انتقد رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري اتهام النائب عبدالعزيز القطّي لمدير عام الأمن الوطني ب"التجسس" على الرئيس الباجي قائد السبسي، كما أشار من جهة أخرى إلى وجود "غطاء سياسي" للجماعات الإرهابية في البلاد، ودعا إلى إنشاء مراكز خاصة لإعادة تأهيل العائدين من بؤر التوتر، والذين اعتبر أنهم بمثابة "لغم يهدد كيان الدولة التونسية" وكان النائب والناطق باسم حزب "نداء تونس" عبد العزيز القطّي اعتبر في تصريح صحافي أن "من بين الكوارث التي ارتكبها الحبيب الصيد (رئيس الحكومة الحالي) إقدامه على تعيين مدير عام للأمن الوطني (عبد الرحمن الحاج علي) ركّز جهوده كافة لتشكيل فرقة للتجسّس على رئيس الجمهورية وعائلته وعدد من قيادات النداء، عوض العمل على تطوير المنظومة الأمنية" وأكد الدردوري في حوار خاص مع "القدس العربي" أن ما قاله القطي "خطير، ونحن نعتبر أن الاتهام من دون تقديم حجة أو قرينة يدخل في إطار الحملات المغرضة التي تستهدف المؤسسة الأمنية ومعنويات الأمنيين، ونتساءل عن ظروف وأسباب هذه التصريحات في هذا الظرف بالذات (قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية) وندعو النيابة العمومية إلى تحمل كامل مسؤولياتها وفتح بحث في الغرض وتتبع كل من يثبت إدانته، سواء كان المدير العام للأمن الوطني أو النائب عبدالعزيز القطي الذي لا بد أن يعي أن حصانته لا تسمح له بإلقاء التهم جزافاً على أي كان، خصوصاً إذا تعلق الأمر بمسؤول متقدم في الدولة ويشغل خطة الإشراف على إدارات عامة أمنية مهمتها هي مقاومة الجوسسة بدل القيام بها، فما بالك إذا تعلق الأمر بأعلى هرم في السلطة وهو رئيس الجمهورية" وأضاف "نحن اليوم نعي أن القرار الوطني والسياسي متلازمان، ولا يمكن الحديث عن مؤسسة أمنية جمهورية تقف على المسافة نفسها من جميع الأحزاب السياسية بمختلف ألوانها، فعلى ما يبدو فإن المخاض السياسي الحاصل في هذه المرحلة يلقي بظلاله على واقع المؤسسة الأمنية وهذا يتجلى في بعض التصريحات كتصريح القطي، الذي اتسم بجزء كبير من العداونية وانزلق في اتهام قيادي أمني على مستوى سامٍ بالعمالة والخيانة" وأشار الدردوري من جهة أخرى إلى وجود "غطاء سياسي" للجماعات الإرهابية في تونس، لكنه قال إنه يتم بشكل غير مُعلن "يتجلى في خطاب عدد من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي، ونتذكر في هذا المجال بأن التشريع لما يسمى بالجهاد تم عن طريق وزير الشؤون الدينية في فترة ما (الترويكا)، كما أن أحد المفكرين المحسوبين على حزب إسلامي اعتبر أنه من المخجل القول إن المقاتلين في سوريا هم مجرمون، كما أن هناك مواقف أخرى تجلت في حملة التعاطف التي رافقت عودة الإرهابي محمد أنور بيوض، ومداخلات محسوبة لأطراف سياسية حاولت إظهار هذا الشاب على أنه ضحية. بل إن دخوله للمستشفى العسكري يُعد سابقة خطيرة كارثية بالنسبة لنا، ونعتبرها عملية اغتيال أخرى للأمنيين والعسكريين لأن جاءت بمباركة من أطراف داخل المؤسستين" وقال "موضوع بيوض نفض الغبار عن ملف كبير يتمثل في كيفية تعاطي إحدى أهم مؤسسات الدولة وهو المرفق القضائي مع العائدين من بؤر التوتر، وهؤلاء تبين من خلال تصريح الناطق الرسمي للنيابة العمومية سفيان السليطي، أنهم يحظون بالعلاج الرسمي في المستشفى العسكري وخاصة أن حالة بيوض ليست الحالة الأولى، ونحن طالبنا بكل الوسائل القانونية والمشروعة بضرورة فتح تحقيق جدي والمساءلة والتتبع الجزائي لكل الأطراف التي يثبت ضلوعها في مثل هذه العملية، لأنه هذا يعتبر شكلاً من أشكال التطبيع مع التنظيم الإرهابي داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)، ونعتبره محاولة لإيجاد مخرج قانوني للشباب الذين غُرر بهم في فترة ما وأُرسلوا إلى بؤر التوتر" وكان كاتب الدولة السابق المكلف بالشؤون الامنية رفيق الشلي أكد في تصريحات صحافية عودة أكثر من 700 عنصر متطرف من بؤر التوتر (العراقوسوريا وليبيا)، مشيراً أيضاً إلى وجود فئة من المقاتلين الذين سافروا الى ليبيا خلسة وتلقوا تدريبات هناك ثم التحقوا ببؤر التوتر قبل أن يعودوا الى تونس خلسة أيضاً، وأكد أن عدد هؤلاء ومكان إقامتهم غير معروف حتى الآن. وعلّق الدردوري على ذلك بقوله "ملف المقاتلين في بؤر التوتر يعتبر من أهم الملفات المفخخة التي تعترض الحكومة التونسية الحالية والمُقبلة، وهو بمثابة اللغم الذي يهدد كيان الدولة في حد ذاته، لأن هؤلاء لم يعودوا من منتجع سياحي وإنما من معارك ضارية وهم مدججون بثقافة القتل، وقد عاينا هذا الأمر عن كثب، عبر دخول عدد من العناصر التي يطلق عليها الذئاب المنفردة لعدد من الدول الأوروبية في إطار اللجوء، وقد تبين لاحقاً ضلوعها في ارتكاب عمليات إرهابية، وبالتالي التحدي كبير ونحن مع ضرورة تدعيم وإعادة العلاقات التونسية مع جميع الدول التي لنا مصلحة في التعاطي معها على المستوى الأمني خاصة أن هذه الدول أصبحت تمتلك قاعدة بيانات مهمة عن العناصر الإرهابية التونسية التي تنشط على ترابها" وأضاف "لكن لا بد أن تكون الدولة أيضاً واعية حول جسامة هذا الفخ الذي يمكن أن تقع فيه وهو عودة الإرهابيين من بؤر التوتر، ولا بد لها أن تتعامل مع هذا الملف في إطار خطة وطنية، ونحن مع ضرورة المتابعة النفسية والاجتماعية للعائدين لأن نسبة التورط في الجرم ستكون مختلفة وبالتالي المدة العقابية التي تسلط على هؤلاء ستكون بدورها مختلفة، وهناك من يمكن أن يقضي أشهراً عدة في السجن ثم يعود للاندماج في الحياة المجتمعية، وبالتالي إعادة الاندماج تتطلب إعادة تأهيل عبر إنشاء مراكز خاصة بهؤلاء لأنه لا يمكن أن نضعهم مع مساجين الحق العام أو في الإصلاحيات المخصصة لهذا الغرض" وأكد، في السياق، أن معالجة ملف العائدين من بؤر التوتر شديدة الصعوبة لأن "التحقيق مع هؤلاء سيكشف أطرافاً سياسية ضالعة في تسفيرهم، وأنا أعتقد أن ثمة ضغطاً سياسياً كبيراً لتمرير مشاريع عدة على غرار قانون "التوبة" بصياغة تتماشى مع رؤية بعض الأطراف السياسية ومصلحتها من هذا الملف وغيره، وأعتقد أيضاً أن هذه الملفات لا يمكن معالجتها إلا بضرورة محاسبة الأطراف السياسية المسؤولة عن انتشار الإرهاب قبل كل شيء، ورفع القبضة السياسية عن مثل هذه الملفات" وأشار، من جهة أخرى، إلى أن المنظمة التونسية للأمن والمواطن التي يديرها اكتشفت تلاعباً وفساداً في صفقة شراء أجهزة لكشف الأسلحة قامت بها مؤخراً وزارة الداخلية، وأوضح أكثر بقوله "المسألة في الأصل أعمق من موضوع التلاعب بالصفقة، حيث تم اختيار جملة من التجهيزات كان لا بد أن تتطابق مع كراس الشروط لضمان تسهيل عمل أعوان الأمن في التصدي لمحاولة تهريب الأسلحة أو المواد المتفجرة، ولكن هناك أطرافاً تلاعبت بهذه الصفقة واقتنت تجهيزات غير مطابقة للمعايير المطلوبة، ونحن رفعنا الملف إلى القيادة العليا في وزارة الداخلية وتمت إحالة الأمر على التفقدية العامة للأمن الوطني"(القدس العربي)