عادت قضية الهجرة غير الشرعية عبر السواحل الليبية لتفرض نفسها على سطح الأحداث، خلال الأيام الماضية، وذلك إثر إعلان المنظمة الدولية للهجرة عن تسجيل 4576 حالة وفاة في العام 2016 من المهاجرين الذين غادروا ليبيا عبر البحر المتوسط. وقالت المنظمة، وفق بيان نشرته بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، إنها أحصت وفاة أكثر من 4 آلاف مهاجر خلال العام 2016 عبر سواحل ليبيا، أثناء عبورهم البحر المتوسط في محاولة للوصول إلى إيطاليا، مشيرة إلى أنه تم إنقاذ أكثر من 18 ألف مهاجر آخرين. وعقدت المنظمة الدولية للهجرة - ليبيا وقيادات من حرس السواحل الليبي اجتماعا لمناقشة نتائج تقييم الاحتياجات التي أجريت العام الماضي، بهدف تحديد السبل لتحسين البنية التحتية لنقاط الإنزال، وتعزيز قدرة الجهات الحكومية المعنية في عمليات الإنقاذ. وذكر البيان أن الاجتماع ناقش خطة عمل لوضع برنامج لبناء القدرات والتدريبات التي تهدف إلى إعادة التأهيل، حيث جرى الاتفاق على توفير معدات الاتصالات التي سيتم استخدامها. وقالت المنظمة، إنها تمكنت من خلال برامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج (AVRR)، من إعادة 3 آلاف من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء خلال العام 2016، حيث تم إنقاذ العديد من هؤلاء العائدين في البحر في وقت سابق. وزاد من قتامة الصورة، إعلان الفرع الإيطالي لمنظمة رعاية الأمومة والطفولة «يونيسف»، أن حوالي 26 ألف طفل عبر البحر إلى أوروبا على متن قوارب الهجرة العام 2016. وذكرت «يونيسف» في تقرير أصدرته الجمعة، أن «الأطفال الذين وصلوا إلى إيطاليا، مخاطرين بحياتهم، يواجهون مستقبلا غير مؤكد»، مشيرة إلى أن «عام 2016 شهد وصول 25800 قاصر غير مصحوب بذويه أو منفصل عنهم، ممن بلغوا إيطاليا عن طريق البحر»، وهم «أكثر من ضعف الوافدين العام 2015، حيث كان عددهم 12360». وأشار ميلاندري إلى أن «النظم الحالية ليست كافية لحماية هؤلاء الأطفال الذين يجدون أنفسهم في بيئة مجهولة تماما، فهم في حالة هرب وهناك حاجة لاستجابة منسقة على المستوى الأوروبي للحفاظ على سلامتهم». وجاء في التقرير أن «معظم القاصرين الآنفي الذكر، مصدرهم أربع دول، وهي إريتريا ومصر وغامبيا ونيجيريا»، وأن «أغلبهم من الذكور بين 15 17 سنة»، إلا أن «من بين الوافدين الجدد، هناك قصر أصغر سنا وفتيات قاصرات أيضا». في غضون ذلك، أعلنت قوات خفر السواحل الإيطالي، أن 8 مهاجرين على الأقل لقوا حتفهم إثر غرق قاربهم قبالة سواحل ليبيا. ونقلت وسائل إعلام عن الناطق باسم خفر السواحل الإيطالي قوله، الأحد الماضي، إن «4 أشخاص أنقذوا»، لكن ناجين قالوا إن أكثر من 100 شخص كانوا على متن القارب عندما غرق على مسافة 50 كيلومترا تقريبا قبالة الساحل الليبي. وكان خفر السواحل الإيطالي أعلن، الخميس الماضي، إنقاذ نحو 800 مهاجر في البحر المتوسط من قوارب مطاطية متهالكة، مع انتهاز مهربي البشر الذين ينشطون في ليبيا فرصة تحسن أحوال الطقس في وسط الشتاء للإبحار، بحسب ما نقلته «رويترز». من جهة ثانية، أعلنت قوة الردع الخاصة، الأحد الماضي، نقل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في العاصمة طرابلس، بعد أن ألقي القبض عليهم في منطقة قرقارش، مشيرة إلى أنها تحفظت على بعض منهم كانوا ينتمون إلى عصابات منظمة تقوم بتصنيع وترويج الخمور بالمنطقة، بحسب ما نشرته عبر صفحتها على موقع «فيسبوك». ونشرت قوة الردع الخاصة عبر صفحتها صورا لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الذين ألقي القبض عليهم في منطقة قرقارش، وقالت إنها «قامت بنقلهم لجهاز مكافحة الهجرة غير شرعية طرابلس، فيما تم التحفظ على من ينتمون لعصابات منظمة تقوم بتصنيع وترويج الخمور بالمنطقة». وقالت قوة الردع إنها داهمت مساء الجمعة «أوكار خمور ودعارة بمنطقة قرقارش» في العاصمة طرابلس «بعد جمع معلومات عن هذه الأوكار واعترافات بعض المقبوض عليهم أثناء مداهمة المنطقة، عن أماكن الفساد وترويج المخدرات»، وأكدت «القبض على عديد الأفارقة المتورطين في ترويج المخدرات»، ونوهت إلى أن «كثيرا منهم كان يحمل السلاح في منطقة قرقارش، حسب اعترافات بعض المتهمين». وفي سياق متصل، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الأمن في الحكومة الموقتة المهدي اللباد أن قضية الهجرة غير الشرعية باتت من أهم القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية، لما تسببه هذه الظاهرة من مشاكل للدول المستهدفة من المهاجرين والدول التي تمر من خلالها قوافلهم. وقال اللباد إن «ليبيا ليست طرفا في اتفاقية شؤون اللاجئين لسنة 1951 ولا البروتوكول الملحق بها لسنة 1967، وهي بالتالي غير ملزمة بأي التزام ترتبه تلك الاتفاقية، ونعتبر أي توقيع من أي جهة سوى الحكومة الليبية الموقتة هو اتفاق غير ملزم للدولة الليبية». وأضاف «مثل هذه الاتفاقات من شأنها تغيير البناء السكاني، وتعتبر تهديدا للتركيبة الديموغرافية الليبية، وضربا للنسيج الاجتماعي بما يهدد الأمن القومي الليبي، وينذر بخطر استراتيجي، سيتسبب بالعديد من المشاكل، والتي من أهمها استغلال هؤلاء المهاجرين من قبل الجماعات الإرهابية واستقطابها». ولفت اللباد إلى «أن وجود مفوضية شؤون اللاجئين وعملها بصورة مستقلة يعد عملا غير قانوني، وكل ما يصدر عنها من بطاقات ومستندات للمهاجرين غير القانونيين لا يعتبر ملزما للسلطات الليبية». في غضون ذلك، قال وزير خارجية مالطا، جورج فيلا، إن حكومة الوفاق الوطني لم تقبل مقترحات من روما تهدف إلى وقف تدفق المهاجرين إلى إيطاليا، وأن الخلافات «واسعة» بين الجانبين بخصوص القضية.