تتردد الأنباء في العاصمة الأمريكيةواشنطن عن نية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب اصدار قرار تنفيذي إلى وزير الخارجية المعين ريكس تيلرسون، لتقديم قرار يصنف جماعة الإخوان المسلمين فيه على انها جماعة إرهابية وإخضاعها للعقوبات الأمريكية، فيما وصف تيلرسون جماعة الإخوان بأنها «بوق للإسلام المتشدد» خلال جلسة التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ. وتقدم خلال السنوات الماضية اكثر من عضو في الكونغرس الأمريكي باقتراح تشريعات على وزارة الخارجية تطالب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً أجنبيا، لكن هذه المساعي تعثّرت ولم تتجاوز مرحلة البحث في اللجان إلى مرحلة التصويت عليها، كما لم ترحب ادارة اوباما بها، وسبق لمستشار الأمن القومي مايك فلين والوزير المعيّن لوزارة الخارجية أن أوحيا بأنهما يتخذان موقفاً مماثلا ضد الجماعة، علاوة على ذلك، تدعو مشاريع قوانين اقترحها أخيراً كل من السناتور تيد كروز والنائب ماريو دياز- بالارت وزارة الخارجية. وقالت مصادر لوكالة «رويترز» إن فصيلا يقوده مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب يرغب في إدراج جماعة الإخوان في قائمتي وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وقال مستشار لترامب رفض نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع «أعرف أن الأمر يخضع للنقاش. أنا أؤيد ذلك. وفي ورقة أعدها كل من اثان براون وميشيل دنّ لمركز كارنيغي للشرق الأوسط، قالا فيها ان تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية «من الممكن ان يخالف هذا الإجراء الوقائع، ويقوّض الغاية المرجوة منه، وقد ينجم عنه أضرار جانبية تهدِّد أهداف السياسات الأمريكية الأخرى. ولعل أبرز الاضرار هذه في عالم الديبلوماسية، إثر تصوير مجموعات «الإخوان الملسمين» كلها بالإرهابية، هو شعور المسلمين في اصقاع المعمورة أن القانون هو بمثابة اعلان حرب على نشطاء الإسلام السياسي لا بل على الدين الإسلامي نفسه». وأضاف الباحثان «ثمة أحزاب سياسية مشروعة في اندونيسيا وباكستان والمغرب وتونس والاردن والعراقوالكويت واليمن، وحتى في اسرائيل، جذورها ضاربة في جماعة «الإخوان الملسمين»، وشطر كبير من هذه الاحزاب يتعاون مع الولاياتالمتحدة بأشكال مختلفة. وفي الكويت، دعم حزب متحدّر من «الإخوان المسلمين» تحالف بلاده مع الولاياتالمتحدة، وفي العراق، تعاون حزب يستوحي مبادئ «الإخوان الملسمين» مع الاحتلال الأمريكي في البلاد. وفي المغرب وتونس تشارك احزاب تحاكي «الإخوان» في المجالس التمثيلية التي تتعاون من كثب مع الولاياتالمتحدة- وهي أشد المدافعين عن حقهم في السعي إلى مشاريعهم من طريق السياسات الانتخابية. وفي سوريا، دعمت واشنطن مجموعات ثوار تتحدر كذلك من «الإخوان». لكن أياً من هذه الاحزاب أو المجموعات لايصح فيها تصنيف التنظيم الأجنبي الإرهابي». ويشعر عدد من المسؤولين بالقلق من أن يؤدي أي إجراء أمريكي لتصنيف الإخوان بالكامل كمنظمة إرهابية إلى تعقيد العلاقات مع تركيا وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم «الدولة». ويتولى السلطة في تركيا «حزب العدالة والتنمية» ذو الجذور الإسلامية والذي يهيمن على حكومة الرئيس التركي طيب إردوغان. وشارك حزب النهضة الإسلامي في تونس أيضا في انتخابات ديمقراطية، فيما ووصل إلى السلطة بالوسائل الديمقراطية في مصر جوان 2012 محمد مرسي القيادي في حركة الإخوان المسلمين في مصر في أعقاب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. وعزل الجيش مرسي في 2013 عقب احتجاجات حاشده على حكمه. ويقول مسؤولون وأشخاص مقربون من فريق ترامب إن مستشارين آخرين لترامب وكثيرين من المسؤولين المخضرمين في الأمن القومي ودبلوماسيين ومسؤولين بوكالات إنفاذ القانون والمخابرات يقولون بأن جماعة الإخوان المسلمين تطورت بشكل سلمي في بعض الدول. وادرجت حركة حماس الفلسطينية، في لوائح الإرهاب الأمريكية في 1997، ومن بين الدول الأخرى التي صنفت الجماعة على قوائمها الإرهابية مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وأعرب السفير الأمريكي الأسبق في مصر دان كيرتسر، عن معارضته لمقترح تصنيف الولاياتالمتحدةالأمريكية لجماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها منظمة «إرهابية». وأشار كيرتسر، إلى أن الغالبية من المراتب المهنية في وزارة الخارجية الأمريكية ستعارض هذا الأمر. وقال كيرتسر، الذي تولى منصبه كسفير في عهد إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون (1992- 2000)، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية الجمعة، «من الواضح أنه لا يجب التعامل مع بعض المنظمات الإرهابية تحت أي ظرف من الظروف». وأضاف «ولكن عند البدء في توسيع قائمة هذه المنظمات لتشمل جماعات مثل الإخوان المسلمين، فإن ما يحدث هو أنك تقيد عدد الأشخاص الذين يمكنك التحدث والعمل معهم». وتابع «كلما أصبحت هذه القائمة أكبر، كلما صغر العالم الذي يمكن لدبلوماسيينا والعاملين في الاستخبارات التعامل معه». ولفت إلى أن «جماعة الإخوان المسلمين، تمثل جزءا كبيرا جدا من المجتمعات في مختلف الدول العربية التي ننظر اليها كحليفة، فهل من الحكمة أن نعزل تماما أي فرصة للتعامل معهم؟، أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال هي بالطبع نعم، عند مناقشة جماعات مثل تنظيم القاعدة، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بجماعة الإخوان المسلمين». ورأى كيرتس أنه «لا شك لدي بأن الغالبية من المراتب المهنية في وزارة الخارجية الأمريكية لن تنصح بالإقدام على هذه الخطوة»، أي تصنيف الإخوان على أنها منظمة إرهابية. بالمقابل أيد باحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، الداعم لإسرائيل، تصنيف جماعة الإخوان على أنها منظمة إرهابية ولكنه حذر من بعض الآثار السلبية لمثل هذا القرار. وقال إريك تراغر، للصحيفة ذاتها إن «جماعة الإخوان المسلمين، منظمة شمولية تسعى لتنفيذ تفسيرها المسيس للإسلام، وهدفها النهائي هو إقامة دولة إسلامية عالمية تتحدى الغرب»، وفق رأيه. وأضاف «لا ينبغي أن تحرص الحكومة الأمريكية على التعامل معها. وسياسة إدارة (الرئيس الأمريكي السابق باراك) أوباما، بالاشتباك الودي مع الإخوان أدت إلى نفور بعض شركائنا الرئيسيين في المنطقة». واستدرك تراغر، «مع ذلك، فإن التصنيف الإرهابي (لجماعة الإخوان) يمكن أن يكون له بعض الآثار السلبية التي ينبغي على الإدارة أن تنظر فيها بجدية قبل اتخاذ أية قرارات». وقال بهذا الشأن: «لا يمكن لواشنطن التعامل مع منظمة مصنفة على أنها جماعة إرهابية، ويجب على المحافظين أن يترددوا في تقييد الخيارات الأمريكية من هذا القبيل، وخاصة أن بعض الجماعات التي لها صلة بالإخوان، مثل حزب النهضة في تونس، هي لاعب مركزي داخل بلدان لأمريكا مصالح معها». يذكر بأن إسرائيل تصنف جماعة «الإخوان» على أنها منظمة «إرهابية». (القدس العربي)