قبل 66 عاما، وحين أقدم المرحوم الحبيب شيخ روحه مع ثلة من الوطنيين على إصدار جريدة تكون صوتا للحركة الوطنية ووسيلة لإذكاء روح النضال الوطني من أجل مقاومة المستعمر وتحقيق الاستقلال، كانوا مدركين لأهمية الصحافة في نشر الوعي وفي لمّ شمل المناضلين باختلاف مشاربهم ومواجهة الاحتلال بالكلمة الصادقة والهادفة لتحقيق أغلى حلم ظلّ الشعب التونسي متمسكا به ألا وهو التحرر واستعادة الكرامة. وبالفعل صدر العدد الأول من جريدة "الصباح" يوم 1 فيفري 1951 لتفتح صفحة جديدة في مجال الصحافة ومن ثم تؤسس لمدرسة صحفية ولأحدى كبريات الدور الصحفية في تونس، ويسجل التاريخ الدور الذي قامت به "الصباح" في دعم الحركة الوطنية وإبلاغ صوت المناضلين للتونسيين للرأي العام العربي والعالمي محتضنة ثلة من الأقلام التي لم تدّخر جهدا للمساهمة في كسب المعركة من أجل الاستقلال. وبعد الاستقلال واصلت "الصباح" الاضطلاع بدورها الوطني في إقامة أسس الدولة الوطنية الحديثة والارتقاء بأوضاع الإنسان التونسي وهو ما دأبت عليه طيلة عقود رغم التحديات والصعوبات بشتى أنواعها مما جعل منها صحيفة جديرة بالثقة ومرجعا لأجيال عديدة بفضل تمسكها بثوابت توارثتها الاجيال التي مرت على "دار الصباح" والتي قوامها المصداقية والنزاهة والانحياز للقضايا الوطنية وقضايا التحرر في العالم. ولقد نجحت "الصباح" وشقيقاتها "لوطون" و"الصباح الأسبوعي" و"الصباح نيوز" في مواكبة مختلف التطورات التي شهدتها البلاد وأدت دورها بكل أمانة متحدية العراقيل والمصاعب من أجل تقديم مادة صحفية جيدة للقارئ التونسي في ظرف تفاقمت فيه منافسة انماط الاعلام المستحدثة للصحافة الورقية. و"دار الصباح" اليوم ورغم الصعوبات ورغم المنافسة الشديدة وغير النزيهة في بعض الأحيان تصر علىالالتزام بقواعد المهنة وبأخلاقياتها سيرا على الدرب كي تظلّ منارة إعلامية يحتذى ومدرسة حقيقية تتخرج منها الأجيال. ويأتي احياء ذكرى ميلادها هذه السنة والمؤسسة تستعد لدخول مرحلة جديدة من مسيرتها بعد الاعلان عن اجراءات التفويت فيها بوصفها مؤسسة مصادرة..، ولئن بادر أبناء الدار باقتراح جملة من الحلول على الحكومة التي اختارت منها التفويت فإنهم يؤكدون على ان السقف الذي لا يجب النزول دونه هو ضمان الحفاظ على ثوابت الدار وعلى خطها التحريري بعد التفويت فيها وإقرار سلم اجتماعية دائمة وضمان نماء المؤسسة وازدهارها في اطار الحفاظ على موارد الرزق بها مع ضمان تسريح اختاري عادل ومجزي يراعي حقوق من افنوا السنوات الطوال في العمل الدؤوب والتفاني في بذل الجهد لتبقى "دار الصباح" أبية شامخة. إن بقاء "دار الصباح" منارة إعلامية بالنظر إلى مكانتها ورصيدها التاريخيين ودورها الوطنيفي مراحل تاريخ تونس المعاصر شرط أبنائها الذي لا حياد عنه.. مؤسسة صحفية كبيرة تربط بين انجازات الماضي وتتطلع إلى مواصلة دورها الإعلامي والوطني وتدعيم دولة القانون والمؤسسات وصيانة الحقوق والرقي بالإنسان التونسي والمساهمة في رفعة الوطن وصيانته والذود عنه.. وذاك ما تربت عليه كل الأجيال التي تعاقبت على "دار الصباح".