فنّد محمد ياسين صميدة عضو المكتب الإعلامي لحزب «التحرير» الإسلامي تصريحات منسوبة إلى أحد أعضاء الحزب نفى فيها وجود «دولة» في تونس، مشيراً إلى أن حزبه يعترف بوجود الدولة ككيان سياسي هي قائمة ويتعامل معها بالشكل الإداري والقانوني، كما أكد أن الحزب لا يتجه للقيام بأي عصيان أمني و«هو أكثر انضباطاً من الأحزاب الموجودة في السلطة». واعتبر أن حل مشكلة العائدين من بؤر التوتر يبدأ بالكشف عن جهات استخباراتية دولية التي أسست لشبكات قامت بتسفيرهم إلى خارج تونس، كما أكد أن الثورة التونسية أدت إلى نتائج عكسية حتى الآن «حيث ازداد الفقر والبطالة والتهميش والفساد»، لكنها ساهمت في زيادة نسبة الوعي السياسي لدى التونسيين. وكانت وسائل إعلام نسبت تصريحات مثيرة للجدل للقياديين في حزب التحرير محمد الناصر شويخ وعماد حدوق، تتعلق بعدم اعتراف الحزب بوجود دولة في تونس، وتهديده بالعصيان الأمني في البلاد. إلا أن صميدة أكد في تصريح خاص ل«القدس العربي» أن شويخ كان يتحدث عن واقع الدولة التي ترعى شؤون الناس ف»الدولة حاضرة فقط كإدارات وغائبة تماماً في رعاية شؤون الناس وإيجاد الحلول ومحاربة الفقر والمشاكل الاجتماعية، وهنالك من أراد تحريف التصريح ليبدو وكأن حزب التحرير لا يعترف بوجود دولة، ونحن نعتقد أن الدول ككيانات سياسية هي قائمة وحزب التحرير يتعامل معها بالشكل الإداري والقانوني، ونحن نرى أن المشروع الذي يقوّي تونس وجميع البلدان العربية هو وحدتها وإعادة مجدها وإسلامها العزيز». وفيما يتعلق بتصريحات حدوق حول العصيان الأمني، « هذه أيضاً من الأكاذيب التي تروج عن الحزب، فحدوق أكد أن الحزب لن يقبل بتجاوزات من بعض الأطراف الأمنية التي تحاول السلطة أن تحركها بدوافع حزبية، وسيتابعها بشكل قانوني، وحزب التحرير معروف بانضباطه على خلاف الأحزاب التي تمارس الحكم والتي شهدنا لها عدداً من أعمال العنف ورفع الهراوات من قبل بعض منتسبيها (في إشارة إلى حزب «نداء تونس(». وكان عدد من النواب والنشطاء في المجتمع المدني وقعوا على عريضة تطالب بحظر حزب «التحرير» الإسلامين، والذي اعتبروا أنه يشكل خطراً على الجمهورية التونسية، فيما اعتبر أحد الخبراء أن حزب التحرير يتشابه في وضعيته القانونية مع الحزبين الشيوعي والنازي اللذين قامت السلطات الألمانية بحلهما في خمسينيات القرن الماضي. وعلّق صميدة على ذلك بقوله «العريضة تضم حوالي ستين شخصية معروفة بانتماءاتها الحزبية والإيديولوجية، فبعضهم انتمى للحزب السابق (حزب بن علي) وآخرون معروفون بحقدهم الإيديولوجي وطريقة كتابة العريضة كلها تحريض على الحزب وادعاء بالباطل، وأعتقد أنها لا تحتاج لإعطائها وقتاً للرد، ومن جانب آخر فحزب التحرير لا يُقارن بأي حزب آخر وليست له أية وضعية شبيهة بالحزبين المذكورين (الشيوعي والنازي)، كما أنه حزب متجذّر في الأمة الإسلامية وموجود في تونس منذ سبعينيات القرن الماضي ومعروف بنضاله خلال مرحلتي بورقيبة وبن علي، وكان له الشرف خلال الثورة أنه الحزب الوحيد الذي رفع شعاراته الحزبية، ولم يخرج باسم جمعيات أو أطراف أخرى، وهو يتعرض الآن لحملة شرسة يدعمها بعض الإعلاميين ورجال السياسة المعروفون بالفساد والحقد وبتوجيهات خارجية لأنه فتح ملفات حارقة تتعلق بتدخل الاستعمار و(نهب) ثروات البلاد والوضع الأمني والسياسي والفساد وغيره». وحول عدد المنخرطين داخل حزب التحرير في تونس، قال صميدة «غالبية التونسيين يؤيدون الحزب لأنه ليس غريباً بأفكاره وما يطالب به عنهم، وهو كان دائماً مع التوجه العام للشعب التونسي، ولذلك عندما تندلع احتجاجات شعبية حول مطالب التشغيل أو الوضع السياسي وغيره يوجهون مباشرة إصبع الاتهام نحو حزب التحرير، وعموما الحزب يقوم بنشاطات مستمرة على مدار العام ولا يقتصر نشاطه على الحملات الانتخابية كبقية الأحزاب، والناس الذين نعترضهم في الشارع يعبرون غالباً عن تضامنهم وفهمهم للحملة التي يتعرض لها الحزب» وفيما يتعلق بعودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر، قال «الموضوع لا يرتبط بعودة إرهابيين بل هو أشمل من ذلك، أي أنه يتعلق بعودة لاجئين ومهاجرين وفق اتفاقيات أمضتها الدولة التونسية مع الاتحاد الاوروبي منذ 2014، وهناك تقارير أصدرتها الحكومة الفرنسية تتحدث عن هذه الاتفاقيات، وهذا ما تحدثنا عنه في مناسبات عدة، ولكن اليوم ثمة مزايدات كثيرة في هذا الأمر، فالجميع يعلم أن هناك قضاء سيحاسب العائدين، فكل من ارتكب جرماً لا بد من محاسبته ونحن قلنا إن هناك أطرافاً سياسية تسعى إلى استعمال هذا الموضوع لضرب طرف آخر وأيضا لتبييض نظام الأسد» وأضاف «نحن نرى أن كل من تورط في الدم وكل من قتل نفساً بغير نفس هو إرهابي ومجرم، وأعتقد أن الحل في ملف العائدين يبدأ بمواجهة الإرهاب وشبكات التسفير إلى مناطق القتال والتوتر، ولا بد من محاربة هذه المسالك التي توجهها استخبارات دولية وهي أصل الإرهاب، فمن اخترق الأمن التونسي واغتال محمد الزواري هو نفسه قادر على تهريب الناس إلى الخارج، وسمعنا مؤخراً شهادات تؤكد أنه تم خداع عدد كبير من الشباب الذين كانوا متجهين إلى إيطاليا في هجرة سرية فوجدوا أنفسهم في مدينة أنطاكيا التركية ومن ثم في سوريا، ولذلك الخطر يكمن في هذه الجهات الاستخباراتية التي تقوم بتسفير الشباب إلى بؤر التوتر مستغلة جهلهم وأوضاعهم الاجتماعية الصعبة» واعتبر، من جهة أخرى، أن الثورة أدت إلى نتائج عكسية حتى الآن «حيث ازداد الفقر والبطالة والتهميش والفساد»، لكنها ساهمت في زيادة نسبة الوعي السياسي لدى التونسيين، مشيراً إلى أن الاستبداد لا يمكن أن يعود إلى تونس «فالتاريخ لا يرجع إلى الوراء لكن ربما أدواته ما زالت موجودة، كما أن رموز النظام السابق عادت إلى الميدان ولكن لن تكون لها الفاعلية نفسها، حتى الذين يمارسون الحكم ويدعون الديمقراطية والليبرالية وغيرها ظهرت تناقضاتهم وفشلهم في إدارة المرحلة، والشعب قريباً سيقول لهم كما قال لبن علي: ارحلوا». (القدس العربي)