى في سوريا من أجل الحصول على أموال، كما يبيعهم إلى قوى أجنبية مثل الولاياتالمتحدةوتركيا مقابل الحصول على الأموال. وخسر تنظيم "داعش" مساحات واسعة من المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق خلال الشهور القليلة الماضية، وذلك بسبب القصف الجوي المتواصل من قوات التحالف، ومن بين المواقع التي فقد التنظيم السيطرة عليها منشآت نفطية كانت تشكل مصدراً مهماً لتمويل عملياته، إضافة إلى مواقع ومنشآت حيوية عديدة. لكنَّ "فايننشال تايمز" تقول إن "داعش" هو الذي يهيمن على تجارة التهريب في المنطقة العربية منذ العامين 2013 و2014، كما أنه منذ ذلك الوقت يبيع الرهائن للمجرمين وللفصائل المسلحة الأخرى في سوريا والعراق، وخاصة الصحافيين وعمال الإغاثة الدوليين الذين يتم اختطافهم بين الحين والآخر. ويسود الاعتقاد - بحسب الصحيفة - أن تنظيم "داعش" تمكن من تأمين عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات من جراء أموال الفدية التي يتقاضاها من الرهائن الأوروبيين الذي أخلى سبيلهم في السابق. وتكشف "فايننشال تايمز" عن وجود سوق سوداء للبشر والتهريب تمكن تنظيم "داعش" من تشكيلها، فيما تكشف أيضاً عن أن مصادر التمويل الراهنة التي يقوم عليها اقتصاد "داعش" تقوم على عدد من الطرق والوسائل، ومن أهمها جباية مبالغ مالية كبيرة من عائلات ومقاتلين يرغبون بالهروب من المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وذلك خوفاً من الفوضى التي ستعقب انهيار حكم "داعش" في تلك المناطق. ويقول مسؤول في الجبهة الشامية يُدعى أبو علي سيجو إن مقاتلي تنظيم "داعش" جمعوا الملايين أيضاً من خلال عملياتهم على معبر "باب السلامة"، وهي نقطة عبور بين الأراضي السورية والتركية. وبحسب المعلومات التي تمكنت "فايننشال تايمز" من جمعها فإن مهربي داعش يتقاضون مبلغاً يصل إلى 10 آلاف دولار من أجل تمرير الشخص أو العائلة من داخل المناطق التي يسيطرون عليها إلى مناطق أخرى، أما من يرغب بالهروب إلى تركيا خارج الأراضي السورية بالكامل فإنه قد يحتاج إلى 10 آلاف دولار أخرى. يشار إلى أن المعلومات عن أزمة مالية يعاني منها "داعش" تتردد بين الحين والآخر، وهذه ليست المرة الأولى الذي يدور فيها الحديث عن أوضاع مالية صعبة يعاني منها التنظيم، حيث سبق أن تم قصف موقع للتنظيم في الموصل تبين أنه المقر المالي لداعش وفيه يتم تخزين كميات كبيرة من السيولة النقدية، وهي الأموال التي شوهدت بعد القصف تحترق وتتطاير في الهواء، وقيل بعدها إن التنظيم يعاني من أزمة مالية.